مواضيع اليوم

أشهر "10" هبل في السينما المصرية..!!

كمال البهجوري

2010-03-26 12:59:20

0

                                                                                     أشهر "10" هبل في السينما المصرية..!!

 يظن الكثيرون أن كلمة «أهبل» هي مجرد لفظة عامية تحورت عن اللفظة العربية «الأبله»، ليس ذلك صحيحًا تمامًا، فكلمة «الأهبل» هي كلمة عربية فصيحة ومعناها «فاقد التمييز»، وفقدان التمييز هو في الحقيقة إحدي نتائج الكلمة الأشمل «الأبله»، لأن الأبله هو «من لا عقل له» كما ورد في «لسان العرب»، بينما يرد المعني المذكور للأهبل في «تاج العروس».

الأهبل والأبله كلمتان فصيحتان إذن، لكن العامية تقتصر علي استخدام «الأهبل»، ومعظم العاميات العربية تفعل ذلك وليس العامية المصرية فقط، لدرجة أن رواية «الأبله» إحدي أعظم روايات الروسي «ديستوفسكي» يتحول عنوانها في بعض الترجمات العربية إلي «الأهبل»، لكننا نتحدث هنا عن الأدب المصري.

في الرواية البديعة «فصول من سيرة التراب والنمل» لحسين عبد العليم (دار ميريت) تسخر الأم «عايدة» من إحدي السيدات في النادي بسبب «هبل» وسذاجة هذه السيدة، لكن عايدة تكتشف أن ابنها الصغير المحبوب فؤاد بدأ يكشف عن «هبل» مبكر، يأتي من المدرسة ليقول إنهم يهتفون في طابور الصباح بحياة الرئيس «جلال» عبدالناصر، أو يهاجم الأب فجأة وهو يشكل أصابعه علي هيئة مسدس ويأمره قائلا: «سلّف» نفسك، بدلا من «سلم نفسك»، تصاب الأم بالاكتئاب وتعتقد أن مصابها في ابنها عقاب سماوي علي سخريتها من سيدة النادي البلهاء، ولكن الابن «فؤاد» يكبر علي أي حال ويعمل طبيبًا كأبيه لكنه مع ذلك يظل بنفس «البله أو الهبل»، تستمر الشخصية ساكنة إزاء تطور أحداث الرواية ويمسك الكاتب ببراعة بأجواء شخصية طالما تعثر الأدب والفن المصري في تناولها، إذ يقدم المؤلف فؤاد «بوصفه» أبله لكنه ليس مجنونًا ولا مجذوبًا ولا مبروكًا، إنه يستطيع مواصلة حياته بل عمله شرط وجود رعاية عائلية تنقذه من مشكلات مواجهة الحياة.

لكن الأدب المصري لم يكن دائمًا يمارس ذلك التناول الحساس والواعي لشخصية الأبله، إذ طالما تم تصوير الأبله أو الأهبل علي أنه حامل البشارة أو النذير علي طريقة «عبيط القرية»، تصرف الأدب المصري - والفن المصري - مع الأبله بنفس طريقة الثقافة الشعبية التي مارست إشفاقها علي فاقدي التمييز فأراحت قلوب أهلهم بتسميتهم «المبروكين»، لم يكن ذلك فقط طلبًا لإمكانية التعايش مع المصيبة بل أيضًا طلبًا لرعاية الآخرين للأبله المسكين الذي لا يستطيع رعاية نفسه أو الإنفاق عليها، فجعلته الثقافة الشعبية «مبروكًا» كي تغري الناس بطلب الأجر والثواب عند رعايتهم ذلك «المبروك»، انتقل ذلك إلي الأدب والفن، فظهر الأبله في المسرحيات والروايات والأفلام في صورة ذلك الشخص الذي يحمل غالبًا رؤية المؤلف أو تحذيره أو بشارته، وهو لو كان ريفيًا فغالبًا ينتهي تحذيره بعبارة «يا بلد»!، تم استخدام «الأبله» كوظيفة فنية لا كشخص حقيقي، وغلب ذلك علي المسرح أكثر من غيره ثم علي المسلسلات التليفزيونية فيما بعد، لكن الملاحظ أن الروايات المصرية خاصة في المرحلة الواقعية استبعدت تلك الشخصية تقريبًا وتم تحميل وظائفها لآخرين، ونري في روايات الروائي الأعظم نجيب محفوظ أن الرسائل الرمزية غالبًا ما يقدمها الدراويش، وهم شخصيات تمثل عالمًا آخر له قوانينه وأجواؤه الخاصة ولغته الغامضة، ونادرًا ما ظهر «الأهبل» في روايات محفوظ ولكن ظهر المجذوب والدرويش، وظهر الشحاذون بكثافة، وغالبًا كان لهؤلاء قصص ألقت بهم إلي حيث انتهوا أو أصبحوا، نري ذلك حتي في السيناريوهات التي كتبها محفوظ للسينما مثل «الفتوة» لصلاح أبوسيف، حيث الشخص الذي يبدو «أهبل» أو «مجنونًا» كان يومًا ما ملء السمع والبصر ثم أطاحت به مصائب الزمن، وفي ذلك جزء من فلسفة محفوظ الساخرة وشبه العدمية، لكن في الأجيال التالية نري الأبله بأشكال أخري متنوعة لتأدية وظائف أخري، فمثلاً في الرواية الأخيرة لإبراهيم عبدالمجيد «في كل أسبوع يوم جمعة» (الدار المصرية اللبنانية) نصادف أربعة أشخاص مختلفين كلهم يعانون مرض العته المغولي، هي نسبة هائلة بالطبع ولكن وجودها بهذا الشكل في الرواية جاء لوظيفة رمزيًا تتماشي مع عالمها اليائس والدموي، جاءت لتلعب دورًا في الترميز لمجتمع يأكل نفسه.

ومع ابتعاد السينما المصرية عن التعامل مع الأدب واجه فن السيناريو في مصر مشكلات تمثل معظمها في ضحالة تناول الشخصيات وأبعادها النفسية والاجتماعية، ولا تستثني من ذلك شخصية «الأبله» بطبيعة الحال، وقد قدمت السينما في العشرين سنة الأخيرة تلك الشخصية مرارًا ولكن بغير قصد!، إذ تحول مفهوم الشخصية الكوميدية إلي صورة الرجل الأهبل، معدوم الذكاء، العاجز عن التفكير المنطقي أو حتي الحديث المنطقي، ولجأ صناع السينما إلي انتزاع الضحك المشفق علي التصرفات الغبية وغير المترابطة لبطل الفيلم، علمًا بأن الذكاء يظهر فجأة علي البطل غالبًا عند نهاية الفيلم كي يمكن إنهاء الأحداث، مع ذلك فقد ظهر الشخص الأبله «الحقيقي» أو المتخلف عقليًا في حالات نادرة جيدة من أبرزها «مبروك وبلبل» للمخرجة ساندرا نشأت.

هل للارتباك في تناول شخصية الأهبل في الأدب والسينما علاقة بالارتباك نفسه الموجود في التفكير الشعبي تجاه تلك الشخصية؟ يبدو ذلك، فتحويل الأبله إلي «مبروك» يفصح في جانب منه عن عاطفة حنون ولكن يعكس أيضًا هروبًا من مواجهة الحقيقة، خاصة أن الحكمة الشعبية لا تضع اعتبارًا حقيقيًا للأهبل إلا عندما يفصح عن قدر من الذكاء أو الخبث، فيظهر في أمثال من قبيل «يسوق الهبل علي الشيطنة»، أو «رزق الهبل ع المجانين»، والعبارة الأخيرة لابد أن تدفع المرء لأن يتساءل: كيف يمكن تمييز الهبل عن المجانين؟!.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !