قانون الجنسية …..تمييز صارخ ضد المرأة رد على نبيل غيشان لينا جزراوي
لينا جزراوي
اسمح لي استاذي الكريم أن أبدي احترامي لشخصك الكريم ولرأيك ، لكن أسمح لي أيضا أن أختلف معك في الرأي ، و أن أبدأ ردي على مقالك الخاص بالجدل المستمر على الساحة الأردنية حول المرأة الأردنية وحقها في منح جنسيتها لزوجها وأبناءها ، لقد بررت بأن الدولة الأردنية عندما ترفض طلب المساواة في حق الجنسية بين الأردني والأردنية ، فانها لا تقصد المعاداة لحقوق المرأة ، وأن القضية قضية ذات بعد سياسي ، وديموغرافي ، وأسمح لي أن أقول بأن الحرمان من هذا الحق لهو صلب المعاداة لحقوق المرأة ، وصلب التمييز وانتهاك الحرية والحق ، الحق في المواطنة ، والحق في حرية اختيار الشريك ، فيا سيدي الكريم لو كان الموضوع والقضية ليست معاداة لحقوق النساء الأردنيات وليس تمييزا على أساس الجنس ، لما استثنى القانون 79 ألف امرأة أردنية متزوجات من جنسيات أخرى ، غير أبناء غزة والضفة الغربية ولما حرمهن من حقهن في المواطنة، أسوة بالأردنيين الرجال ، المتزوجين من جنسيات أخرى ، هذا لو افترضنا أننا مقتنعون بحجة الدولة وبعض قوى المجتمع في (الحفاظ على الهوية ، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين).
فلنتوقف قليلا ونعيد النظر بقضية عدم المعاداة لحقوق المرأة ، لأن الحقيقة هي أن هناك معاداة فعلية لحقوق 79 ألف امرأة أردنية لا تعترف الدولة بمواطنتهن ، وتعاملهن بتمييز صارخ ، على أساس الجنس ، وهي الدولة الموقعة والمصادقة على الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، الذي لم يفرق بين انسانية الذكر وانسانية الأنثى ،ومواطنة الذكر ومواطنة الأنثى ، وهي الدولة الموقعة والمصادقة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، سيداو، والتي رتبت على دولتنا الأردنية التزامات واجراءات قانونية تمنع التمييزفي الحقوق المدنية والسياسية بين الجنسين، فهل هناك تمييز أكثر من ذلك؟
لقد سمحت الدولة لنفسها بالتدخل المباشر في خيار المرأة الأردنية عند اختيار شريك حياتها ، ووضعت أمامها العراقيل والمعيقات بل وعاقبتها على اختيارها ، وعاقبت أبناءها عندما لم تسمح لهم بالتعليم والعلاج والعمل كأردنيين ، بينما تركت للرجل حرية الاختيار ليتزوج من يشاء ، عربية كانت أم أجنبية ، فالأولى تحصل على الجنسية الأردنية بعد ثلاث سنوات من الزواج ، والثانية بعد خمس سنوات ،وتمنح هذه الأجنبية الجنسية الأردنية التي لا يربطها فيها لا لغة ولا قومية ولا انتماء .
أما قضية فلسطين وحق العودة التي يتم زجها في معظم مطالبات المرأة الأردنية بالمساواة في هذا الحق ، على اعتبار أن ديموغرافية المجتمع الأردني متعلق برقبة المرأة الأردنية ، وأن منح هذا الحق سيزيد من عدد الفلسطينيين في الأردن ، فيمر برأسي تساؤلات عدة…. ألا تعتبر مشكلة للديموغرافيا ، بأن الأردنيين من أصل فلسطيني يمكنهم أن يمنحوا الجنسية لأبناءهم وزوجاتهم الفلسطينييات ؟، ألا يعني ذلك بأن الفلسطينيين هم في ازدياد بطبيعة الحال ، ثم لماذا تتحمل المرأة ، عبء القضايا السياسية ومشكلة الهوية ومشكلة التركيبة الديموغرافية ؟، ألا يكفي ما عانته المرأة العربية وماتزال تعانيه من اضطهاد مجتمعي وقانوني وتشريعي على مر الزمان ؟ ولماذا عند مطالبات المرأة بحقوقها ، تلبس كل قضايا التمييز والانتهاكات ضدها ، ثوب الهوية؟ أين التناقض بين الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية ؟، ففي زمن ماض لم يكن هناك الا هوية واحدة ،عربية جامعة ، شرق النهر وغربه ، وبقرار سياسي لم يكن للمرأة دور ولا رأي فيه ، تغيرت أدوات اللعبة السياسية وتركيبتها، والمرأة مطالبة دائما بأن تدفع الثمن..
وبنظرة سريعة للشريعة الأسلامية وأحكامهافأنا أؤكد لك أن أي من رجال الدين والقضاة الشرعيين لايعارض منح المرأة الأردنية هذا الحق ، فالشرع قد ساوى بين المرأة والرجل في حق الجنسية ، وهو الشرع الذي يشترط رضا المرأة الكامل واختيارها الحر لشريك الحياة ، ليكون عقد زواجها صحيحا ، أما أن نستخدم الشريعة والدين وندعو للدولة المدنية والديموقراطية – دولة المواطنة والقانون والعدالة عندما تلائمنا ، فان أبسط قواعد المنطق تحتم علينا أن نزن بنفس الميزان …. مهما كانت الظروف والمواقف .. وحتى لو أختلفت الظروف والمواقف … فلا تكون المرأة دائما هي كبش الفداء.
لقد نصت المادة(2) من قانون الجنسية “بأن كلمة أردني تعني كل شخص حاز على الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام هذا القانون”، كما نصت المادة(9) من نفس القانون على أن أولاد الأردني أردنيون أينما ولدوا ، وهنا يمكننا القول بأن القانون قد عرف كلمة أردني بكل شخص ولم يفرق بين رجل وامرأة ولو أراد أن يفرق بينهم ، لنص في التعريف أن كلمة أردني تعني رجل وليس كل(شخص)، ووفقا للمادة (2) والمادة(9) تستطيع المرأة الأردنية أن تمنح جنسيتها لأبناءها مثلها مثل الرجل تماما.
فانصافا للأردن وا للقضية الفلسطينية ، وللمرأة الأردنية ، يجب اعادة هذا الحق لصاحباته، فالمرأة الأردنية لم تعرف وطنا غير الأردن ، ولم ترب أبناءها الا على حبه والانتماء له ولقضاياه ، وعدم منح المرأة الأردنية الحق في اكساب جنسيتها لزوجها وأبنائها ، هو معاداة لحقوق المرأة ولكرامتها ، ومعاملتها كنصف مواطنة ، وهذا يتناقض مع مواد وبنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، الذي نصت المادة الأولى منه على أن “يولد جميع الناس أحرارا متساوون في الكرامة والحقوق” ، فلا تأتي الدولة وتقرر أن كلمة (الناس) تعني الذكور ، وتستثني الاناث.
الانسان الذي يفهم حقوق الانسان ويدافع عنها لديه قوة أكبر للمطالبة بحقوق المرأة والدفاع عنها، فالحقوق والحريات ، كل واحد ، حزمة واحدة ، غير قابلة للتجزئة … وأنتهاك حق سيؤدي بالضرورة لانتهاك باقي الحقوق.
التعليقات (0)