اللهم لاشماتة .بعد سقوط مبارك ونظامه لايتسع الوقت للشماتة ولكن للتأمل واستيعاب الدروس .فالسعيد من اتعظ بغيره والشقى من اتعظ به غيره . ومن هذه (الملحمة البيضاء )نستلهم هذه العب:
أولا:أن الكرسى لن يدوم لحاكم ولو دام لغيره ما وصل إليه .وعلى الحاكم العاقل أن يعد ليوم الرحيل من أول يوم جلس فيه على الكرسى .
ثانيا:أن الطمع لاساحل له ومدة رئاسة تغرى بالثانية واثنتان يغريان بالثالثة ولا يملأ جوف الحاكم الطماع إلا الموت أو الإسقاط .
ثالثا:أن المال له بريقه مثل الكرسى وحين تتفتح الشهية لجمع المال فإنها لاتقف عند حد ويكون الجمع هدفا فى حد ذاته وليس وسيلة لإشباع الحاجات.
رابعا:أن الكرسى والمال يفعلان فى النفوس الضعيفة فعل السحر فيبرزان نقائصها من الغرور والتكبر على عباد الله واعتبارهم هملا وخدما.
خامسا:أن الطاغية يرى عقله فوق العقول فيخسر آلاف العقول الراجحة التى تفر من طغيانه ويكون أسيرا لبطانة تنافقه وتصفق له وتتسلق على كتفه وتزين له الهاوية .
سادسا:أن الطاغية أعمى لايرى إلا بشهواته ويغمض عينيه عن حركة التاريخ ومصارع الطغاة وكأنما توقف التاريخ عنده وجلس تحت قدميه ليسجل إنجازاته الوهمية ولا يستفيق إلا بعد فوات الأوان.
سابعا:أن الطاغية يبدو قويا عملاقا مخيفا وهو يغذى هذه الأوصاف فى نفوس الناس ويصنع منها سياجا يحميه ولكنه عند التجربة الجادة والثورة الشجاعة سرعان ما يبدو على حقيقته ضعيفا خائرا هشا وكأنه نمر من ورق .
ثامنا:أن تلك العصابة التى تحيط بالطاغية لا تحبه بل تستغله وهو بإيجابياته مفيد لها وهم بسلبياتهم محسوبون عليه ,حتى إذا حانت ساعة الحساب قالوا إنه قهرهم ,وإذا سقط الطاغية كانوا أول من يتبرأ منه.
تاسعا:أن الحذر قد يؤتَى من مأمنه وقد يضرك أقرب الناس إليك فقد كان حرص مبارك على توريث ابنه القشة التى قصمت ظهر البعير وأضاعت كل شىء فلا هو بقى ولاابنه فاز .
عاشرا:أن الغايات تصنع الخطوات والأهداف تصنع طرق الوصول إليها فإذا كانت غايتك نبيلة كانت الخطوات إليها نبيلة وهذا هو القانون الطبيعى العادل أما كون (الغاية تبرر الوسيلة )فذلك سبيل الانتهازيين لا الشرفاء.
وبعد :
فهذا فصل من فصول التاريخ حاكم طغا وتجبر وشعب ثار وتمرد وعلم العالم أن إرادة الشعوب من إرادة الله وأن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة .
التعليقات (0)