مواضيع اليوم

طرابلس في ذاكرتي .....

ليلى عامر

2011-03-01 08:41:39

0

 

 

ذات مساء حين ضاقت بي سبل الحياة
و توغّلت يد الهموم لتكسر آخر الأمنيات
قرّرت أن أركب المغامرة و أرحل إليك ....

 

دخلت طرابلس المدينة الّتي أدهشتني بلافتاتها و اختلاف الأجناس فيها
كما أدهشتني بفوضى المرور و اللاّمبالاة في طرقها المزدحمة ....
تكيّفت سريعا مع أهلها الطّيبين و رحت أعيش بين العائلات كأنّني ليبية في حديثي و لباسي
و حتّى عادات غذائي تغيّرت


لن أنسى أبدا كيف كانت السّيّدة حياة تعاملني ....

في بيتها و في كلّ ركن منه
كانت لي ذكريات مع بناتها و أطفالها .....


و هندة الطّفلة الرّاكضة إلي كلّما أخطأت و خشيت العقاب ...


أحبّتي في سوق الجمعة ...

في تاجوراء ...


في ذات العماد ....

في طريق المطار .....

ماذا حدث ؟؟؟


و لما انقلبت حياتكم هكذا فجأة ؟؟؟


لما نقف مندهشين لا نعرف ماذا نفعل ؟؟؟
لما تتقاتلون ؟

أحبّتي و زملائي في مبنى الصّحافة بالأخص

العزيزة سعاد و الأخ عبد الحفيظ في جريدة الجماهيرية


مرّت سنوات و لم تختف صور المدينة الواقفة

على ضفاف الفرح
لم تسقط من ذاكرتي عراجين تمرك الّتي راقبتها من نافذتي ....


و لم أستطع بناء حلم آخر بعيدا عنك


و كلّ عام كان يفاجئني نفس الحلم و نفس السّؤال و لأنّ القلب كبّلته
قيود أخرى ...

قيود الحياة الّتي لم تعد سهلة....


رغم مرارة الفراق ...

رغم دموعي الّتي ذرفتها هناك ألما و حزنا و ندما...
حتّى كاد المرض يهلكني...

لا تقفز إلى ذهني سوى أغنيات تلك اللّيبية السّمراء و هي تردّد
أغان شعبيّة من عمق التّراث اللّيبي

( جدي الغزال )
كنت أعشق هذه الأغنية و مازلت أستحضرها شوقا لها و للأيّام الّتي ساندتني فيها....


أوّل لافتة في مدخل طرابلس الغربي لا تمحى من ذاكرتي

( ليبيا أرض كلّ العرب )


و لم تكن للعرب فقط بل من كلّ الجنسيات ......


في ليبيا لا خدم و لا عمّال للتّنظيف من جنسية ليبية ...


لم أر في شوارع طرابلس عمّال نظافة غير الأجانب


و لم أسمع طيلة أربع سنوات قضيتها هناك

عن ليبية تعمل خادمة في البيوت


هذه الأعمال هي للأفارقة و المصريين و الجزائريين

و المغاربة و التّوانسة
و حتّى من سوريا و العراق


طيلة تلك المدّة لم يعترضني شرطيّ واحد و يطلب أوراقي الشّخصيّة


و لم تشعرني جهة ما أنّني من دولة أخرى


فأنا صرت أحبّ شايهم و طبيخهم العائلي وحفلاتهم المحتشمة...


فلما يعاقب اللّيبيون على هذه الطّيبة ؟


لما يجرّون إلى حرب كانوا في غنى عنها ؟


لما تحوّلت آلة الموت إلى بلادهم تحصدهم بلا رحمة ؟


و الله لا يستحقّون ذلك

و ليسوا كما تصفه وسائل الإعلام العبريّة القذرة...


و إنّي أخاف عليهم من أن ينحدروا إلى مستنقع الدّماء ...


مستنقع عشنا به عشر سنوات حمراء...

 

أعيدها مرّة أخرى بصوت مبحوح...

 

رجاء لا تتخلّوا عن بلادكم و ترموها للذّئاب المتربّصة


لأجل ليبيا أيّها القائد قدّم حلاّ و تحاور مع شعبك ...


أو غادرها و اترك لهم زمام الأمور


أكيد من بين الأربع ملايين يوجد الشّرفاء

الّذين يتولّونها و يعيدون مجدها


و المستقبل  لكم ولأولادكم و أحفادكم ...

 

المحبّة الوفيّة

ليلى عامر 28 فيفري 2011

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات