منذ حوالى خمسين عاما ثار جدل مع أحد المتصوفين -وكان مديرا للحسابات - وكان مما قاله : (كى تكون منصفا لابد أن تعرف التصوف عن قرب لأن الحكم على الشىء فرع عن تصوره ) واقترح أن يأخذنى إلى (حضرة الشيخ نور )وهناك سأرى وأسمع .
ووافقت .و ذهبنا إلى الشيخ نور فى أحد دروب (شبرا الخيمة ) وجلسنا ننتظر اكتمال الحضور وجلس الجميع فى دائرة ثم جاء الشيخ نور.
جلس وسط الحلقة وأخذ يتحدث حديثا معتادا مع هذا ومع ذاك ثم جاء الخادم (بكوب واحد من القهوة ) قدمه إلى الشيخ الذى (تفل )فيه....
أى والله العظيم (تفل فيه ) ثم قدمه إلى الجالس عن يمينه فرشف منه رشفة ثم قدمه لمن يليه ...وكان لابد أن يدركنى الدور وقد انقلبت معدتى ولما جاءنى الكوب ناولته لمن يلينى على الفور والعيون تكاد تحرقنى ....وانتهت دورة الكوب المشئوم ...ثم ...........لاشىء.
تحدث الشيخ نور عن استكمال بناء البيت الذى نجلس فيه وأنه يحتاج إلى كذا وكذا وهكذا انتهت الجلسة .
وعدت مع الباشمحاسب وإذا به يقول :ما رأيك ؟أليس مجلسا نورانيا ؟ قلت له :يا أستاذ لقد كان مجلسا مقززا ماذا فعل شيخك ؟
قال :ألا تعرف أن النبى صلى الله عليه وسلم تفل فى البئر المالحة فصارت عذبة ؟
قلت :يا الله أو قد صار شيخكم نبيا يصنع المعجزات ؟ هل قال الشيخ نور جملة واحدة مفيدة تستحق عناء القدوم إليه ؟
بعد هذا الموقف بحوالى عشر سنين دعيت إلى حضرة صوفية فى مدينة (بنغازى ) فى ليبيا وإليكم تسجيلا لما جرى ...
لما تكامل القوم أطفئت الأنوار وبدأ الحضور يقولون معا بصوت هادىء "الله " ثم أخذ ت الأصوات تعلو وتتسارع ثم انتفض القوم
واقفين وهم يتمايلون يمينا وشمالا وقد تحول لفظ الجلالة إلى (هه هه هه ) ثم بدأت الأصوات تنخفض رويدا رويدا حتى هدأت وجلس القوم وأضيئت الأنوار وأخذوا يتكلمون كل فيما يخصه .
.................................................................هذان الموقفان وتجارب أخرى عديدة كان لها أثر كبير فى دفعى إلى البحث فى أمر التصوف من نواحيه .وها أنا أقدم لكم حصيلة هذه الدراسة .فى حلقات .
التعليقات (0)