مواضيع اليوم

- قوس قزح-العبث الديمقراطي

أحمد الشرعبي

2009-12-31 07:30:50

0

- قوس قزح-
العبث الديمقراطي

ما أروع وأجمل وأرق من الديمقراطية حين تقذفها بعض الأفواه على مسامعنا وحين تسطع من ثنايا الخطابات والمحاضرات التي نستمعها من بعض الذين يعدون أنفسهم في المعارضة حتى لقد حسبتهم رضعوا من ثدي الديمقراطية فصارت وقد اشتد عودهم تجري في دمائهم وتنشر عبقها الزكي في أفكارهم وتلازمهم من المهد إلى اللحد.
لا يتذوقون حلاوة الحياة مالم ترف نسائم الديمقراطية ولا ينعمون بنعسه عميقة في الهزيع الأخير من الليل دون تسبيحة من أجل المساواة إذ يقدمون أرواحهم الطاهرة وعصيّهم الفذة دفاعاً عن حقوق الإنسان.
بأدمعهم الهتانة يغسلون مواجع الفقراء وببياناتهم الحبيبة يمسحون أتربة الألم المتراكم فوق سطوح المنازل الآيلة للسقوط يريدون –وأجرهم على الله– أن يجعلوا قاع جهران (سوسي) والبحر الأحمر عسل يغترف منه كل محتاج ومعدم.
لكنها الدولة.!
الدولة منعتهم من تحقيق رغباتهم وصادرت حسناتهم التي ادخروها للناس.
لكنها الدولة.!
إنها التي تعترض نزول الغيث الذي وعدوا وهي المعيق لسطوع شمس عدالتهم.
ولأننا في المجتمع اليمني لا نتمتع بقسط من العدالة عند توزيع الثروة، ولأننا فعلا نفتقر لمقومات مشروع (الدولة) التي نحس بأنها منا وأننا منها، لذلك تجدنا كالرجل المريض الذي لا يترك بصيصـًا من أمل إلا وتعلق به يلتمس لنفسه الشفاء في أبواب المشعوذين ولدى الأطباء الفاشلين وقد يقضي حتفه ومياسيم الدجالين تكوي ظهره، بيد تلوح على ملامحه ابتسامة رجاء..
نحن إذاً ذلك المريض الذي لا يسعفه الحظ عند لجوئه إلى حكومة أشد اعتلالاً وأكثر وهناً وأخطر عدوى..
ذلك المريض الذي لا يرفق به المشعوذون من ذوي الغلو المتطرف في المعارضة والمتصوفون في الذات الديمقراطية.
ولعمري فإن حكومة جائرة أقل ضرراً بالشعب من معارض كذاب.. تراه يحارب باسم الديمقراطية وبسلاحها وطهارة مثلها فإذا أحس بها على مقربة منه ألقى بها في التراب، وداس على هامتها وغرز قراميد سطوته في مؤخرتها دون حياء..
هذه المعارضة وما على شاكلتها هي التي تمد السلطة قوة إلى قوتها.
وفي كل موقف انتهازي لمعارض لا يحترم نفسه يطول عمر الحكومات وتمدد الفترات الانتقالية وتنهار عزيمة الشعب وتتلاشى قدرته على المواجهة أو الثورة.
إني لأتساءل ببراءة السذج.. كيف لديكتاتور في حزبه أن يكون ديمقراطياً في شعبه يوم يصل إلى السلطة..؟
معارض يقول ( لا) حين يقول الناس نعم.. ويقول (نعم) حين يجمع منطق الضمير وفلسفة الأشياء وقيم الحياة على قول (لا..) هذا النموذج الوطني المعارض ألا يدفعنا أن نبتهل إلى الله وندعوه أن يطيل في عمر حكامنا ويجعل سلطتهم أبدية..؟
إن سلطة غير ديمقراطية أرحم من معارضة تلغي عقل الإنسان وتتخذ منه سلماً للوصول إلى أهداف عديمة النبل.
ويتأكد لنا يوماً إثر آخر أن الرجعية العربية خيار مرّ.. لكنه أكثر ملاءمة للنفس من وطنية الانتهازيين وتقدمية السفاحين العرب وفي صدارتهم هؤلاء الذين في اليمن. فما من زهرة تهفو للحياة إلا قطفوها.. وما من ليلة قمراء إلا وخلعوا عليها لباس الخوف.
إن ائتمنتهم الأقدار على الحكم عاثوا ولاثوا وجعلوا القتل ولغة التعذيب ديناً، وإن وضعتهم أقدارهم في المعارضة رفعوا شعارات الشرعية والسيادة وفتحوا فوهة (القضية الوطنية) وتحولوا إلى قطط أليفة في ردهات المنظمات العالمية لحقوق الإنسان.
إلى الحبيب عبد الحبيب سالم
تأسرني صراحتك في مواجهة الظلم والعبث وتدميني الشوكة التي توضع في طريقك فلا تبتئس فلست وحدك.
غير أني لا أوافقك الرأي في بعض ما ذهبت إليه آراؤك عن (الطائفية) ذلك المرض الذي ينتشر في أوساط المعارضة ولدى كثيرين من رجال الدولة الذين دخلوا الأمية من بوابة الشعارات ووضعوا أفكارهم وممارساتهم ونزوعاتهم العملية في أصغر قرية ولم يتنفسوا من رئة الوطن الواحد مرة في حياتهم.
ويوم تقارن الأستاذ عبد العزيز عبد الغني و الدكتور حسن مكي بآخرين فلن تجد وجهــًا للمقارنة فكلا الرجلين حرص على أن يكون من شعبه وليس من النطاق الذي يملى عليه أسرياً ومناطقياً وبحسبهما أنهما لم يستخدما نفوذهما في إيذاء مواطن مهما بلغ خلافه معهما.
ويا عزيزي المتقد بالصرامة في التزام الموقف الشجاع ربما لا نرى الآن غير جزء محدود من الصورة وما يبدو لنا اليوم وكأنه الحقيقة بعينها ربما نجده غداً أقل بكثير مما هو في واقع الأمر.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات