- قوس قزح-
إنها المأساة
بعض الذي نحسبه تقدماً نحو الأفضل، يتراءى لي أنه الارتداد بعينه نحو الأسوأ، بما في ذلك هذا الهامش المتاح في ديمقراطية القربة المثقوبة..
قبل الوحدة كان الرقيب الحزبي في عدن، ومقص الأمن الوطني في صنعاء يحاصران حرية الكلمة إلى أبعد الحدود، ولكن طول العشرة، والتعود على الرقابة مكنت الكتاب من ابتكار طرق متعددة للتحايل على إخصائي الرقابة، وتمرير المواقف والآراء وتسريب النقد بأساليب ملتوية شتى..
في تلك المرحلة كان يستحيل علينا المطالبة بتوفير الزبادي أو حفاظات الأطفال مالم نبدأ الكتابة ونختتمها تقديساً لتعاليم لينين، وتمجيداً لانجلز وتسبيحاً بحمد ماركس.. وإذا هممنا التعرض لتصرفات طائشة من عريف في قسم الشرطة فإننا نحتاج إلى عشرات السطور التي نمتدح بها القيادة المؤمنة والحكومة الشابة والمنجزات العملاقة التي أعلن عن وضع حجر الأساس لها وبعد كل ذلك النفاق تدخل كلمة (ولكن)، ولكن الملاحظ وجود ممارسات فردية لبعض الفرقاء في بعض أقسام الشرطة يسيئون لبعض المواطنين... الخ
وما أن ينشر الرأي مغلفاً ببراويز النفاق حتى تثور الحكومة وتحاول إزالة الضرر أو مضاعفته..
أما الآن.. فإن النقد يريح الحكومة بمثل ارتياح الأحزاب لذلك، وكما يستمتع الأبرص بهرش جلده..
إنها سياسية (يا جبل ما تهزك ريح)..
فاتهام وزير بالثراء المفاجئ يجعله يصافحك بحرارة تنم عن استحسانه لجرأتك.. والكشف عن فضيحة في مؤسسة هي نكتة تسلي الحكومة.. والنقد متاح لأنه يفتح شهية الخارجين على القانون ويستحثهم للمزيد من العبث..
إنها المأساة.. إنها المأساة!
الصحيفة: التجمع
العدد:
التاريخ: 9 أبريل 1991م
التعليقات (0)