الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد:
فقديما قال الشاعر :
سامح أخاك إذا خلط
منه الإصابة بالغلط
وتجاف عن تعنيفه
إن زاغ يوماأو سقط
من ذاالذى ماساء قط
ومن له الحُسنى فقط؟
هذاالشاعر يدعوناإلى التسامح ,ولكن متى ؟وإلى أى مدى ؟
إذاكان الخلاف مع أخيك ,لأن الأخوة تبعد التهمة ,وقصد العداوة.
ثم إن هذا الأخ خلط الصواب بالخطأ ,أى أنه ليس مخطئا دوما
بل يخطىء ويصيب ,وهذا شأن كل الناس .
ولهذايجدر بك أن ترفق بأخيك فلا تكن عنيفا فى نقدك له إذاأخطأ
لسبب وجيه جدا هو أنه لا يوجد إنسان معصوم من الإساءة ,ولا يوجد كامل بين البشر,اللهم إلا الأنبياءوخاتمهم محمدصلى الله عليه وسلم ,مع ملاحظة أن كمالهم بشرى,أما الكمال المطلق فلله
وحده جل وعلا .
ولكن أيها الأحبة التسامح شىء والتساهل شىء آخر...
التسامح فى الأمور التى تتسع فيها الاجتهادات ,فكما يكون لى الحق فى أن أعتقد ما أشاء,يكون لغيرى نفس الحق ,ومهما بعدت
المسافات بيننا فإن التسامح يسعنا ,ولنا فى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أسوة حسنة ,فهو لم يعاد اليهود أبدالأنهم يهود ,ولكن
لأنهم غدروا,ولم يعاد النصارى رغم مخالفتهم لدينه ,وإنمادعاهم
إلى المباهلة(أى الاحتكام إلى الله باستنزال لعنته على الكاذبين )
وعندما رفضواالمباهلة وطلبواالصلح قبل منهم .
فالتسامح إذن يعنى الرغبة فى التعايش فى سلام رغم اختلاف وجهات النظر .
ولكن .إذالم يقف الأمر عند مجرد اختلاف الآراء بل تعداه إلى
الإضرار والإفساد ,ماذا يكون الحل ؟
إن التسامح هنا يعنى تشجيعا للفساد ,وجرأة للمفسد على الحق وفى هذا اختلال لموازين العدالة التى يجب أن تقوم عليها الحياة
لمصلحة كل الأحياء .
ولذلك كان من عيون الحكمة العالمية ذلك القول الذى أجمع عليه
الكل :(أنت حر ما لم تضر ).
ولكن هناك الفرق الكبير بين أنواع من الضرر ..
فلان قتل فلانا ...وفلان قتل فلانا ...وفلان قتل فلانا..
فيحكم القاضى على فلان الأول بالإعدام ,وعلى فلان الثانى بالدية
ويبرىء فلانا الثالث ...
لم يا حضرة القاضى مع أن الفعل واحد ؟
يقول القاضى :لأن الأول قتل عمدا مع سبق الإصرار والترصد.
والثانى قتل خطأًً,أما الثالث فقتل دفاعا عن النفس .
أى أن الأسباب والدوافع لها دخل فى تكييف الفعل,وتقييم موقف
الفاعل .
أرأيتم -بارك الله عليكم -أن المسائل فيها نظر,وأن التسرع فى الحكم خطر ؟ وأن هناك ما يُتَسامح فيه ومالا يقبل التسامح؟
ما قولكم دام فضلكم فى رجل قوى يتصدى لامرأة ضعيفة فيضربها ظالما لها ؟
بم يصفه الناس ؟بالوحشية والتخلف ؟لماذا؟لأنه تعدٍِِ بلاحق.
إذن .المرجع هو الحق والحق أحق أن يتبع .
وبعد الحق تبقى قيمة أعلى من الحق وأغلى ,إنها (العفو عند المقدرة )وصدق الله العظيم :"فمن عفا وأصلح فأجره على الله "
بارك الله لنا جميعا فى ديننا ودنيانا وأخرانا,وآخر دعوانا أنٍِ الحمد لله رب العالمين .
التعليقات (0)