تلك مشكلتنا , بل مصيبتنا الكبرى , وهى القداسة التى تعطيها مجتمعاتنا لبعض الأشخاص أو المؤسسات أو العقائد ثم تكون النتيجة وبالا على البسطاء والأبرياء . أسبغت شعوبنا القداسة على بعض القادة الذين سببوا لشعوبنا الهزائم والفقر والتخلف ثم بدأت تظهر مساوئهم بعد انتهائهم موتا أو خلعا . فى مصر أعطينا القداسة لمؤسسة الجيش وأسبغنا عليه صفات البطولة والشجاعة وحماية الأرض والعرض ونسينا أن قادة الجيش الذين استولوا على السلطة هم الذين قادوا الوطن الى هزائم لا يزال يدفع ثمنها حتى الآن وبددوا ثرواته على أسلحته وعلى مزاياهم ومخصصاتهم بحيث أصبحوا طبقة فوق الطبقات , وأصبح الزى العسكرى رمزا لجماعة فوق الجميع , أعطينا القداسة لرجال القضاء فاعتبروا أنفسهم ملائكة فى مجتمع من الشياطين , مع أن كل ممارسات نظام مبارك وقمعه واستبداده انما تمت تحت عيونهم دون أن يعترض أى منهم , بل ان المجالس النيابية المزورة انما تمت تحت اشرافهم وبمباركة شرعيتهم , ثم تأتى هذه القداسة التى يريد البعض اسباغها على تفسيرهم الخاص للدين , ولا يقبلون نقدا لفكرهم أو مراجعة لآرائهم , بل يرمون غيرهم بالكفر والخروج عن الملة , لقد حولوا الدين الى انتهازية مكشوفة حين نزلوا الى ميدان التحرير براياتهم الطائفية فكانوا سببا فى تفجير البلد , ثم انسحبوا بعد أن تفاقمت الأزمة , وتركوا الشباب النقى الذى بدأ الثورة فى يناير الماضى وأراد أن يستكمل أهدافها الوطنية النبيلة التى لم يبدأ بها أصحاب رايات فرقة الوطن , والآن يرددون شعارات قداسة قادة الجيش مع أنهم يتحملون مسئولية دماء الشباب التى سالت فى اليومين الماضيين . يتحملون مسئولية الظلام الذى غشى عيون البعض من أشرف شباب الوطن بسبب طلقات القناصة , يتحملون مسئولية ما يمكن أن يحدث من تداعيات مخيفة فى الساعات القادمة . مطلوب الآن نزع أقنعة القداسة عن الجميع , ولتبق فقط قداسة قيم الحرية والعدل والكرامة للجميع
التعليقات (0)