بعد قيام ثورة يوليو 52 أسدل الرئيس /عبد الناصر الستارالأسود على العهد المباد وطفقت وسائل الإعلام الموجهة تعدد مثالب العهد القديم وكأنه لم يكن هناك مجلس نيابى فاعل وكأن هذا العهد لم ينجب أبطالا عظاما فى العلم والفن والأدب والسياسة وكأن القادة الجدد لم ينتبهوا إلى أنهم أنفسهم من نتاج ذلك العهد ...وبتنا نحن مواليد تلك الفترة ننام ونصحو على نغمة واحدة تجتاح عقولنا وقلوبنا كل لحظة :(لافاسد إلا العهد المباد ولا فتى إلا ناصر ) حتى بعد النكسة وانكسار الرمز قام الساسة بتوظيف الإعلام ليوقن الناس أنه لن ينقذ السفينة إلا ناصر..وأن استمرار ناصر هو النصر الحقيقى لأن الاستعمار يستهدف ناصر شخصيا ...............
ومضى عبد الناصر بعد ثمانى عشرة سنة وجاء الرئيس /السادات ..وقال فى أول عهده :إنه يسير على نهج عبد الناصر ثم مالبث أن أزاح مراكز القوى وأنزل هو الآخر الستار على عهد سلفه وظهر الإعلام الموجه بوجهه المنافق يبرز مواقف الاستبداد والظلم والرشوة فى العهد الناصرى وكأنه لم يكن هناك السد العالى ولا مصانع القطاع العام ولا المد المصرى فى إفريقيا وآسيا ...............
ثم جاء /حسنى مبارك الذى بدأ عهده على استحياء حتى إذا ترسخت أقدامه انطلق يطبع الأرض والجو والبحر بطابعه الشخصى والعائلى وأصبح كل مصرى على يقين أن مصر (عزبة مبارك وآل مبارك ومحاسيب مبارك ) ولم يبق من عهد السادات إلا ذكرى معارك العبور التى تركزت هى الأخرى فى الضربة الجوية الأولى التى لم يقدها مبارك عمليا ...........
ثم جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتطيح بنظام مبارك..وكما هى العادة أصبح الفساد قرين العهد المباد ولخص المستشار /أحمد رفعت وهو يحكم على مبارك بالسجن المؤبد -لخص العهد السابق بأنه أسود أسود أسود ....ولم يذكر أحد (مكتبة الإسكندرية ) ولا (مترو الأنفاق) ولا عشرات (الكبارى ) ...........
وهذا الذى حدث ويحدث خطأ وخطر ...خطأ لأنه يغمط الحق والحقيقة وخطر لأنه كذب وأفحش هذا الكذب أننا نعلمه أولادنا فى المدارس وعبر الإعلام وبذلك نرسخ الكذب العام والتدليس الرسمى...
والحق الذى لاريب فيه أن يقوم على إعادة كتابة التاريخ قوم شرفاء لايخضعون إلا لسلطان الضمير والعلم ...لأن التاريخ سجل شعب ومن العارأن يكون سجل شعبنا مكذوبا ونحن بعد أحياء وشاهدون على الزور ..إننى شخصيا -عندما كنت معلما- كنت أقص التاريخ كما هو داعيا طلابى إلى تحرى الحقيقة والعلم بأنه لايوجد إنسان -حاكما أو محكوما- معصوما ..والإنسان أى إنسان ليس شيطانا ولا ملاكا ومن هنا كان من الإنصاف أن تذكر المحاسن بجانب المثالب وبهذا وحده يكون التقويم وتلتمس العبرة ويصنع التقدم .
التعليقات (0)