كان شعار القذافي ــ ولكنه لم يكن يجوع شعبه أو يسرقه أو يفقره ، بل كان يقتسم مع شعبه عائدات بلاده النفطية ، ولم يكن يسرقها أيضا أو يقدمها رشاوى خارجية من أجل تسول شرعية ، تظل مع ذلك بعيدة المنال عن نظيره الآن في مصر ..! ــ في ثمانينات القرن الماضي هو ؛ " اللجان في كل مكان " .. أي اللجان الثورية . والمقصود بذلك ظاهريا أن السلطة بيد الشعب وليس بيد القذافي ، وباطنا ؛ قص أجنحة أو حتى تصفية معارضيه من خلال ما أسماه بالزحف الأخضر على أعداء الشعب ، والذين هم غالبا من معارضيه في الداخل والخارج على السواء ، من أبناء الشعب الليبي ..!
أما شعار السيسي ــ والذي لا يختلف لا في الشكل ولا في الجوهر ، ولكن فقط في التفاصيل ، عن شعار القذافي ــ فهو ؛ " الغشومية " ..!
وللغشومية معنيان في حقيقة الأمر أحدهما نستخدمه في لغتنا العامية أو الدارجة ، وتأتي هنا بمعنى جاهل أو ساذج ــ أو حتى متخلف ــ وذلك مثلا عندما تطلب من أحد أن يقوم بصنع شيء أو عمل شيء لك ، ولكن ليس لديه أدنى فكره عنه ، ومع ذلك فهو يصنعه لك أو يؤديه لك ــ وفقط طمعا في المكافئة ، أو أية مقابل أخر يمكن أن يحصل عليه ــ بشكل مختلف تماما عما تريده أنت أو طلبته منه ؛ فتقول له مثلا ؛ " هو أنت غشيم " ، أو تقول له ؛ " أيه الغشومية دي يا أخي " ..!
أما المعنى الأخر للغشم في اللغة ، أو بالأحرى لفظ كلمة ؛ " غاشمة " ، أو " غاشم " ؛ فهي ظالم ، أما غشوم فمعناها شديد الظلم .. قولا واحدا ..!
فكما رأينا بالأمس ، وفي دولة القذافي ، اللجان في كل مكان ، صرنا نرى بالفعل ، واليوم ، دولة السيسي ، الغشم والغشومية معا ومتلازمين ومتزامنين ــ بالفصحى والعامية ــ في كل مكان ؛ في الصحة والحي والمحافظة والإعلام والتعليم ــ العالي والواطي معا ــ والداخلية والخارجية ــ والأمن طبعا ؛ سواء كان داخلي أو خارجي ــ و في الشارع وفى النادي ، وأينما وليت وجهك من حلايب وشلاتين جنوبا ــ ما لم تأخذهما أيضا السودان في السنوات الأربع التالية من حكمه ..! ــ إلى السلوم شمال غرب مصر ــ ما لم تأخذها ليبيا أيضا ، على أن يحصل الحلفاء على مطروح ، وحيث يقبع رفات شهدائهم في العالمين ، في سنوات حكمه القادمة أيضا ــ إلي سيناء شرقا ــ وحيث صفقة القرن وبعدها تيران وصنافير ؛وحيث ناضلت كل أجهزة دولة السيسي وإعلامه الموالي معا على تسليمها للسعودية في سنواته الأربع الأولى من الحكم ..!
مجدي الحداد
التعليقات (0)