كتب حسن عصفور / خلال مؤتمره الصحفي الطارئ يوم الأربعاء ، عبر د. محمود الزهار وبخفة دم يحسد عليها تعليقا على قول صحفي بأنه لم يفهم جوابا بقوله ومش حتفهموا .. تلخيص كثيف جدا قاله د. الزهار عن مجمل ما ذكره في مؤتمره الصحفي .. لقطة ظريفة معبرة بعمق ، وهي صفة يتمتع بها الزهار دون عن غيره من قادة حماس ، خفة دم ربما اكتسبها من أهله والدته المصريين ..
ورغم هذه الملاحظة فلابد من رؤية بعض جديد حماس فيما قاله الزهار ، والذي بمجمله العام يدور حول البدء في عملية تراجع سياسي والتخلي عن حربها على الشرعية الفلسطينية ومصر العربية ، والبحث في مخارج تذهب بها الى القاهرة ( ليس عبر الانفاق طبعا) دون أن تبدو أنها تراجعت أو تنازلت أو تغيرت .. فمنطق حماس المستند لثقافة الإخوان المسلمين يرفض رفضا مطلقا الاعتراف بالخطأ أو الاعلان عن سوء تقدير أو ما شابه تلك المصطلحات النقدية ، ثقافة لا تعرف تعبيرا سوى أنهم دائما على حق ، رغم كل الأخطاء والخطايا في مسيرتهم التاريخية ، السياسية والسلوكية والثقافية .. لكنهم لا يملكون شجاعة الاعتراف بما يرددونه دوما الاعتراف بالخطأ فضيلة .. نظريتهم تستند ملاحقة الآخر بخطئه ومحاولة دفع الثمن ، فيما يستبدلون ذلك بقولهم الدائم تحت ضغط الحاجة والضرورة .. نحن أولاد اليوم وعفا الله عما سلف ..
مؤتمر د. الزهار غير المخطط له بشكل مسيق ، جاء في أعقاب لقاءات مع فصائل فلسطينية في قطاع غزة ، أكدت جميعها عدم التوافق معها حول مفصلين هامين لحماس ، الأول مفهوم حماس للتهدئة مع العدو الاسرائيلي وتوفير الأمن له دون ثمن وطني واضح ، وليس خوفا من ضربة عسكرية ، والثاني أن القوى أوضحت أن التوقيع على ورقة المصالحة هو الخطوة الأولى لانهاء الانقسام ، وهو ما يعني رفضا لاشتراطات حماس الداخلية ..
وتأتي التهديدات الاسرائيلية العسكرية التي لم تعد سرا ، وحركة الاعتداءات اليومية التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد سكان قطاع غزة ، دون أن ترد حماس حتى ببيان صحفي أو مؤتمر يهدد بالكلام على الأقل بالتصدي لسلوك المحتلين ، لتشكل رعبا أمنيا وحالة ضغط كبيرة تثقل كاهل قادة الحركة وكادرها الذين يعيشون حالة انتشار فردي وعام يعرفها كل سكان قطاع غزة ، هذه الحالة تجبر حماس أن تفعل ما تعتقد أنه قد يمنع عنها ضربة عسكرية اسرائيلية أكثر منه توجها حقيقيا لانهاء الانقلاب الأسود .. خاصة أن خطاب حماس بساعات قبل مؤتمر الزهار لم يكن خطابا تصالحيا جادا لا مع مصر ولا مع الشرعية الفلسطينية ، بل أن حديث الرشق الذي يصر ، بوقاحة سياسية غريبة ، على استخدام الكذب الاسرائيلي لاتهام الرئيس عباس وفتح بتعطيل صفقة شاليط صورة من عقم الرؤية والموقف وارتباك فوضوي غير مسبوق ، أتبعه رئيس المكتب السياسي لحماس مشعل بحديث الى قناة تلفزية بكلام لا يمت بصلحة لروح مؤتمر الزهار ..
ولعل رسالة السيد مشعل الى الملك السعودي ، والتي يناشده اللقاء به ليشرح له موقفهم ، اي بصيغة أخرى تبرير موقف حماس من الارتباط بعلاقة مع ايران واضحة وضوح الشمس ، عبر صور اللقاءات ومؤتمر مشعل الأخير في طهران الذي نظمته حكومة نجاد بهدف سياسي واضح ، لم يكن مشعل قادر على رفضه ، رسالة جاءت رغم زيارة مشعل للرياض ولقاء الوزير الفيصل ، وتصريحات مشعل العروبية – الهروبية لتعكس واقعا ما يدور ليس بما تريده حماس..
مؤتمر الزهار جاء مخالفا لروح كلام قيادة حماس في دمشق ، وبعض ناطقيها في قطاع غزة ، سواء حول مقتل الجندي المصري أو ما يحدث من وضع على حدود مصر مع قطاع غزة ، حيث اعتبرته حماس فعل يكمل الفعل الاسرائيلي ، هذا الفعل والذي كان حاضرا بقوة في كلام قادة حماس واعلامها مع المحطة الصفراء اياها لم يأت بذكره د. الزهار وتهرب من الاجابة عليه في المؤتمر الصحفي ، وبعد أن اتهمت حماس مصر بقتل الجندي بات شهيدا وستعمل للقيام بما يجب في هذا الموضوع ..
ولكن الأهم في مؤتمر الزهار محاولته التذاكي جدا للتعبير عن التراجع الاجباري المفروض الاضطراري من حماس تجاه المصالحة ، عندما الغى كل الشروط أو الملاحظات أو التوضيحات التي كانت شرطا لا بد منه والبحث بدلا عنها عن ضمانات مصرية للتنفيذ ، وهو فعلا ما تحدثت عنه القاهرة قبلا ، ما يعني رضوخ حماس لارادة غير ارادتها الذاتية ..
ومع كل ذلك لا يجب الاستخفاف بالانحنائة الحمساوية التي حدثت .. يجب التقاطها دون نسيان أنهم بلا قول صادق الى النهاية .. فتحولهم ليس وفقا لقناعة وطنية بل لضرورة وحاجة وتعبير عن باطنية يجيدونها .. موقف يجب الاستناد له فالوطن والشعب في مرحلة العداء الأكبر مع مشروع التصفية وخوف حماس من فقدانها محمية الاخوان المسلمين في القطاع .. عوامل تستوجب التفكير بعقلانية سياسية للذهاب الى مصر وضوحا .. فـدحرجة حماس السياسية خطوة نحو كوبري القبة في مصر الجديدة ..
ملاحظة : تبرؤ مشعل من ارتباط حماس بالاخوان سقطة سياسية واعلامية .. فلا زال مشهد النائب دخان في مهرجان حماس لبيعة الاخوان شاهدا .. يبدو أن مبايعة ابوالعبد هنية للمرشد الجديد أرعبت مشعل ..
تنويه خاص : تجاهل الرئيس الأمريكي للوضع السياسي في المنطقة ، موقف غير مريح بتاتا ، وعمليا هو موقف يخدم الموقف الاسرائيلي جدا .. بعض الصحوة يا بني بلدي المفاوضين والسياسين..
التعليقات (0)