مواضيع اليوم

السينودس و شريط بن لادن

سعيد منصوري

2010-11-02 19:44:23

0

شهدت المنطقة في الأيام القليلة الماضية خطابين متمايزين من حيث الهوية الدينية و معالجة القضايا و التحديات و الانشغالات لكنهما لا يخرجان عن ما تمور به الساحة من حركية مستمرة لتفاعل و تشابك الفعل الداخلي و الخارجي.
خطاب مسيحي يساءل حاضر و مستقبل المسيحيين,و خطاب إسلامي جهادي لايزال يشتغل بأدوات تاريخية لمقاربة و الإجابة عن راهنية علاقات الذات و الأخر.
فقد انعقد في كنيسة القديس بطرس المجمع المقدس ( السينودس )الخاص بأساقفة الشرق الأوسط بين 10 أكتوبر/ تشرين الأول و 24 من نفس الشهر بحضور بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر لتدارس وضعية مسيحيي الشرق البالغ عددهم 20 مليون و هي وضعية تأتي وسط توتر العلاقة مع الإسلام السياسي الراديكالي في عدد من الدول و التي دفعت بالمسيحيين إلى الهجرة الطوعية مثل مصر و لبنان أو الهجرة القسرية مثل العراق,نزيف أصبح معه يشكلون اليوم 5% من سكان المنطقة بعدما كانوا قبل مائة سنة 20% .
لقد شكل مسيحيو العرب دورا محوريا و رئيسيا في عصر الأنوار العربي بعد قرون التخلف و الجهل و أبدعوا و أعطوا للهوية العربية بعدا تحرريا كانت مقدمة للوعي بالذات و استقلالية الوجود ومرجعية فكرية لحركات التحرر و رؤية مستقبلية في بناء الوطن و المواطن, هذه الروحية العربية المسيحية كرسها السينودس في بيانه الختامي من خلال التمسك بالحقوق العربية و مطالبته بتطبيق قرارات الشرعية الدولية و إنهاء معاناة شعوب المنطقة من الاحتلال و الانقسام.
في سياق هذا الخطاب كان شريط زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي بارك فيه عمليات اختطاف الأجانب خصوصا الفرنسيين من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و التي يرى فيها رد فعل على سياسات قصر الاليزيه,غير أن هذا الخطاب يحمل قراءات و ملاحظات عديدة :
أولا أن البنية الفكرية للقاعدة في شرعنة الجهاد لا تزال تحافظ على أدواتها التقليدية و أن مفهوم دار الكفر و دار الإسلام هي رؤية غير قابلة للنقاش و إعادة تقييم رغم فشل تجاربها و حروبها في أفغانستان و العراق و السعودية و ظهور فقه المراجعات.
ثانيا أن القاعدة نقلت عملياتها من أسيا إلى إفريقيا بعد تراجع مشروعها الفكري السياسي فقد استطاعت برامج إعادة التأهيل و الإدماج في السعودية و عمل الصحوات ذات الخطاب السني المعتدل في العراق و تحول حركة طالبان إلى حالة أفغانية بعد تحالفها مع الحزب الإسلامي الأفغاني عدو الأمس و فتح قنوات الحوار مع نظام كرزاي إضافة إلى الضربات الاستباقية لأنظمة المنطقة لاجتثاث الفكر التكفيري,و هي تحولات و سياسات ناجعة احتوت عمل القاعدة في أسيا فكان نقل المعركة إلى إفريقيا من ضرورات البقاء و الاستمرارية.
ثالثا إن تحول القاعدة إلى إفريقيا التي يشكل فيها المسلمون 45% من مجموع السكان و هم غالبية الشرائح الاجتماعية في 29 دولة من اصل 53 ليس جديدا, فبداية الاهتمام بدأ عندما شنت الولايات المتحدة عملية استعادة الأمل في الصومال في سنة 1992 والتي اعتبرها أسامة بن لادن المستقر آنذاك في السودان معادلا للغزو السوفيتي لأفغانستان لكن هذا الاهتمام اليوم سيكون قويا و بزخم أكبر و هذا سيشكل تحديا للإسلام الصوفي الذي تتميز به القارة في مواجهة فكر ديني راديكالي.
رابعا رسالة أسامة بن لادن إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ليست مباركة لأعمال التنظيم أكثر ما هي محاولة لرأب الصدع و بداية التوتر بين أمير التنظيم مصعب عبد الودود و كتيبة مختار بلمختار الملقب بالأعور و التي تقف وراء عمليات الاختطاف و معظم المواجهات العسكرية في موريطانيا و النيجر و مالي و بالتالي فالرسالة هي حسم للصراع و ربط التنظيم فعليا بالقاعدة الأم منذ إعلان الجماعة السلفية للدعوة و القتال اعتناق الفكر الجهادي العالمي في 24 يناير/ كانون الثاني 2007.
لاشك أن الوقوف أمام مضامين الخطابين يجعلنا نثير تساؤلات حول المحددات التي تجعل من خطاب ما يعبر عن أمال و أحلام الشعوب دون الالتفات للخلفية الدينية.ففي الوقت الذي بقي فيه مسيحيو الشرق معبرين عن قضاياه الجوهرية القومية و الإسلامية رافضين كل محاولات الانسلاخ و تبديد الهوية المشرقية فإننا نطرح علامات الاستفهام حول الدور الحقيقي الذي تقوم به القاعدة. فإذا كان صراع القاعدة/البيت الأبيض في أسيا قد جر إلى بسط سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة فان الشريط الجديد يفتح صراعا جديدا بين التيار التكفيري العالمي و قصر الاليزيه, فهل نشهد عودة فرنسا إلى مستعمراتها الإفريقية من باب محاربة الإرهاب؟إن التساؤل نابع حول الأجندة الخفية لخطاب أفاد مصالح القوى الكبرى و خلق متاريس بين مكونات المجتمع الواحد و سفك دماء المسلمين قبل الصليبيين حتى بدا أن الصراع هو اقرب إلى التحالف من اختلاف رؤى سياسية و فكرية.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !