ليلة خير من الف ليلة..تلك التي سينبلج صبحها عن العراق السيد المستقل الذي تحمى مدنه وقراه بايدي وسواعد ابنائه النجباء..صبح تغسل شمسه ازقة ودروب الوطن ولا قوات اجنبية تطوف ازقته وشوارعه وملاعب اطفاله..صبح سينبيء العالم عن عراق انتفض من رماده واطل بنوره البهي فاعلا ومتفاعلا وباعثا ومشعا لقيم الخير والعدل والمساواة..وليكون منارا للشعوب المتطلعة للتحرر والانعتاق والمستقبل الواعد الذي يكتب فيه التاريخ بايدي ابنائه وتحترم فيه الحريات وحقوق الانسان..
ان هذا اليوم الذي تم ري رياحينه بالدم والدموع وعرق النضال هو يوم فرح وكرامة ويوم اكتسب فيه العراقيين سيادتهم الوطنية بتضحياتهم ودماء شهداؤهم الابرار وهو المثابة التي سينطلق منها العراقي في رحلة بناء الذات التي تستحضر حضارة الانسانية في بواكير مهدها من اجل اعادة الانتماء الى الجذور التي غيبتها الظلامية الصدامية وسنوات الجمر التي خلفتها ندوب في تاريخ الوطن المكلوم واضاعته في دروب المزايدات وبشاعة الاغتراب عن الهوية والدار والوطن..
ان الانسان العراقي العظيم جبل على الخلود ومحاربة النسيان ، فالشرائع والسنن وما سطر في الرقم الطينية والاختام الاسطوانية واسرارالكتابة الاولى وكل ما وجد من اقدم اثار انسان هذه الارض,وكل ما تسيد التاريخ من حضارات المدن السومرية وممالك اكد وبابل هي نتاج العشق العراقي لترك بصمة لمن يأتي من بعد ..ولتقدم للانسانية ما سوف يقف امامها باحترام وتواضع وخشوع مطلق ..لقد تحمل العراقي عن البشرية صناعة الحضارة على مرمى عشرات من القرون.. وهو الان يستلهم في استعاداته المتكررة للبواكير ما سوف يروي من ذات الارض الرافدينية المعطاء.. ومن ينابيعها الاولى ..جهد الانسان العراقي العظيم .. وفي تركيبتها العميقة نرى معاناة ومخاضات ولادة المبدع الذي يعيد بناء الوطن الحر المؤثر المنفتح على نفسه وعلى العالم .
لقد عمد العراق بالدم والنار كعنقاء تداولت البعث والنشور في حيوات وكبوات متعددة ..وكانت القيامة باهظة على مستقبل ومقدرات الشعب الذي صمد امام الريح الشريرة التي استهدفت مبرر كينونته وتماسك وجوده في عمق ركائز بناءه ..فلقد ترتبت للعراقيين حقوقا وديونا كثيرة في رقبة كل من امتدت يده اليه بالشر والعدوان .. وكل من استهتر بدماء ومقدرات ومستقبل العراقيين ..وامعن في وضع المعرقلات والمحددات لمسيرته في طريق الحرية وتعزيز خياراته الشعبية ..ولن يمكن لاحد ان يقسر شعبنا على تجاهل هذه الالام.. او الاكتفاء بالوقوف على حافة استذكارها.. بل هناك واجب ودين اخلاقي مقدس..في تخليد عظمة وجسامة التضحيات والمعاناة التي تكبدها الملايين من ابناء الشعب العراقي على مدى عقود التغول الصدامي وتمكنه من رقاب ومقدرات العراقيين..وما سفح من دماء خلال سنوات الاحتلال والتصدي للهجمة الفاشية الارهابية العجاف..هذه الدماء التي ستظل علامات مضيئة وشواخص على الطريق من اجل استكمال متطلبات الانعتاق وتحقيق التحرر والاستقلال.والذي سيكون صبح الثلاثين من حزيران اولى خطواته..
التعليقات (0)