في العالم زعامات كثيرة بلغ أصحابها مناصب الزعامة لكثرة ما عندهم من المال, وهناك رجال بلغوا مناصب القيادة والزعامة بما لهم من أعمال مجيدة غيرت حياة أمتهم, ورفعت شأنها بين الأمم. وشتان بين شخص ورث المال فيشتري به زعامته, وأخر اشتري حب الناس وفاز باحترامهم وترأسهم بتفوقه وتميزه وانفراده بصفات لا تكون إلا في زعيم حقيقي لا ينساه التاريخ وهي هبة من الله يعطيها لمن يشاء. إن المال يشوه العلاقات الإنسانية ولاسيما في عصرنا المادي فهو أساس الاستكبار عند الأغنياء وسبب تفشي النفاق عند المنتفعين وهو أيضا أداة شراء الذمم ووقود المؤامرات والقاسم المشترك في كل نزاع فردي أو دولي. كما أن المال قد أمال رؤوس الشيوخ وأهل الفتوى فأفتوا بما يريح فجعلوا القرآن عضين ومن هنا تضاربت فتاواهم وتعارضت بل أفتوا بالحل والحرمة في تصرف واحد. إن تهافت الناس أو بعضهم لتقديم العون والتأييد لمن عنده المال وربما كفاهم ثمنا لذلك دعوة إلي وليمة! إننا حين ننظر إلي مثل هؤلاء الأشخاص علي موائد الأغنياء نشعر بالشفقة علي هؤلاء المساكين الذين يركضون خلف بطونهم فاتحين الجيوب لبعض القروش مغلقين العقول والأفهام عن الحق لأن باطلهم أكثر ضمانة للحصول علي المال ولو كان رديئا. إن سقطة (العالم) الديني في هذه المهانة تسقطه في عين المتعففين والمحافظين علي كرامتهم ولو كان بهم خصاصة. إن الذين يأبون أن يكونوا مع الساعين للموائد هم الذين قيل فيهم لا يسألون الناس إلحافا. إن زادهم في الدنيا عزة أنفسهم. وميراثهم بعد أن يرحلوا عن الدنيا طيب الذكر وجمال السيرة.
التعليقات (0)