ظهر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بعض الليونة في خطابه المعادي لإسرائيل، مؤكدا أنه لن يمنع الفلسطينيين من الاعتراف بالدولة العبرية في إطار حل إقليمي على أساس "دولتين". وتأتي "ليونة" نجاد بعد أيام قليلة من الكشف عن انتشار حمضيات إسرائيلية للبيع في الأسواق الإيرانية تحمل طوابع عبرية كتبت عليها "يافا"، هي الطوابع التي تستخدمها المؤسسة الإسرائيلية للترويج للحمضيات لديها.
وتسبب البرتقال الإسرائيلي في إحراج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بعدما كشفت صحف إيرانية أنه وزع البرتقال الإسرائيلي على أهالي مدينة إسلام شهر الجنوبية خلال زيارة ميدانية لها قبل يومين. وذكر موقع "سلام" الإصلاحي أن البرتقال الموزع "كان مكتوب عليه اسم إسرائيل، ووزع من قبل أنصار الرئيس نجاد علي الإيرانيين في تلك المدينة".
لكن مساعد وزير التجارة الإيراني محمد صادق مفتح حمّل شركة خاصة المسؤولية، قائلا إن البرتقال لم يخضع لرقابة وزارة التجارة. وأضاف مفتح أن حكومة نجاد ليست مسؤولة عن ذلك، بل "إحدى الشركات الخاصة التي تم حجز مكتبها ووضع الشمع الأحمر على أبوابها وستخضع لمساءلة قانونية".
وبالفعل، بدأت السلطات الإيرانية التحقيق مع عشرات أصحاب المصالح والعمل وموظفي الجمارك حول وجود البرتقال الإسرائيلي ضمن صنوف الحمضيات القادمة من تل أبيب.
وبينت التحقيقات أن "البرتقال الإسرائيلي" وصل إلى الأسواق الإيرانية عن طريق الصين، خاصة وأن العديد من البضائع الإسرائيلية تصل طهران عبر هذه الطريقة، وأيضا عبر دول مجاورة بدون اعتراض السلطات الإيرانية.
أما الاعتراض الإيراني فجاء لكون المصدّرين الإسرائيليين، أو الوسطاء الصينيين، "نسوا" هذه المرة إزالة الملصقات العبرية، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر إسرائيلية. وأظهرت الصور التي وزعتها وكالة "مهر" للأنباء أن البرتقال يحمل بوضوح علامة "إسرائيل/فاكهة حلوة".
وتعيد هذه الحالة تسليط الضوء على قضية ترويج البضائع الإسرائيلية في إيران، وهي مسألة تخضع لنقاش مستمر في الشارع الإيراني، ولا تقتصر على الحمضيات. ونشرت أنباء في حينه عن بيع أجهزة إلكترونية ومنتجات زراعية وأسمدة إسرائيلية في إيران تصل عن طريق تركيا والعراق والهند.
وقالت مصادر إسرائيلية إن العديد من البضائع الإسرائيلية كانت تصل إلى إيران عبر لبنان في فترة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، ولكن الصين أصبحت أكبر وسيط لبيع البضائع الإسرائيلية في إيران في السنوات الأخيرة، كما أن العديد من البضائع الإيرانية تباع اليوم في إسرائيل وبشكل علني، وخصوصا الكستناء والعسل والفستق وبعض أنواع الملابس الداخلية وغيرها.
وأدى الانشغال بهذا الموضوع إلى قيام مرشد الثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، بإصدار فتوى في يناير/كانون الثاني الماضي يحرم فيها "إبرام صفقات لصالح الكيان الإسرائيلي الغاصب"، مؤكدا أنه "لا يجوز لأي أحد استيراد وترويج البضائع الإسرائيلية، كما أنه لا يجوز للمسلمين شراء تلك السلع".
عودة للأعلى
"لن نعارض" اتفاق السلام
أما سياسيا، فقد "أوحى" الرئيس الإيراني بأن طهران لن تعارض قرار الفلسطينيين في حال اعترافهم بإسرائيل، بحسب ما قال في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "إيه بي سي" الأمريكية أمس الأحد 26-4-2009.
وقال نجاد "مهما كان القرار الذي يتخذونه، لا مشكلة بالنسبة لنا، لن نحول دونه، مهما كان القرار الذي سيتخذونه فإننا سندعمه"، مضيفا "بالنسبة لنا، المسألة تتعلق بحق للشعب الفلسطيني، ونأمل أن تكون وجهة نظر الدول الأخرى على هذا النحو"، لكنه لم يوضح ما إذا كانت بلاده ستعترف بإسرائيل في حال التوصل إلى اتفاق حول قيام دولة فلسطينية.
وفي رأي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي أن مصير فلسطين ينبغي أن يحدده استفتاء يشمل جميع الفلسطينيين واللاجئين الذين أجبروا على مغادرة أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل، على أن يُستثنى من كانوا لا يقيمون في تلك الدولة قبل إنشائها، أي غالبية الإسرائيليين.
لكن الرئيس الإيراني الذي صرح مرارا أنه يأمل في إزالة إسرائيل "من الخارطة"، لم يحد عن خطابه هذا.
وعن حملته على "الحكومة العنصرية" الموجودة في إسرائيل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية خلال مؤتمر للأمم المتحدة في جنيف حول العنصرية الأسبوع الفائت، ذكر بأن هذا المؤتمر "عقد لمحاربة العنصرية". وقال "بالنسبة لي، النظام الصهيوني هو مظهر للعنصرية"، منتقدا الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي تحفظ بشدة الأسبوع الفائت على تصريحاته.
وأثارت مواقف الرئيس الإيراني استياء غربيا، وطرحت الولايات المتحدة تساؤلات حول أساس الحوار الذي يسعى أوباما إلى إحيائه مع إيران بعد 30 عاما من العداء.
إن الرئيس الأمريكي وجه في مارس/آذار رسالة تاريخية إلى الإيرانيين، مخاطبا قادتهم في شكل مباشر وداعيا إلى تجاوز ثلاثة عقود من غياب العلاقات بين البلدين. والأولوية لدى واشنطن التأكد من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تصنع قنبلة نووية، فيما تعتبر إسرائيل أنها المستهدف الأول في حال تحقق هذا الأمر. لكن طهران تؤكد أن أنشطتها النووية مدنية.
ورغم أن إيران ردت إيجابيا على دعوة للدول الكبرى إلى استئناف الحوار حول تلك الأنشطة، فقد أكدت أنها ماضية فيها.
وقال أحمدي نجاد الأحد إن الرئيس الأمريكي "وجه إلينا رسالة صداقة، لكن البيان الذي صاغته مجموعة الدول الست لم يخل من عداء"، في إشارة إلى طلب الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) وألمانيا معاودة المفاوضات. ورأى أن "العلاقات بين إيران والولايات المتحدة تظل رهنا بالقرارات التي تتخذها الإدارة الأمريكية" في هذا الصدد.
كما طالب نجاد بـ"إطار واضح" لأي حوار محتمل مع الولايات المتحدة، مشددا على "وجوب أن يكون جدول الأعمال واضحا". وأكد الرئيس الإيراني الذي تنتهي ولايته في 12 يونيو/حزيران المقبل "إننا مستعدون دائما للتفاوض".
التعليقات (0)