مصرُ ...رجالٌ و مواقف
فى لحظة فارقةٍ فى تاريخ مصر الحديث , وفى شهر رمضان الكريم وقبيل موعد الافطار وبعد أقل من شهرين من تولى الرئيس مرسى للرئاسة فى مصر أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية قرارات الرئيس محمد مرسى التى استقبلتها مصر بخوف وتعجبٍ وفرحٍ وترقب , حيث اعلن الرئيس مرسى إقالة المشير طنطاوى من وزارة الدفاع ورئاسة المجلس العسكرى وإقالة الفريق عنان من رئاسة الاركان وإحالتهما للتقاعد وكذلك تعيين وزيرا للدفاع يخلف المشير وتعيين مستشار مدنى لمنصب نائب الرئيس وكذلك الغاء الاعلان الدستورى المكل وبذلك يكون الرئيس مرسى قد استحوز على كل السلطات فى ساعة واحدة .......
ضربة إستباقية أم نتيجة طبيعبة؟
كعادتنا فى مصر فالاحداث تجرى سراعا وتتبعها التفسيرات كلٌ حسب رؤيته وكلٌ حسب ميوله , ووقد تسارعت التفسيرات حول ما تم هل هو ضربة معلم من الرئيس مرسى ذكرتنا بموقف الرئيس السادات من معارضيه بعد وفاة عبد الناصر حيث سبقهم وقام بالقبض على كل معارضيه من عسكريين ومدنيين وغيرهم من رجال الدلوة قبل ان يقيلوه هم , وهذا التفسير جاء متوافقا مع الاخبار التى انتشرت حول قيام البعض بمظاهرات ال24 من أغسطس المطالبة بإقالة مرسى وانتهاء حكم الاخوان وأيد هذه التفسيرات الكثير من مؤيدى مرسى ومن المنتسبين للاخوان وإن كذَّب هذه التفسيرات القرارات التى أخذها مرسى بتكريم طنطاوى وعنان وبتعيين وزيرا للدفاع من المنتمين لطنطاوى وبهذا لم يلقى هذا التفسير القبول ...
وكان التفسير الآخر وهو أن هناك اتفاقا بين مرسى والعسكر بتأييد من امريكا للخروج الآمن للعسكر وموافقة مرسى على ما تريده امريكا من ان يكون الرئيس الجديد لمصر متوافقا مع امريكا فى كل ماتريده وخصوصا العلاقة مع اسرائيل , وهو رأى أيده الكثيرُ من معارضى مرسى وما أكثرهم هذه الايام ولكن الرئيس مرسى و الرئاسة كذبا هذا التفسير وان لم يستطيعوا ان ينفوه تماما .... والتفسير الاكثر واقعية وقبولا لدى الشعب هو انَّ الحدث كان نتيجة طبيعية ومتوقعة خصوصا وان قيادات العسكر ( طنطاوى وعنان وزملائهما التسعة عشر من المجلس العسكرى) اعلنوا منذ البداية انهم سيسلمون السلطة للرئيس المنتخب أيا من يكون وقد كان من السهل لهم الاستحواز بالسلطة وعدم اجراء انتخابات الرئاسة وما اسهل هذا , وهكذا يكون التفسير الثالث هو ان خروج القيادات العسكرية من الخدمة أمرا طبيعيا خصوصا وقد سلموا الامانة للرئيس املنتخب , وآن للرئيس ان ينتخب قيادات الجيش التى ستكمل المشوار معه , وقد جائت الفرصة للرئيس مرسى بعد حادث رفح وما تبعه من مواقف للجيش المصرى ومعارك فى سيناء هى الأولى منذ اوكتوبر 1973 .
لماذا يخاف الاخوان من مظاهرات ال24 من اغسطس؟
منذُ اعلنت بعض الاحزاب المعارضة ومعها الكثير من رموز المعارضة مناداتهم بوقفة اعتراضية على حكم الاخوان وعلى الرئيس مرسى وقرروا ان يكون يوم الجمعة ال24 من اغسطس 2012 هو موعد هذا التجمع وأخذوا يتنادوا لحشد الجماهير لهذا اليوم , حتى خرجت علينا الآلة الاعلامية للاخوان ( وما أكثرها واقواها هذه الايام) لتنادى بتكفير من سيخرج يوم ال24 من أغسطس بل وصل الامر أن دعا الكثيرون من رجال الدين فى مصر وخارج مصر بتكفير بل بقتل من سيخرج يوم الجمعة ال24 من أغسطس واصبحت مصر منذ تلك الساعة منقسمة الى ثلاث شعب فالشعبة الأولى وهى من ينادون بالخروج والتظاهر ضد اخونة الدولة وضد الرئيس مرسى والشعبة الثانية هى شُعبة االرافضين للخروج والمؤيدين لمرسى من الاخوان وتابعيهم والشعبة الثالثة وهم الاغلبية والاكثرية الذين لا يؤيدون الخروج ولكنهم يستغربون رد فعل الاخوان وينادون بحرية التظاهر وهى من أهم انجازات الخامس والعشرين من يناير , والحقيقة ان التخوف من جانب الاخوان ومؤيديهم لا مبرر له إلا إذا كانوا يعلمون انهم لا اغلبية لهم وانهم يخشون من مصير مبارك ونظامه , فأين الحقيقة ؟؟؟؟
الشيخُ الرئيس والنجم اللامع
لاحظ الشعب المصرى المؤيدين للرئيس مرسى والمعارضين له أن الرئيس مرسى يحرص على الظهور بمظهر رجل الدين الفقيه والحريص على الظهور بصورة الرجل المتدين والمحافظ على دينه , وقد يكون ذلك بسبب خلفيته الاخوانية وأنه يريد أن يقول انه من الاخوان المسلمين , فنراه يملأ الصحف والفضائيات بصوره وهو يصلى فى المساجد وهو يحرص كل مرة على ان يخطب فى المساجد وكأنه يعلم انه لا اغلبية ولا مؤيدين له إلا من رواد المساجد من عامة الشعب البسطاء . والحقيقة أننا نريد من الرئيس مرسى الذى إنتخبناه أن يكون رئيساً وليس شيخاً او رجل دين فما اكثر الشيوخ ورجال الدين لدينا ولكننا فى امس الحاجة لرجل سياسى يقود البلد ويبدأ فى حل معضلاتها ومشاكلها وما اكثر تلك المعضلات والمشاكل وحتماً لن تُحل هذه المشاكل من رجل الدين ولكن من رجل السياسة , ليس معنى ذلك ان لايصلى الرئيس ولكن ليصلى لله وليس للمظاهر فليصلى كما يريد ولكننا نريد ان نراه وهو يحل مشاكلنا ويقود بلدنا فاللهم وفق الرئيس مرسى أن يبتعد عن مظهر رجل الدين وان يبدأ فى تحمل مسؤليات رجل الدولة , وكذلك لاحظنا ان الرئيس مرسى من الرجال الذين يحبون الإعلام ونجومية الإعلام وتلك معضلة أخرى فليس مطلوبا من الرئيس وهو ماذال فى الاشهر الأولى لرئاسته ان يكون نجما على الفضائيات بل المطلوب منه ان يختلى بمستشاريه وان يبدأ فى دراسة احوال البلد وكيفية الخروج من المأزق الذى تعيشه مصر , ونحن نقول للرئيس مرسى إن الشعب إختارك لتكون رئيساً لتنقذ مصر وسوف يقف معك الشعب طالما وقفت معه ولكن الشعب لن يقف معك ولن يؤيدك إذا أصررت ان تكون شيخا بين الرؤساء وخطيبا فى المساجد و خصوصاً إذا أصبحت نجما فى ا لفضائيات ونسيت واجبك فى حل المشكلات.....
إن الرئيس مرسى لديه فرصة تاريخية فى ان يكون رئيساً لمصر فى ظرف من أ صعب الظروف التى تمر بها مصر ولديه التأييد الشعبى الكبير , ولكنه قد يخسر كل شيىء إذا أضاع الفرصة بسبب شهوة الخطابة فى المساجد وبسبب حب النجومية وبسبب خضوعه لجماعة الاخوان ولمرشد الجماعة وإنشغاله عن اصل القضية وهى مصر وقيادة السفينة المصرية .....
التعليقات (0)