مواضيع اليوم

- قصة قصيرة - المفسدون في ألأرض -

عوني قاسم

2012-09-05 08:15:31

0

كان يعيش في قرية مجاورة ، وكان الفساد وألإفساد من طبعه ، وكأنه يُعلم الشيطان ، فاتفق شيوخ بلده أن يبعدوه وأن لا يسمحوا له بدخول القرية بسبب سوء سيرته وسريرته ، فهرب إلى المدينة المجاورة وبكل ألأساليب الخسيسة أصبح له بيت وأولاد وأصبح من أصحاب رؤوس ألأموال في تلك المدينة ، وكنت لا أعرفه شخصيا ولكني سمعت من أهل بلده عنه . ويوما اضطرتني ظروف عملي أن أجلس معه فلما علم أني من القرية المجاورة لقريته راح يسهب في صف أعماله الشريرة التي كان يعملها في شبابه وهو في قريته ، ورغم كبر سنه وظهور أثر النعمة على سمته فكان وكأنه يفتخر بما كان يعمل من أعمال خسيسة قال : كنت لا أرغب بشيء ألا وأسرقه حتى مدخرات أمي وتحويشتها والتي لا تتعدى دنانير قليلة وسلسال فضة وبعض الغويشات ورغم فقرنا فقد سرقتها وبعتها ، وكان أكبر همي دجاجات الجيران أسطو عليها في الليل وأذبحها وأذهب إلى مغارة وأشويها حتى بدون غسيل ، وكم كنت أجدها لذيذة وكأني سبع مفترس ، فقلت بيني وبين نفسي إن ألذي يسرق الدجاج في الليل هو أحقر الحيوانات وهو الواوي أو الثعلب ومن أسمائه أيضا أبو الحصين وابن آوى ومعروف عنه المكر والخديعة وهي اهم صفات محدثي ولكن الثعلب لا يسرق مدخرات أمه فهو أشرف منك . وأكمل وكنت أحب الفساد وألإفساد ويوما دعيت إلى حفلة عرس في قرية مجاورة فذهبت إليها سيرا على ألأقدام لقربها وقبل الوصول جلست أستريح في ظل شجر كرم زيتون حديث الزراعة وكان الشجر ناميا وغضا وسمعت صوت الغناء ينطلق من القرية فقلت في نفسي ، والله لأنكدن عليهم سرورهم وأخرجت من جيبي سكينا ورحت أمشق القشرة عن ساق الغِراس ورحت أنتقل من شجرة إلى أخرى والذي أقدر على قطعه قطعته وكان ذلك قبل العصر بقليل ومن ثم أكملت مشواري إلى القرية وتغدينا وجلسنا ننتظر دخلة العريس من أجل النقوط وكان يتم ذلك في المساء والناس يغنون والكل مسرور وما هي إلا ساعة حتى جاء صاحب الشجر يقول أن أحدا قطع زيتونه وأنه يتهم فلان من القرية لخلاف سابق بينهما ودافع أهل فلان عن ابنهم وتكاتف اقارب صاحب الزيتون معه ودبت الفوضى بالعرس وحدث شجار استعملت فيه العصي والحجارة وأصيب عدد من الطرفين وانسحبت أنا بعد ما تغديت وبدون أن أخسر النقوط وعدت إلى بلدي وأنا أحس إني عملت شيئا . واستمر في حديثه وأنا أسمع وأعجب . وقال : لي أخ شقيق هاجر بعد ألإحتلال إلى خارج الوطن مع من هاجر ، ويوما زرته في مهجره فوجدت أنه يعيش وأسرته في بحبوحة فقد فتح دكانا واشترى حمارا وعربة وصار يبيع الخضار والفواكه لِحَيِّهِ ويخرج بعربته وحماره إلى مضارب البدو ويبيع ويتاجر بالأجبان ومشتقات الحليب ، فتقطع قلبي حسدا منه وعز علي أن يبقى مستورا في حياته فأسرعت عائدا إلى بلدي واشتريت مادة سامة ووضعتها في حبات تين مجفف ( قطين ) وكلفت ابني الكبير أن يسافر لبيت عمه ولا يفعل شيئا إلا أن يغافل أسرة عمه ويضع التين في علف الحمار ويعود . وفعلا سافر الولد ومعه هدية لبيت عمه ووضع التين بالليل للحمار بل أطعمه الحبات بيدة وفي الصباح وجد الحمار ميتا وعاد ابني ـ ابن أبيه ـ وقد حقق ما سافر لأجله .
قمت من عنده وأنا اعد اصابعي وأدقق في أوراقي وأحصي أقلامي خشية أن يكون سرق شيئا منها ، وبعد مدة علمت أن الرجل مات وكيف كانت موتته ، فقد هرب زوج من الحمام من عند جيرانه وباض وأفرخ على سيفار بارز من سطح بيته ، وصبر حتى كبرت أفراخ الحمام وقبل أن تطير صعد إلى سطح بيته ودلى نفسه أكثر من متر ليصل إلى العش فاختل توازنه وسقط وكانت نهايته .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !