"وأعدوا لهم ما استطعنم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم "الأنفال 60
هذه الآية دعوة صريحة للسلم فالأمر هنا ليس بالحرب ولكن بإعداد القوة لإرهاب العدو (أى تخويفه )حتى لايفكر فى العدوان وبذلك يحل السلام ودليل ذلك أن هذا الإرهاب يشمل المنافقين الذين لايعلمهم المسلمون فكيف يحارب المسلمون من لايعلمون ؟والأمر واضح لمن يريد أن يفهم
أما ماذا قدم الخلفاء الراشدون فقد قدموا الطريقة العملية لإقامة دولة
عظيمة من حطام أمة.وعندما ينتقض معظم العرب على الإسلام ويصمد أبو بكر رضى الله عنه والقلة التى معه وينتصر أليست هذه عبقرية القيادة التى ينبغى أن تدرس ؟إن حروب الردة ليست عملا عسكريا محضا إنها عملية اجتماعية بالدرجة الأولى فقد أعادت بناء أمة يهددها الانهيار .
وعندما يعلن أبوبكر رضى الله عنه دستوره فى الحكم "القوى منكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه والضعيف منكم قوى عندى حتى آخذ الحق له "أليس هذا عطاء حضاريا قيما من رجل كان بالأمس القريب جاهليا ؟
وعندما يشير عمر رضى الله عنه بجمع القرآن ويتم ذلك فى أروع عمل توثيق فى التاريخ يقوم به هؤلاء الذين كانوا جاهليين أليس هذا إنجازا حضاريا تتضح عبقريته عندما ننظر إلى شعوب كانت أرقى ولم تستطع حفظ التوراة والإنجيل ؟
وعندما يؤسس عمر رضى الله عنه مؤسسات الدولة الحديثة مستخدما كل ما وصل إليه من علوم حتى لو كانت غير إسلامية مثل (الدواوين )أليس ذلك عبقرية إدارية وحضارية تؤمن بأن الفكر الإنسانى ملك للبشر جميعا بغض النظر عن الأديان ؟أليس هذا وحده فتحا جديدا بينما كانت أوربا تحرق المفكرين الذين يجرؤون على قول ما يخالف السلطة الدينية ؟
وعندما يقدم عمر رضى الله عنه القدوة الحسنة للحاكم الصالح فى كل شىء أليس هذا إضافة حقيقية وقيمة للتراث الإنسانى ؟
وعندما يأتى عثمان رضى الله عنه بطريقة اختيار مبتكرة تقدم للعالم انموذجا متقدما للفكر السياسى من قوم كانوا بالأمس القريب جاهليين أليس هذا إضافة للتراث البشرى ؟
وعندما يحاصر الثوار عثمان رضى الله عنه وحوله كبار الصحابة ثم يرفض استخدام القوة مع المتظاهرين حتى ينتهى الأمر باغتياله أليس فى هذا المثل الفريد صورة رائعة لحاكم قرر أن يضحى بنفسه حتى ولو لم تنته الفتنة لأسباب ليس هذا مجالها ؟
وعندما يحاول على بن أبى طالب رضى الله عنه قيادة الأمة فى هذا المعترك المضطرب وينتصر على الخوارج ويرفض أسرهم ويقول هم إخواننا بغوا علينا هل يوجد مثل هذا النبل فى التعامل مع الخصوم ؟
أما عن العلوم فقد قدم الخلفاء الراشدون علم الأخلاق والقدوة الحسنة
عندما مهدوا المناخ لانطلاقة علمية كبرى لأن الأمم لاتبنى حضارتها الكاملة
إلا فى مراحل الاستقرار .أما الدولة الأموية فقد واصلت عملية الاستقرار فى ظروف كشرت الفرس والروم عن أنيابها للدولة الوليدة وعملت على استئصالها فكانت حروب الدولة الأموية التى لايفهمها من لايريدون الفهم
لقد كانت المعادلة حياة أو موتا وهذا مناخ يستنفر القوة للحفاظ على النفس حتى إذا استقرت الأمور صار الجو مناسبا للإنجاز العلمى الذى برزت فيه عقول من شتى الأجناس عربية وغير عربية بل وغير مسلمة وهذا وسام رفيع على صدر الإسلام لمن يعى لأنهم برزوا فى ظله وتحت رعايته كما يحسب عبّاد
حضارة الغرب العلماء المسلمين الآن على الحضارة الغربية ولم يتفوه الغربيون قط بكلمة واحدة تقول هذا مسلم وهذا غير مسلم لأن العلم هو العلم ملك للبشرية كلها .
وعلى هذا يكون القول بأن الفرس هم العلماء ...قولا مضحكا لأنهم لم يقودوا الحركة العلمية - على افتراض ذلك -باعتبارهم فرسا بل مسلمين وكان عطاؤهم إسلاميا .
أما ماذا قدم الإسلام لهذه العلوم فقد قدم المنهج العلمى الذى يدعو إلى العلم ويحترمه وينظر إليه مجردا عن أى شىء خارجى .
أما عن السخرية السمجة الوقحة بالقرآن الكريم فهى دليل على المستوى المتدنى للتذوق والفهم "والشمس تجرى لمستقر لها "هذه الآية تقرر حركة الشمس فى درجاتها الرئسية صعودا وهبوطا وهذا ما يعرفه علماء عصرنا منذ زمن .
أما عن الأرض المسطحة والمثبتة بالجبال كالأوتاد فهذا تقرير العلم الحديث أن الجبال فعلا مصدر استقرار للأرض وأنها كالوتد ما يظهر منها أقل بكثير مما يخفى تحت الأرض .والأرض مسطحة بالنسبة للذى يمشى عليها وهى مكورة للذى يراها من بعد هكذا قرر القرآن "يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل "الزمر 5
أما عن علوم الدين فهى علوم بكل المقاييس العلمية لأنها تقوم على المنهج العلمى الموضوعى وتلتزم بالأمانة العلمية إلى حد أثار إعجاب ودهشة المنصفين من مفكرى الغرب .وهى علوم إنسانية تشكل قاعدة مهمة للعقل العلمى العام .
وكل هذا خرج من بوتقة القرآن الذى قال فى جلاء "هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر أولو الألباب"الزمر 9
وهذا مربط الفرس فأولو الألباب فقط هم من يفتحون عيونهم دون تعصب أعمى ليروا الحق المبين أما غيرهم فيذكرنا بقول الله تعالى "وما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم "النمل 81
التعليقات (0)