هل مات ام اغتاله الموساد ..
الجنرال الروسي يوري إيفانوف نائب مدير ال FSB أو جهاز الإستخبارات الروسي ذهب في مطلع شهر آب أغسطس الماضي الي سوريا في زياره سريه كعاده رجال الإستخبارات للوقوف علي الأعمال الجاريه في القاعده السوفيتيه السابقه في طرطوس شمالي سوريه حيث يتم تحديثها وإعادتها الي العمل لتكون قاعده للأساطيل الروسيه في البحرين الأحمر والمتوسط ومرتكزا روسيا في الشرق الأوسط ..
وفي يوم السادس من آب أغسطس إختفي الرجل ولم يتم الإعلان رسميا عن إختفاءه حتي تم العثور علي جثته طافيه أمام الشواطئ التركيه في الثامن والعشرين من نفس الشهر وتم دفن الرجل بعد جنازه عسكريه ملائمه في موسكو ..
وقد صمتت موسكو تماما ومنعت جرائدها الرسميه من الإسترسال في الأمر حتي تم التعتيم بسرعه علي الأمر وإن كانت التصريحات الرسميه قد أفادت بأن الرجل "غرق" أمام السواحل السوريه أثناء ممارسته الغطس ..
وهذا ما سنعود اليه بالتحليل لاحقا ولكن أولا سوف نورد الأحداث اللاحقه له ..
في الخامس من شهر سبتمبر توجه وزير الدفاع الإسرائيلي الي موسكو في زياره رسميه وقع خلالها إتفاقات عسكريه وتقنيه كبيره مع موسكو تشمل بيع طائرات بدون طيار إسرائيليه الي روسيا وتبادل الخبرات العسكريه في مواجهه ما أسماه الإرهاب الإسلامي والتأكد من الغاء روسيا صفقه ال S300 لإيران وأيضا صفقه الصواريخ البحريه ياخونت لسوريا مقابل التعهد الإسرائيلي بوقف كل أشكال التعاون العسكري والإستخباراتي مع جورجيا وعاد باراك الي إسرائيل وهو راض تماما عن المحادثات والإتفاقات مع روسيا ..
وقبل أن ينقضي شهر سبتمبر أعلنت روسيا رسميا أنها ماضيه في تسليم سوريا منظومتين من الصواريخ "ياخونت" بكل منظومه 36 صاروخا في أسرع وقت مما دفع مجلس الوزراء الإسرائيلي الي الإجتماع الطارئ وإعلان أن إسرائيل لن تقف مكتوفه الأيدي وسوف تتخذ إجراءا عسكريا حيال تلك الصواريخ وأيضا ستقوم بتسليح جورجيا بتقنيات عسكريه حديثه ..
ومن الجدير بالذكر أن الصاروخ "أونيكس ياخونت المجنح" هو صاروخ متخصص في حمايه السواحل من السفن المعاديه وهو يستحق لقب صائد السفن لكونه يعتمد علي خاصيه "أطلق وإنسي" حيث يستطيع العمل مع كل وسائل التشويش الإلكتروني ويستطيع تغيير التحليق من عالي الي منخفض والعكس ذاتيا ويمكن إطلاقه من الأرض أو السفن أو الزوارق الصغيره أو حتي الطائرات وبسرعه تعادل مرتين ونصف سرعه الصوت ويمكن له تدمير حامله طائرات كامله بالإضافه الي صعوبه التعامل معه راداريا بالإضافه الي أنه يحوي رادارا متقدما في مقدمته يتعامل مع الهدف ويوجه الصاروخ ذاتيا اليه ..
وبالتالي فهو رادع ممتاز للسفن الإسرائيليه يمنعها من الإقتراب من السواحل السوريه واللبنانيه حيث حزب الله وهو ما سيقلب موازين القوي ويشل الزراع الإسرائيليه البحريه الطولي ..
نعود الي الجنرال الروسي إيفانوف والذي أوردت الروايات الرسميه بأن جثته ظلت في المياه المالحه تتقاذفها التيارات المائيه 22 يوما كامله بدون أن تتآكل حتي أوصلتها المياه الي السواحل التركيه آمنه مطمئنه سالمه كامله ليتم إنتشالها من هناك ..
وهنا سؤال .. هل الإعلان الروسي عن صفقه الصواريخ ياخونت الي سوريا بعد أيام قلائل من زياره وزير الدفاع الإسرائيلي اليها والإتفاقات بين البلدين تعني التأكد وتوجيه الإتهام رسميا لإسرائيل بقتل الرجل ..؟
وأيضا هل تيقن الروس بأن قاعدتهم في سوريا مخترقه إستخباراتيا .. فمن المعلوم بأنه طيله عقود تتعاون الإستخبارات التركيه والإسرائيليه في محيط الشرق الأوسط تعاونا كاملا كانت له نتائج كثيره إيجابيه علي الطرفين ..
ومن المتعارف عليه في حروب وعمليات المخابرات أن يكون الصيد جاسوس أو علي أكثر تقدير ضابط مخابرات صغير ولكن أن تكون السمكه هذه المره بحجم نائب مدير جهاز مخابرات مره واحده فهذا هو الجديد في الأمر .. ورجل بهذا الحجم وفي زياره عمل سريه لا يعقل أن يمارس رياضه الغطس أثناء الزياره السريه ومن المعروف أيضا أن سوريا ليست من الدول التي تحوي شواطئها شعابا مرجانيه تغري علي الغطس .. وإن كانت بعض الروايات قد تحدثت عن أن الرجل خرج من القاعده للقاء مسؤولين سوريين وإختفي حينها ولم يكن يمارس الغطس .. كما أن الجثه لايمكن أن تظل في المياه المالحه 22 يوما بدون أن تتحل أو يأكلها السمك ..
أصابع الإتهام هنا تشير الي عمليه إستخباراتيه مشتركه بين إسرائيل وتركيا وأن الرجل تم إختطافه وتهريبه عبر الحدود الي تركيا حيث تم إستجوابه بواسطه جهازي الإستخبارات الاسرائيلي والتركي ثم قتله بعد ذلك وإلقاءه في البحر ببذله غطس ليبدو وكأنه كان في رحله غطس وغرق ..
فهل تكتمت روسيا الأمر حتي تضع يدها علي أدله إستخباراتيه تؤكد هذا الزعم وعندما تيقنت قررت المضي قدما فيما هي عازمه عليه .. فالإستراتيجيه الروسيه بعيده المدي مازالت تري في الولايات المتحده وحلفاءها العدو الأول لها وإن كانت الولايات المتحده وحلفاءها يحاولون ضم روسيا الي الإعتقاد بأن الإسلام الراديكالي هو العدو الأول للعالم كله الا أن روسيا تري أنها تستطيع التعامل بمفردها مع الإسلام الراديكالي وأنه لا يشكل الخطر الأول لها وإنما مكمن الخطوره يتواجد علي طول حدودها مع دول الجوار والذي تنتشر فيه الصواريخ الأمريكيه الضاربه وأخري تستطيع إعتراض الصواريخ الروسيه الضاربه حال إطلاقها بالإضافه الي تواجد قوات عسكريه أمريكيه حتي في البحر الأسود بالإضافه الي القلاقل في غالبيه دول الإتحاد السوفييتي السابق والتي تظهر جليا البصمات الإستخباراتيه الإسرائيليه والغربيه فيها ..
كل هذا علي مرمي حجر من المدن الروسيه .. فكانت الإستراتيجيه الروسيه الجديده نقل الملعب بعيدا الي مناطق أخري بدلا من الفناء الخلفي لها , فهي إن كانت قد قررت عدم تسليم إيران صواريخ S300 الا أنها قامت بنشرها في أبخازيا وأزربيجان المجاورتان لإيران مما يؤدي الي نفس النتائج المطلوبه منها حال الإحتياج اليها .. وإن كانت أمريكا تتواجد عسكريا وتحتل أفغانستان المجاوره وتسلح باكستان فإن روسيا فتحت ترسانتها الحديثه للهند .. وإن كانت أمريكا تصر علي إبقاء التفوق العسكري الإسرائيلي في مواجهه العرب فإن روسيا تمد بعض العرب بما يمكنهم من صد العربده الإسرائيليه فوق أراضيهم .. بل وأصبح لروسيا تواجد في العديد من دول أمريكا الجنوبيه فناء أمريكا الخلفي ليصبح التعامل بالمثل بل وكلما ذادت العلاقات الأمريكيه الصينيه تعقيدا كلما إنفرجت أكثر العلاقات بين الصين وروسيا ..
العلاقات الروسيه الإسرائيليه توترت بسرعه كبيره و لكن قادم الأيام هو ما سيكشف عن كيفيه الإنتقام الروسي لمقتل الرجل الثاني في إستخباراتها إن صحت فرضيه إغتياله في عمليه إستخباراتيه تركيه إسرائيليه مشتركه ..
أم أن للموضوع أبعاد أخري ..؟
مجدي المصري
التعليقات (0)