- قوس قزح-
ذل الحاجة
فرق شاسع بين مواطن عربي يفرض عليه الموت بقذائف الاعتداء ومواطن عربي آخر يتمنى الموت من إقلالٍ وفاقةٍ ونكدٍ.. وفي علمنا أن الشعوب لا تفنيها الحروب ولكن الذي يفنيها الجهل والعيش مع حكام إن شبعوا أذلوها بمغامراتهم وإذا جاعوا أكلوها وافترشوا أهدابها واعتصروا منها الدم والدموع..
وليس ثمة حاجة لمنح المواطن العربي حرية الاختيار بين الاستشهاد بقذائف الاحتلال الأمريكي أو الموت تحت وطأة الحاجة كما هو حال الإنسان في بلادنا.. فالموت بحراب الأعداء خير ألف مرة من إحساس موظف شريف بأنه يعرّض أبناءه للموت جوعاً إن هو اعتمد على راتبه ولم يضحي بمبادئه لتغطية العجز عن توفير الحد الأدنى من احتياجات أطفاله.
وحرص الحكومة على الوطن من الطامعين به والحاقدين عليه ينسيها دائماً حقيقة أن أكبر عدو يتهدد مستقبل الأجيال ووحدة التراب هو تعريض المواطن لمذلة الحاجة وسلب حرياته وجرح مشاعره.. وإنه يصعب الدفاع عن الوطن بواسطة شعب يحتله العيارون والشطار.
ولا مبرر لمزيد من الغواية وتعاطي الآمال عن الخطط الضخمة للتنمية والتطور فنحن أمام صعوبات بالغة السوء.
وإذا كان راتب الموظف لا يغطي ربع احتياجاته فما ضرورة الحديث عن التقدم..؟ أو ليس الشعب صانع التقدم؟! وكيف يستقيم أمر كهذا والفقر يطحن الناس والأسعار في تصاعد مستمر وقيمة الريال في الحضيض والدخل نفسه لم يتحسن والحكومة لم تنته من سداد فواتير ضيوف الوحدة من الوزراء والوكلاء والمؤلفة قلوبهم نزلاء فنادق الدرجة الأولى..؟!
الحكومة لم تدرك بعد مدى ضجر الناس بها.. وهي على ما يبدو غير مستعدة للرحيل قبل وقوع الكارثة.. ورحم الله حكومة عملت عملاً فأتقنته..!!
الصحيفة: التجمع
العدد:
التاريخ: 11 مارس 1991م
التعليقات (0)