فى الصباح الباكر وعلى رصيف محطة مصر اسكندرية كانت تجلس ....
عجوز شمطاء تبدو على وجهها ركلات الأيام وتسح من عينيها أحزان السنين.
كل ما فيها مهدّم إلا صوتها الحاد الذى يصرخ :
(أنا كنت متأكدة إنك مراته التانية وإن ابنه راجل طيب لكن إنت بنت كلب تاكلى اللحمة نيّة )
كانت تردد هذه الكلمات وتعيدها وهى تنظرأمامها دون أن تحرك رأسها أو يطرف لها جفن.
وتأملت حال هذه المسكينة ....
ألم تكن فى يوم من الأيام شابة؟ا
ألم تكن جميلة مرغوبة؟ا
ألم تكن فتاة لها أحلام وأوهام ؟ا
ألم تكن يوما ما عروسا تزف على الأنغام ؟ا
ألم تكن زوجة تأوى إلى حضن زوجها فتشعر بالأمان وتتعرض للكماته فتشعر بالتعاسة ولكنها فى الحالين محل اهتمام ؟ا
ألم تكن أما تحنو على أولادها وترى فيهم عمرها وسندها ؟ا
ألم ...ألم...إلى آخر هذه ال (ألم)التى تنزف بالألم...
أين ذهب هذا كله؟
وما الذى أخرجها فى هذه السن فى هذا الصباح إلى هذا المكان ؟ا
وما الذى أذهل عقلها إلى هذا الحد الذى جعلها تشكو مأساتها إلى من يسمع ولا يهمه الأمر وغاية إنسانيته أن يمصمص شفتيه أو تدمع عيناه؟ا
هل هو ظلم الزوج وجبروته؟
أم جفوة الأولاد وعقوقهم ؟
أم قسوة الأهل وإعراضهم ؟
ترى لو أن هذه المخلوقة هذا الحطام البشرى كانت أكثر قوة وأكثروعيا وتصرفت بشكل مختلف
أخذت حقها بأظافرها وأنيابها قتلت جلاديها لو فعلت هذا أكانت تلام ؟
بالتأكيد بل كانت تعاقب بالسجن أو الإعدام.
ولكن بالله عليكم ألم يكن السجن مكانا مثاليا لها تجد فيه المأوى والطعام والاهتمام ؟
والإعدام.ألا يعنى إراحتها من هذه الأنفاس الموجعة الموجوعة؟
شىء واحد لايسمن ولايغنى من جوع ولكن لابد أن نقوله بحسرة بالغة:
التعليقات (0)