- قوس قزح-
إلى الدّحّان
بدأت أحس بأن القلم أضعف الأسلحة وأقلها قدرة على مواجهة البشاعة في حياتنا.
القلم جنوده خمسة في أصابع اليد، ولأعداء القلم ألغام فردية وسيارات (هيلوكس) ولديهم الزنازن والأسواط، ولديهم المال والذمم الفاجرة..
وما أشد الصعوبات التي نواجهها للتعبير عن موقف صادق حيال معاناة المجتمع في حين تستطيع السلطة فصد أوردة الشعب لتكتب بدم الإنسان وثيقة تأييد للقائد الرمز، حبيب الملايين والحارس اليقظ على مصالح الوطن..
ما القلم إذاً.. وسيلة تعبير (نفير يجمع وصدى يرجع) ما القلم يا صالح..؟
إذا كان القلم سلاحاً للدفاع عن الحرية فما هي طبيعة الأسلحة التي يستخدمها رسل العبودية، وفي أي المتاريس يمكن للسلاح المشتت الذي بعضه منك، وبعضه عليك أن يكسب معركة يتوحد فيها الآخر سلاحاً ورمحاً، ونتحولق نحن شتاتاً وتتسامق فتاتاً وتتخلق من بيننا نكبة الانحناء.. والنار آكلة منك الحنايا..
ضع بين أناملك ريشة بيكاسو ومحبرة أفلاطون وعقل أرسطو، وذاكرة أرسطاليس، واكتب إلياذة المأساة اليمنية، وتعاقد مع ابن خلدون على مراجعتها ومع إليوت لتنقيحها، واحشد العصور جميعها والحضارات دون استثناء وانظر آخر الأمر ما يفعل بك الزمن إذا قررت السلطة إعلان الحرب على الشرفاء من المتسلحين بالكلمة..
أأنت تختار سلطة ياقوتتها شبه مفتتة، وصوامعها من رماد؟
أأنت ضدي والزمان معك، وكنت حولك والزمان عليّ؟
ما بك يا صالح وحكامك من ثمود..؟
أفلا جمعت مزقىً، أفلا يممت أرقاً للشعب، وقلقاً للحرف وكوخاً للفقراء؟
بيد أن قلماً يشرغ بمداد القلب يختلف كلية عن قلم في يد السلطة تحرث به فيافي الأجساد ويبتذل إصدار فتاوى الإجهاز على حرية الرأي..
لقد بدت البغضاء من أفواههم وجعلوا الجراح بساطاً ناعماً ينامون عليه.. أنهم من عرفت وسترى كم هو مؤلم أن ترمي سهمك باتجاه الذئاب فيرتد سهمك إلى صدرك.. ويا صالح.. لا تساوم فإن البلاد ضيعة في المزاد، فقاوم!
وتذكر إن كانت الذكرى تنفع شعبـــًا تخنقه القيادة السياسية ويدفع الثمن في سبيل ديمقراطية الرأي أكثر مما ناله في عهد القاتل القتيل خميس والقاتل الماركسي الوزير والصديق الواقف بين القمع وبين طهارة الإنسان..
وثق أن لا غالب إلا الله..
ويا صالح.. حسن الختام ولا هبات اللئام والسلام..
الصحيفة: التجمع
العدد:
التاريخ: 23 ديسمبر 1991م
التعليقات (0)