سقط حسنى مبارك سقوطا مدويا ,ولا أحسب أن رئيسا انشغل العالم كله بسقوطه مثل هذا الرجل وكأنما دعا عليه ملايين المظلومين (ربنا يفرّج عليك خلقه )فعاش العالم يتفرج عليه ثمانية عشر يوما وهو يتدحرج من القمة إلى الهاوية أمام من ؟ أمام شباب أعزل من كل سلاح إلا عزيمته وإصراره على رحيل مبارك ,ووقف يتحدى همجية النظام بصدور عارية مؤمنة ,وانهار مبارك سريعا ودون أن تطلق رصاصة واحدة . ولكن .....
هل انتهى الأمر برحيل مبارك وسقوط نظامه ؟
اللهم لا . فهناك مئات القتلى وآلاف الجرحى والمشوهين الذين يصرخون طلبا للقصاص العادل. وهناك مئات الآلاف من الملايين من الدولارات التى نهبها هو وأسرته والتى نهبها كثيرون ممن كانوا حوله والتى تشكل مقدرات هذا الشعب ويمكن أن تكون مفتاحا لحل أزماته كلها .
إنه الدم والمال يلاحقان الرئيس المخلوع .
وإذا كان من الممكن استرداد الأموال فكيف تسترد الأرواح ؟
إنها محكمة التاريخ التى لاتغفر لحاكم أن يسرق أرواح شعبه وأمواله ولو كان له دور فى حرب أكتوبر على اعتبار أنه كان موظفا يؤدى واجبه وليس من النبل أن تؤدى واجبك ثم تعد ذلك جميلا تذل به العباد والبلاد, وليس من النبل أن تفعل لإنسان معروفا ثم تجعله سيفا مسلطا على رقبته ,وليس من الشهامة أن تتصدق بصدقة ثم تبطلها بالمن والأذى مع أن خدمة مبارك فى الجيش ليست معروفا ولا صدقة بل هى واجب كغيره من أبناء القوات المسلحلة ولو تخلى عن هذا الواجب لاعتبر خائنا خيانة عظمى يعاقب عليها بالإعدام .
وإذا كان مبارك قد قام بواجبه أول الشوط فقد خان واجبه بعد ذلك حين سمح بنهب ثروات الوطن بل وشارك فى ذلك ,وخان واجبه حين تجاوز الحد فى امتداد حكمه ثلاثين عاما . وخان واجبه حين زيف إرادة الشعب فى الانتخاب ,وحين حاول جاهدا أن يورث ابنه .
لقد كتب تاريخه بريشة الظلم والقهر فحقت عليه ثورة الشعب الذى التف حول شبابه بكل فئاته وشقت حناجره عنان السماء (ارحل ) فلم يكن أمامه إلا الرحيل والسقوط .
التعليقات (0)