- قوس قزح- القلق النبيل
القلق يؤرقني جداً حتى لكأني في هذا المساء نزيل قبر لا محالة.. القلق من حجم يشبه بالونات الأطفال.. والقلق من حياة تكشر في وجهي وتغرس أصابعها وربما عصيها في عيني..
القلق من شيء بلا كنه يلكزني بعضده ويومىء إليّ بجسارة كأنما يقول: أهذا أنت ما تزال تتلبس الحياة..
القلق يدهمني صباحاً بوجه حبيبتي.. القلق أواجهه في الضحى كما لو أنه ساعي البريد.. القلق ينتصب أمامي كبغي في مرقص أوربيّ، القلق يدُبّ في جسدي ما بين المغرب والعشاء كمروحة داخل فرن غازي، القلق في ساعة متأخرة من الليل كرجل على سطح داره يبتهل إلى الله بقلب ضارع ويد تهتز وجسم يرتجف ودعواه (اللهم نجني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم)، القلق على حبيبتي من الذين يجلسون بين يديها ويأكلون من مائدتها ثم يستعدون عليها الأفاعي، القلق على صدرها المفتوح وحلمتي نهديها المكتنزين..
آه .. القلق يخيفني وهو أضعف الإيمان.
القلق على تداعيات الأيام من تداعي الرجال وصرامة الزمن، الأيام لا تتكرر إلا للمتخاذلين.
هل قال لك أحد بأن الزمن يصنع نفسه؟!، الزمن وسيلة فقط فإذا بلغنا الهدف فهو غاية..
أنت تغطي رأسك بعمة بقلنوسة بـ قبعة بـ بريه فكم لا تستر عورة من تدعي أنك حبها..
لكني أخاف على القلق من الفرح.. أخاف على القلق لأنه حالة الصحو التي يبحث عنها المتفرقون.
القلق وطن الحرف الذي يذكرني بوطني ..
القلق وطني لأنه يعيدني إلى نفسي..
القلق زورقي المثقوب الذي يمخر في بحيرة آسنة.
بدون القلق نفقد آخر فرصة تضعنا أمام مشروعية الحياة.
كثيراً ما نصغي السمع إلى تغاريد بلبل، سجع حمامة، وزقزقة عصفور ونحسب ذلك غنآءً لكن من يدري فربما كان ذلك الصوت الرقيق نواحاً غامضاً في عالم يتداعى من الغموض..!
أحب القلق وأعشقه فلطالما ذكرني بحبيبتي ...تلك الزهرة المحمولة على رأس خنجر.
الصحيفة: التجمع
العدد:
التعليقات (0)