مواضيع اليوم

الجزء الأول من كتاب " المتنبي يحلل واقع الثورة السورية "

مواطن مهم

2012-12-03 09:38:55

0

                                                                               تقديم

قارئي الكريم يسرني كثيرا أن استضيف في كتابي هذا قامة سامقة في فن التحليل الواقعي للأحداث .عاش ومات ولا يزال حيا في وجدان الإنسان والمكان والحدث العربي. فكل ما قاله قبل الف وثمانين سنة أي قبل وفاته في العام354 للهجرة المقابل 965م ينطبق تماما على ما يحدث اليوم . وما عايشه في تلك المرحلة نعيشه الآن بكل تفاصيله ما يحقق معنى المثل العربي القديم الذي يقول "ما أشبه الليلة بالبارحة " وانطلاقاً من السمات المتشابهة بين تلكَ الحقبة التي عاش فيها المتنبي وعاشهما العالم العربي في زمنِهِ من التجزئة والفرقة وتلك التي يعيشها واقعنا العربي الراهن وخاصة الواقع السوري وجدت نفسي بحاجة لاستدعاء ذاكرة المتنبي الذي آمل أن تصدق نبوءته في تحليل وتشريح واقع الثورة السورية اليوم بعد أن طواه البعد عن الشام عشرة قرون وأزيد

                                                                        تقديم عن المؤلف
ضيفي الكريم لي الشرف أن أكتب عنك مقدمة بسيطة بكل تأكيد لن ترضي غرور مقامك ولن تفي بحق قدرك ولن تشبع طموحي في أن أصفك بما أنت له كفؤ إلا انه جهد المقل وعليك قبوله لأنه لا يمكن لأحد أتى بعدك إن يرقى لمستوى تنبؤك وتفكيرك .
ضيفي الكريم "بين الفترة التي عشت فيها والفترة التي نحن الآن فيها إلف وثمانون سنه بالتحديد.إلا أن الأوضاع التي عاصرتها وعاصرتها الأمة آنذاك شبيهة جدا بالأوضاع التي نعيشها وتعيشها أمتنا في الوقت الماثل. وكأن كل تلك السنين مرت دون أن يحدث ما هو جديد. ففي الفترة التي عشتها شهدت تفكك الدولة العباسية وقيام كثير من الدويلات الإسلامية على أعقابها .وفي بغداد فقدت الخلافة سطوتها ومقامها وهيبتها وأصبحت السلطة الفعلية للوزراء وقادة الجيش وجلهم من غير العرب أي من الفرس الذين تسلطوا على الحكم ، وحكموا قبضتهم على الحواضر والمدن الإسلامية . وتزامن ذلك مع بروز حركات دموية شنيعة في العراق كحركة القرامطة. الأمر الذي يشبه وضع بغداد اليوم حيث تتحكم إيران في كل مفاصل الحياة السياسية إضافة إلى التفجيرات التي تشهدها كل المدن العراقية بشكل يمكن أن يكون يوميا . أما في الشام سوريا أعني التي عشت في كنفها زمنا طويلا مقارنة بالأزمان التي عشتها في سواها فقد ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في حمص وحلب وإنطاكية وسواها إضافة للأطماع الخارجية التي تتصيدها من كل ثغر، على غرار ما تعيشه سوريا اليوم من الحرب والانقسام الذي أختلف على تسميته وهويته من ثورة شعبيه وحرب طائفية وجماعات مسلحة وميليشيات قاعدويه وما سواها من التعريفات وكما يحدث الآن من تدخل أجنبي في سوريا بحثا عن المصالح والأطماع . أما في مصر التي ذهبت إليها وكانت تحت حكم استبدادي كافوري أشبه ما كانت علية مصر قبل ثورة 25 يناير2011م وليست ببعيد عن ما هي عليه الآن تحت حكم الأخوان .و في ظل هذه الظروف المتماثلة مع فارق الهوة الزمني السحيق يبقى السؤال الكبير أليست إلف عام كفيلة بان تتغير فيها ظروف أمتنا ومنطقتنا إلى الأفضل وما هو سر هذه الديمومة على حال لا يسر أحد بل يضر بكل أحد على هذه البسيطة. حتى أشغلنا العالم بأزماتنا وحروبنا وعبثياتنا . ولأن أي أحد في عصرنا الحاضر لا يمكن له الإجابة على هذا السؤال . أثرت أن أعود إلف وثمانون سنه إلى الوراء لألقي هذه المقابلة مع الرجل الذاكرة الثورية الأولى في الوطن العربي أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكندي الكوفي الموصوف بالمتنبي وهو المتخصص في وصف المعارك المسلحة وسجالاتها والسيوف وماركاتها والخيول وصهواتها . لعلي أجد عنده ما يروي نهم القراء من خلال إجاباته على الأسئلة التي أخصصها عن الثورة السورية . والتي أيدها ضيفي الكريم منذ ولادتها كونها على ما يبدوا تحقق له الحلم الذي فشل عن إتمامه في هذا البلد . حيث مارس أدواراً سياسية وقيادية في وقت انشغل العرب فية بالحروب والنزاعات البينية فيما حضارتهم تتآكل وتتهاوى وتذوب . حيث بدأ بتوجيه قبيلته بني كلب الشهيرة بتاريخها الثوري الطويل والمهيأة أساسا لقبول مثل هكذا أفكار تحررية تدعوا للثورة على الأوضاع السائدة. والتي تهدف أساسا لتخليص العرب من حكم الأجانب الغرباء الذين تسلطوا على مقاليد الأمور في ديار العرب . وكون أبا محسد بدوي النزعة خالص العروبة يقدس القومية العربية ويؤثر العنصر العربي على ما سواه ، فقد حرض ضد كل ما هو أجنبي وسعى في سبيل ذلك جهده من خلال ثورة صغيرة في بادية السماوة اختلطت فيها المبادئ السياسية بالدينية، والطموح بالمغامرة وحب السلطة بالنفاق والانتماء بالخوف على الهوية. وحين شاهد العربيّ الهوى واللسان والانتماء، الأعاجم والعبيد متسلطين على البلدان والناس، منهم القادة والأمراء والولاة، ، أمتلئ بالسخط والنقمة، وثارت قريحته بشعر يعبر عن ما يختلج في نفسه .نفس الإنسان العربي عبر التاريخ من أنف واعتزاز وحزن واكتئاب . وناد ى ملوك العرب بأعلى صوته قائلا
وإنما الناس بالملوك وما
تفلحُ عُربٌ ملوكها عجمُ
لا أدبٌ عندهم ولا حسبٌ
ولا عهودٌ لهم ولا ذممُ
بكل أرضٍ وطئتها أممٌ
تُرعَى بعبد كأنها غنمُ
يستخشن الخزّ حين يلمسه
وكان يُبرَى بظفره القلمُ
، إلا أن رد أولئل الحكام الأجانب جاء سريعا فقام لؤلؤ والي حمص من قبل كافور الإخشيدي حاكم مصر بالخروج بجيش كبير نحو قبيلة بني كلب وقبض عليه وعلى بعض من كبار شيوخ قبيلته ، وتم سجنه في حمص خوفا من تأثيره المتوقع على الناس. وبرغم أن السجن لم يقتل في ضيفي روح ونزعة الثورة بقدر ما أجبره على تغيير مساره الثوري حيث تخلى عن العمل الثوري المسلح , ولجأ إلى السلاح الأقوى الشعر مكتفيا به كوسيلة إعلامية أنجح للوصول لأهداف ضن أن تحقيقها سيكون عبر سلسلة لا متناهية من الحل والترحال عند كثير من وجها وأمراء وذوات تلك المرحلة بحثا عن منصب وأمارة يمكن أن يحقق من خلالها مشروعة السياسي الثوري وفق ما قاله ذات مرة

فما حاولت في أرض مقاماً
ولا أزمعت عن أرض زوالا

على قلقٍ، كأنّ الريح تحتي
أوجّهها جنوباً أو شمالا
. ضيفي الكريم في ظل هذا التشابه الكبير بين الظروف التي أحاطت بك وتحيط الآن بالوضع العام العربي والخاص السوري أسمح لي أن أقول للقارئ الكريم عن أسباب استضافتك لتحليل واقع الثورة السورية من خلال تتبع مراحلها وإحداثياتها . فأنا لم أستضيفك كونك شاعرا فهذا معلوم للجميع ولا يختلف حوله رأيين فأنت القائل
وما أنا إلا سمهري حملتهُ
فزين معروضا وراع مسددا
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمراً
وغنى به من لا يغني مغرداً
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما
بشعري أتاك المادحون مرددا
- ولم أستضيفك كونك فيلسوفا وحكيما فذلك ايضا معروف فأنت من قلت
أفَاضِلُ النّاسِ أَغْراضٌ لدى الزَّمَنِ
يَخْلو مِنَ الْهَمِّ أَخْلاهُمْ مِنَ الْفِطَنِ
وأنت القائل
كُلُّ حلْم أَتى بِغَيْرِ اْقتِدارٍ
حُجَّةٌ لاجئٌ إِليْها الِّلئامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الْهوانُ عليْهِ
ما لِجُرْحٍ بميِّتٍ إيِلامُ
- بل وتوصلت في هذا الشأن إلى جوهر الفلسفة العدمية حين قلت
كل ما لم يكن من الصعب في
الأنــفس سهل فيها إذا هو كانا
ولكنني استضفتك كونك ثائرا بطبيعتك وثوريا بتفكيرك والثائر بالسليقة يشعر بما يشعر به الثوار الحقيقيون وعليه فكرت كثيرا في الطريقة التي يمكن لي بها التواصل معك وكيفية الوصول إليك بعد هذا المدى الزمني السحيق الذي يفصل بين زمنينا. وبحثت كثيرا في الطريقة التي تمكنني من إقناعك بالظهور إعلاميا كمحلل للواقع المأزوم في سوريا . وحين حظيت بموافقتك على إجراء هذا إلقاء الاعلامى الذي يعد الأول معك لأي وسيلة إعلاميه عربيه كانت أو دوليه تناقش واقع الثورة السورية فأنني اعتبر نفسي محظوظا بحضورك وممتنا لأفضالك بأن خصيتني بهذا السبق الصحفي الغير مسبوق لي و لكتابي .
- سيدي قبل الشروع في الحديث عن الشأن السوري وكمدخل للقاء دعني أعود بك إلف وثمانون عام إلى الوراء لأسألك عن ثورتك الأولى في بلاد الشام وتحديدا في المرتَفعاتِ المطلّةِ على مدينةِ «سَلَمية» والواقعةُ بيْن «برْقان» شرْقاً و«براق» غرْباً والتي انكسرت في أول مواجهة صادمة لها وهزمت على يد لؤي الغوري والي الإخشيديين على حمص وأودعت السجن بسببها لسنتين ونصف السنة فما الذي تتذكره حول تلك الثورة
تَذَكّرْتُ ما بيْنَ الْعذيبِ وبارِقِ
مجَرَّ عوالينا ومَجْرى السّوابقِ
وَصحبةَ قومٍ يذبحون قنيصَهم
بفضْلةِ ما قَدْ كسروا في الْمفارقِ
توهّمها الأَعرابُ ثورَةَ مُتْرَفٍ
تُذكِّرُهُ الْبيْداءُ ظِلَّ السُّرادِقِ
فذكَّرْتَهم بالْماءِ ساعةَ غَبَّرَتْ
«سَماوةُ كَلْبٍ» في أُنوفِ الْحزائقِ
- سيدي كانت ثورتك الثانية على الدولة الحمدانية بعد خروجك من عاصمتها حلب حين تغير عليك سيف الدولة خاصة بعد أن رماك ابن خالويه بدواة الحبر في بلاط سيف الدولة ، ولم ينتصف لك الأمير ولم يثأر لجرحك الأمر الذي سبب ألما غائرا في نفس عزيزة لا تقبل البقاء على ضيم وضر . فهل كانت الثورة على سيف الدولة نفسه أم اقتصرت على بطانته وحسادك من مجالسوه . وما الذي قلته حينذاك
إذا بدت المعالي مستحيلُ
فإنها بالقنا العالي تطال
و إن رمت لمجد فالسبيل
خيول لا يساورها الحلولُ
وما انتصرت بلا حرب شعوب
ولو لم ننتفض بقي المغول
هو التاريخ أصدقنا مقالا
ومرشدنا إذا ضاع الدليل
يعلمنا بأن الدرب حرب
نشقه بالسيوف ولا نكل
إذا كان السبيل بلا دماء
فذاك الدرب سالكه ذليل
كبار القوم مالي إذ أراكم
رؤوسا بيننا ولهم ذيول
لكم شعراؤكم وهم دفوف
تنفخكم فيغدو النمل فيل

و قد مدحوا ومدحهم رثاء
فممدوح بلا نصر قتيل
وأما الشاعر الحر فحر
بسجنه أو يحرره الرحيل

إذا أبصرت في الدنيا نحيلا
ثقيل الخطو منطقه كسول
فلا تلم القداح براحتيه
ولم من بالوصال له بخيل
- يبدوا من إجابتك أن الثورة في بدايتها لم ترق إلى مستوى رأس هرم الدولة الحمدانية. إلى أن العارف بشخصيتك المنتفضة الثائرة لا يتوقع أن تقف عند هذا الحد كونك لا ترى نفسك شاعرا عند أمير بل تراها في مكانة تماثل مقام الأمير ويحق لك ذلك والسؤال هل اتخذت ثورتك مسارا متصاعدا نحو رئيس الدولة وماذا قلت له
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل غره في جهله ضحكي
حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم
ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي
أنا الثريا وذان الشيب والهرم
وشر ما قنصته راحتي قنص
شهب البزاة سواء فيه والرخم
بأي لفظ تقول الشعر زعنفة
تجوز عندك لا عرب ولا عجم

- إلى هذا الحد والأمر مقبول وان كان فيه نوعا من التعرض لسيف الدولة وأظن ما هو آت أدهى وأمر فما الذي حصل
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
وللنفس أخلاق تدل على الفتى

أكان سخاء ما أتى أم تساخيا
- أعتقد أنك مررت في تلك الأثناء بحالة غضب أجبرتك على أن تظهر ما تضمر من كامن وساوسك ونزعاتك الراغبة في الخروج على السلطان والاستظهار بالشجعان فكيف غضبت وماذا قتل
لقد تصبرت حتى لات مصطبر
فالآن أقحم حتى لات مقتحم
لأ تركن وجوه الخيل ساهمة
والحرب أقوم من ساق على قدم

ومرهف سرت بين الجحفلين به

حتى ضربت وموج الموت يلتطم

فالخيل والليل والبيداء تعرفني

والطعن والضرب والقرطاس والقلم
- أبو الطيب ثورتك الثالثة كانت على كافور الأخشيدي والي مصر بعد أن استبدلته بسيف بني حمدان باحثا عن موقع قوة يساعدك على بعث حلمك القديم حلم التغيير، حلم الثورة فمدحته أولا فماذا قلت
تفضح الشمس كلما ذرت
الشمس بشمس منيرة سوداء
إنما الجلد ملبس وابيضاض
النفس خير من ابيضاض القباء
- إلا إن التعقيدات التي تلت ذلك حولت إحباطك إلى يأس مطبق، فلا كافور بالحاذف الحر الذي يفهم بالإشارة ولا أسلوب الطلب بالتلميح الذي استخدمته لفت نظرة تجاه ما تريد فكيف أوصلت رسالتك وبأي أسلوب أبرزتها
أرَى لي بقُرْبي منكَ عَيْناً قَريرَةً
وَإنْ كانَ قُرْباً بالبِعَادِ يُشَابُ
وَهَل ناقعي أنْ تُرْفَعَ الحُجبُ بَيْنَنا
وَدونَ الذي أمّلْتُ مِنْكَ حِجابُ
أقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفّ عَنكُمُ

وَأسكُتُ كَيمَا لا يَكونَ جَوَابُ
وَفي النّفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطَانَةٌ
سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَها وَخِطابُ
وَمَا أنَا بالباغي على الحُبّ رِشْوَةً
ضَعِيفُ هَوًى يُبْغَى عَلَيْهِ ثَوَابُ
وَمَا شِئْتُ إلاّ أنْ أدُلّ عَوَاذِلي
عَلى أنّ رَأيي في هَوَاكَ صَوَابُ
وَأُعْلِمَ قَوْماً خَالَفُوني فشَرّقُوا
وَغَرّبْتُ أنّي قَدْ ظَفِرْتُ وَخَابُوا
- إلا يعني هذا إن خوفك من خيبة الأمل أستلتزم منك أسلوبا آخر تظهر فيه التصريح بمشروعك وطموحك السياسي فكيف كان ذلك
إذا لم تُنِطْ بي ضَـيْعَةً أو ولايَة
فجودُكَ يكسوني وشُغْلُكَ يسلُب
- يبدوا انك لم تقنع كافور بأنك ستمثل دعما استراتيجيا ولوجستيا لدولته كونك فارس مغوار و إعلاميا وشاعر لا يشق له غبار في حين أعطاك الولاية في أي مكان من إرجاء دولته الكبيرة برغم محاولتك فكيف كانت هذه المحاولة,
فارْم بي حيث ما أردت فإنّي
أسَدُ القلب، آدَمِيُّ الـرُّوَاء
- وحين أنقطع سلك الرجاء الناقل لحرارة الأمل في الأمارة والولاية بدأت الثورة مباشرة نحو رأس الدولة الإخشيدية وكانت ثورة لم يستطع معها الإعلام منذ إلف سنة وبكل وسائله من إن يمسح الصورة التي رسمتها عن كافور بني اخشيد فكيف بدأت وماذا قلت
إني نزلت بكذابين ضيفهم
عن القرى وعن الترحال محدود
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود

- ولكن ثورتك على كافور كانت اشد وطأة وأقوم قيلا حتى بلغ الأمر بك إلى تانيب الشارع المصري بل والعربي ضده فكيف كان الأمر
أمَا في هَذِهِ الدّنْيَا كَرِيمُ
تَزُولُ بِهِ عنِ القَلبِ الهُمومُ
أمَا في هَذِهِ الدّنْيَا مَكَانٌ
يُسَرّ بأهْلِهِ الجارُ المُقيمُ
تَشَابَهَتِ البَهَائِمُ وَالعِبِدّى
عَلَيْنَا وَالمَوَالي وَالصّميمُ
وَمَا أدري إذَا داءٌ حَديثٌ
أصَابَ النّاسَ أمْ داءٌ قَديمُ
حَصَلتُ بأرْضِ مِصرَ على
عَبيدٍ كَأنّ الحُرّ بَينَهُمُ يَتيمُ
كَأنّ الأسْوَدَ اللابيّ فيهِمْ
غُرَابٌ حَوْلَهُ رَخَمٌ وَبُومُ
أخَذْتُ بمَدْحِهِ فَرَأيْتُ لَهْواً
مَقَالي لِلأُحَيْمِقِ يا حَليمُ
وَلمّا أنْ هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيّاً
مَقَاليَ لابنِ آوَى يا لَئِيمُ
فَهَلْ مِنْ عاذِرٍ في ذا وَفي ذا
فَمَدْفُوعٌ إلى السّقَمِ السّقيمُ
إذا أتَتِ الإسَاءَةُ مِنْ وَضِيعٍ
وَلم ألُمِ المُسِيءَ فَمَنْ ألُومُ
- ولم تكتفي عند هذا الحد بل تجاوزت لغتك الثائرة كافور واصلة إلى الأمة العربية كافة في محاولة على ما يبدوا لاستنهاض ثورة مشاعرهم وعواطفهم فما ذا قلت
من أيةِ الطرقِ يأتي نحوك الكرمُ
أين المحاجمُ يا كافور والجلم
جاز الألي ملكت كفاك قدرهم
فعرفوا بك أن الكلب فوقهمُ
لا شيء أقبح من فحلٍ له ذكرٌ
تقوده أمةٌ ليست لها رحمُ
سادات كل أناس من نفوسهم
وسادة المسلمين الأعبد القزمُ
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأممُ
ألا فتًى يورد الهندي هامته
كيما تزول شكوك الناس والتهمُ
- سيدي أنت مالئ الدنيا وشاغل الناس فحولك تختلف الرؤى وتتقاطع التفسيرات وتكثر التناقضات حتى حول ثوراتك أنقسم النقاد وأختلف الرواة فذكر الأستاذ محمود محمد شاكر إن ثورتك ثورة علوية في بادية بني كلب «بادية السماوة» وقال الدكتور طه حسين ان ثورتك قرمطية، فيما يعتبرك كثير من النقاد براغماتياً لا مبدأ له ، كونك مدحت سيف الدولة الحمداني الحاكم في الشام وكافور الإخشيدي الحاكم في مصر. على الرغم من أن الاثنين كانا عدوين وصلت بهما العداوة إلى حد الاحتراب. ما جعلهما متفقان بلا اتفاق على حرمانك من كل طموح سياسي كونك بلا ولاء سياسي. فيما هناك رأي آخر يقول أنك قمت بحركة تمرد هويتها عروبية بحته هدفها الثورة على الولاة الأجانب في بلاد العرب من فرس وأتراك واخشيدين . وضح لنا هويتك الثورية إذا تكرمت
أنا أبن اللقاء أنا ابن الـسـخـاء
أنا ابن الضراب أنا ابن الطعان
أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافـي
أنا ابن السروج أنا ابن الرعان
قضاعة تعلم أني الفـتـى الذي
ادخرت لصروف الزمان
ومجدي يدل بني خنـدف
على أن كل كريم يماني
- رفضت يا أبا الطيب حالة الاستلاب، مهما كان مصدره ولم تخف ما يجول بخاطرك من شجاعة تمكنك لأن تكون بديلا محتملا لأي حاكم
أي محل أرتقي
أي عظيم أتقي
وكل ما قد خلق الله
وما لم يخلق
محتقر في همتي
كشعرة في مفرقي
سيدي الفاضل بعد أن استعرضت معك تجاربك الثورية التي أستطيع أن أقول عنها مع الاعتذار لشخصك أنها ثورات عقيمة لم يخرج من رحمها شيء ذي بال . نأتي لمحور لقاءنا والذي يتركز بمجمله حول القضية الاشكل إشكالا في عالمنا العربي والمنطقة والعالم وهي الثورة السورية
- في البداية أستاذي اسمح لي إن أقتحم خصوصيتك وأسأل سؤال لا يملك الإجابة عليه سواك . وهو أنت شيعي المذهب علوي الطائفة كما صرحت ذات مرة وقلت
اذا علويٌ لم يكن مثل طاهر
فما هو إلا حجةٌ للنواصب
هو ابن رسول الله وابن وصيه
وشبههما شبهت بعد التجارب
فحييت خير ابن لخير أبٍ بها
لا شرف بيت من لؤي بن غالب
وكذلك بشار الأسد علوي فما الذي دفعك للوقوف بجانب الثورة وانت تعلم جيدا أن الثورة انطلقت من المساجد وبخلفية دينية سنية
فلقد عرفت وما عرفت حقيقة
ولقد جهلت وما جهلت خمولا


ما كل من طلب المعالي نافذا
فيها ولا كل الرجال فحولا
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !