- قوس قزح- جمهورية حضرموت
حضرموت منطقة استثنائية تلتقي فيها خصائص لا ينبغي الاستهانة بها، لأنها تمثل في مجموعها خصائص ومكونات الدولة، تاريخ عريق يضرب جذوره في عمق الذاكرة الإنسانية، ومدارس غارقة في القدم اتصلت بالعلم وأسباب المعرفة الإنسانية، وتمباك غيلي يعد الأندر والأجود بين كل أصناف التبغ في العالم.
ولحضرموت أراض شاسعة تعادل ثلث مساحة اليمن، ولها بحر عريض وميناء نظيف وفيها ثروة نفطية ضخمة وإليها ينتسب أساطين الثروة من با محفوظ وباوزير إلى المحسن الكبير والوهابي الثري بن لادن..
في كنفها نشأ الفتى النبراس المهندس أبو بكر العطاس واختارها نائب الرئيس الأستاذ علي سالم البيض قاعدة لنشاطه المقتدر على استنهاض مقوماتها النادرة التي لا بد أن تجسد على سارية العلم.
ومن غير الطبيعي أن ينظر لحضرموت كمحافظة في اليمن فمنطق الواقع وحقيقة الأمر يفرض علينا الإقرار بما لا بد منه. ومن كل ذلك تكتسب شروط البيض قوتها خصوصا وأن صنعاء موعودة بيومٍ علمُ أشواكه عند ربي.
وفي يقيني أن موروثاً عتيقاً ما زال يعيق (الجلاسنست) اليمنية ويصد بوابة العلنية في حياتنا اليومية بحيث يعجز أحدنا عن ممارسة حقه المشروع في الإعلان عن توجهاته أو عواطفه ونزوعاته وخياراته ومن ذلك أن أي ملكي متشدد لا يستطيع السعي لأهدافه إلا بقميص جمهوري وما أكثر الذين أعلم أنهم يريدون أن تكتحل عيونهم بوجه إمام وولي عهد ولكنهم في مجتمع جبل على النفاق ولذلك يقولون مالا يفعلون ويفعلون عكس ما يقولون.
وبفعل الموروث السيئ من الثقافة وجدت مصطلحات ديكتاتوري أقرب ما تكون إلى الأصنام التي صنعها الإنسان ثم ذهب يعلن عبوديته لها ويحني هامته أمامها.. ولولا هذا الموروث لما غدونا نعد الانفصالية والمناطقية والملكية ضمن العيوب والنقائص ولما تردد أحد عن تحويل عبارة أنا يمني إلى شيء آخر مثل (أنا حضرمي) أو (أنا شرعبي) وما على غرار ذلك قولهم (أنا يافعي) !!
صحيح أن من بين شروط البيض ما لا ينكره عاقل وأننا مع إخلاء صنعاء من المتاريس والقذائف والمعسكرات ولكن ألم تكن (عدن) مكانا ملائما للحنق ومقراً مناسباً للجان المصالحة ؟؟!
وإذا كانت القيادة السياسية في وطننا أول من يسعى لتشكيل خارطة جديدة في السياسة والجغرافيا فعلى أي هدف نختلف؟ ولماذا لا نتعامل مع الأمر الواقع ونعترف بأن هؤلاء الذين يحكموننا إنما يستمدون ثقلهم من انتماءاتهم المناطقية ويتحدثون باسم قبائلهم.
ولهذا فالصراع القائم في وطني لا يدور بين أحزاب سياسية أو منظمات ولا على التباري الحضاري بين البرامج ولكنه صراع قبلي مناطقي وقد يتطور بفضل (الديالكتيك) ليغدو صراعاً بين حافات المدن وقرى الريف.
الصحيفة: التجمع
العدد: 87
التاريخ: 14 سبتمبر1992م
التعليقات (0)