طقوس وبائية .. (قصة قصيرة )
أخذ يتسلى بالتدخين ليخدر رغبة اشتعلت دون مقدمات ، لكن تجاهل الشيء معناه الكبت داخل منطقة اللاشعور، تشنجت أطرافه قفزت أمامه كل الأحداث، كانت حاجته إلى البوح رغبة جامحة ، ماذا سيهمس بأذن الظلام دون ان يقلق غفوة الحيوانات الخرافية؟ إذ لايمكن ان يكون هذا الليل صديقا لاحد، النجوم ندوب مضيئة ثابتة في اماكنها القديمة ولايقلقها شيء ، والقمر امير اسطوري منبوذ في زمن الاقمار الصناعية ،عن ماذا سيكتب سأل نفسه؟ اوراقه البيض تعكس صفاءا لم يلوث بعد ، وبانامل ترتعش امسك بالقلم ، فكر في الكتابة عن الحشرات التي تصدر اصواتا ليلية كانها تعلن نهاية العالم ، خطر في باله الكتابة عن تناسل القطط المذهل في المزابل، عن هجرة الطيور،أو فتق الاوزون ، وتخيل حجم الرقعة، أوفتوق اخرى اشد اتساعا ، ام عن كذبة انقراض الدينصورات، عن ماذا سيكتب بأحرف خرساء فكر بيأس؟ كانت دموعه قد بللت أوراقه البيض ، سرت رعشة لمشاعر بدائية على امتداد جسده النحيل وهو يختنق بالكلمات، أدرك إن شيئا ما لايرى يسري مع دمه المضطرب،وفجأة شعر إن يده اليسرى سقطت ميتة على ركبته حاول أن يرفعها ، استنفر كل قواه ولكن دون جدوى ، لم يعر للأمر أدنى اهتمام فقد تعود أن يرى كل يوم قطعة منه تموت ، واخيرا اختلجت احاسيسه بلحظة فرح مفاجئة كمن عثر على شيء ثمين ، قرر ان يشرب ويشرب حتى اخر كاس في الزجاجة ليصل ذروة النسيان كملاذ ابدي، في متاهة هذا الظلام البهيم وهو يكفن مهازل البشر برداء فاضح .
صادق البصري / بغداد
التعليقات (0)