- قوس قزح-
مواسم القرف
قبل بضعة أشهر ظهر على الناس تاجر طيب ودود يوزع الهبات ويبشر بالطيبات.
وفي مهرجانات شعبية حاشدة أقيمت بعدد من محافظات الوطن الجنوبية احتفاءً بالأخ الرئيس لمع اسم هذا التاجر وتبوأ مركز الصدارة في أحاديث الناس وقصصهم ورويت عنه سير مطولة، وذهب بعض السذج من الناس إلى تسمية مواليدهم باسمه تيمناً وتبركاً ودرءاً للعين، أما العجائز المسنات من النسوة فقد جئن بروايات ينسبنها لولي الله العيدروس قوله قبل وفاته (سيظهر على أبين وعدن والضالع تاجر بنفس الاسم وذات الملامح ينشر الرخاء ويطعم الجياع ويملأ البطون لحماً حنيذاً ومربى بالعسل الدوعني الذي لا يوجد إلا مع أعضاء مجلس الرئاسة والوزراء)، وما هي إلا أسابيع قليلة وإذا الشعب اليمني كله يسدد للتاجر عشرات الأضعاف لكل ريال أعلن عنه تبرعـــًا لوجه الله ومصلحة الوطن.. وإلى أمد بعيد سنظل نسدد فاتورة تبرعات التاجر المحسن مع كل ريال يضاف لعلبة سجائر وحليب النيدو وأقراص البسكويت، فمخدات الإسفنج وحدها تجبي أرباح التبرعات، إنها طريقة ذكية للابتزاز وجرح كبرياء القيادة السياسية، إن التجارة حلال والربح مشروع والزهد فضيلة ولكن اللعب على الدقون حرام..
وما أغنى الوطن عن تبرعات كهذه وأحوجه لتجار أنقياء يدفعون الضرائب كاملة والجمارك دون تحايل ولا يرفعون الأسعار وكثر الله الرجال من أمثالهم بعد ذلك.. إن مهارتنا في الغش تكاد تصبح من القضايا المرتبطة بالسيادة والشعب بغران طفران فارحموه..
الصحيفة: التجمع
العدد:
التاريخ: 18 مارس 1991م
التعليقات (0)