هل كان يصلي النبي على نفسه
من الأوامر التي جاءت للمؤمنين في القرآن الكريم أن يصلوا على النبي، بمعني اتصالهم بنهج النبي وتمسكهم بشرع الله القرآن الكريم، كما فعل ذلك النبي محمد عليه السلام بتمسكه بالقرآن ليكون للمؤمنين القدوة في تطبيق القول والفعل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفعل الرسول غير ما أمر به من رب العالمين، ولنتخيل أننا الآن نعيش مع خاتم النبيين عليهم جميعاً السلام، ماذا كان سيفعل الرسول في أي جلسة تخص تبليغ الوحي للناس؟!.. أو ما كان يسأل عنه الرسول وماذا كان سيبدأ كلامه مع الناس؟!.. هل كان الرسول سوف يقول مثل ما تقول المسلمين الآن صلي على النبي في كل شيء أم انه كان سيقول مثل ما أمره الله أن يقول في القرآن يقول تعالى:
((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية 64.
أي الأصل في الموضوع هو توحيد الله وعبادة الله دون شريك، والذي يعبد الله بلا شريك ليس مطلوب منه غير أن يذكر الله وليس النبي، أي أن النبي نفسه كان يذكر الله ولم يذكر نفسه، يقول تعالى:
((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) سورة الأحزاب آية 35.
ومما لا شك فيه ولا جدال ليس هناك أكثر من أنبياء الله ذكراً لله تعالى، أي الذاكرين الله وليس الذاكرين النبي، وإن ذكر الله وإتباع شرع الله هي الصلاة على النبي من مفهوم القرآن، وأن الله قد أمر الرسول نفسه أن يتمسك بذكر الله تعالى، يقول تعالى:
((إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)) سورة الكهف آية 24.
ثم يقول الله تعالى:
((وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً{100} الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً{101} أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً{102} قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً{105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً{106} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً{107} خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً{108} قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً{109} قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً{110})) سورة الكهف.
أي كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله وعن آيات الله وشرع الله وليس ذكر النبي أو غير النبي، ثم يتوعد الله الذين لم يذكروا الله بقوله تعالى:
((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)) سورة النساء آية 142.
أي بذكر الله يستقيم الإنسان، والذكر هنا تعني ذكر الله، وتردد اسم الله في القرآن وليس أسماء النبي أو الأنبياء عليهم جميعاً السلام، وإذا كنت تقرأ في القرآن يقول تعالى:
((الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) سورة الرعد آية 28.
أي الذي ينسى ذكر الرحمن ويركز في الحياة على ذكر النبي والسابقين لا يلوم غير نفسه كما قال الله تعالى:
((وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ)) سورة الأنبياء آية 36.
أي النبي نفسه كان لا يذكر غير الرحمن، فمن يريد أن يصلي على النبي لا يذكر غير الله يقول تعالى:
((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) سورة الحشر آية 19.
التعليقات (0)