- قوس قزح-
إنه الخوف على الوطن
ما من يوم يمر إلا وجدت سبباً جديداً لمخاوفي على وطني.. ويصيبني الذعر مع كل إجراء يتبع أو خطة ترسم أو سياسات عمياء تقر فيقابلها الشعب بالسخرية وعدم الاكتراث.. ومما يدمي القلب أن يصبح التفريط بمصلحة الوطن قاعدة متعارف عليها ويغدو الحفاظ على هذه المصالح استثناء نادراً.
ويتعذر على أي منا خلال مرحلة كهذه أن يتعرف على ملامح المستقبل القريب وحجم الكارثة التي ستنجم عن هذا الجنون الذي لا حدود له.
إنهم جميعــًا على عجلة من أمرهم وليس لديهم فرصة للتفكير بهدوء، الذين في السلطة منشغلون بتثبيت أقدامهم حتى وإن كان الثمن حرية الشعب ونهب ما تبقى لديه من إمكانات للعيش بشرف والبقاء بأقل مقومات الشبع كما أن الذين رمت لهم السلطة بالفتات منشغلون بالحصول على حسنات إضافية وبدلات تواطؤ وصمت.
وباستثناء نادر تتباهى أطراف في المعارضة بزحفها المقدس لا في اتجاه الوصول إلى الحكم ولكن بلفت انتباه السلطة وإدراك شيء من الاهتمام والعناية.
وفي غمرة الزحام تسقط مصالح الشعب ويغيب الوطن عن ذاكرة أبنائه.
أما الجماهير فإني أجدها تتصدر بيانات الأحزاب السياسية وبين ثنايا ما يكتب في الصحف ولا أجد لها أثراً في فعل أو رد فعل فزيادة مليم واحد في سعر رغيف الخبز بمصر يحرك شهية الشعب للثورة والتمرد، بينما ترتفع أسعار كل شيء في بلادنا ولا خرج اثنان من كل عشرة ألف مواطن في مسيرة احتجاج وتذمر.
إنني أخشى أن تصل الأمور إلى درجة من اليأس تجعلنا نضع للاستعمار مزاراً وننتظر البدر حاكماً.
ولا أعرف ما إذا كان القدر قد كتب أن تبدأ مؤشرات قيام الساعة من اليمن أم ماذا؟.. ثم أليس غريبـــًا أن يدعونا اللصوص إلى الأمانة، ويحثنا الخانعون على الاستبسال، ويعظنا قطاع الطرق, ويدلنا على الفضيلة دباغ رذائل..؟!
أليس مريبـــًا أن الذين يشتغلون بالسياسة أضعاف من يعملون في مواقع الإنتاج؟!
أليس مشروعـــًا إذاً أن يصل خوفي على وطني حد البكاء..؟!
الصحيفة: التجمع
العدد:
التاريخ: 21 يناير1991م
التعليقات (0)