مواضيع اليوم

وزير الخارجيّة العراقيّة: دول العالم فتحت أبوابها للتعامُل مع العراق والاستراتيجيّة الجديدة نـُريدها أن تـُشكِّل مُنعطفاً حادّاً في سياق العلاقات العراقيّة.. والنصر الذي تحقــَّق من الناحية العسكريّة لم يكُن بعيداً عن الانتصار السياسيِّ والوحدة الوطنيّة

التصريحات الصحافيّة التي أدلى الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة عقب انتهاء أعمال اليوم الرابع لمُؤتمَر سفراء العراق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أحيِّيكم أجمل تحيّة، وأرحِّب بكم أحسن ترحيب.. ها نحن اليوم ننتهي لليوم الرابع من المُؤتمَر الذي عقدته وزارة الخارجيّة، والذي ضمَّ عدداً كبيراً من سفراء العراق من مُختلِف مناطق العالم.

شهدت الأيام الأربعة الماضية لقاءات مُستمِرّة، وندوات مفتوحة، وتناولت ملفات مُتعدِّدة، وكانت تدور حول محور تطوير عمل الخارجيّة، وتقوية وشائج، وأواصر العلاقات بين بعثاتنا في الخارج، وبين أبنائنا وبناتنا من مُختلِف مناطق العالم في المهجر.

كانت الأيام الأربعة الماضية قد شهدت حركة مكوكيّة رائعة بين الهيئات الدبلوماسيّة كافة مع المركز، وشارَك في هذا المُؤتمَر عدد من الوزراء المرتبطين بالملفات المُهمّة: (الملفّ الأمنيّ، والملفّ الاقتصاديّ، وملفّ التعليم العالي والبحث العلميّ)، وكل ما من شأنه أن يمسَّ حاجات المُواطِنين في أيِّ منطقة من مناطق العالم التي تنعكس علينا من خلال بعثاتنا الدبلوماسيّة.

ولعلَّ من فضل الله -تبارك وتعالى- أن تقترن مسيرة المُؤتمَر في يومها الأوَّل بالنجاحات الباهرة التي سجَّلها أبناؤنا الأبطال في محافظة صلاح الدين، وتحرير تكريت من نير الطغمة الفاسدة، وانعكست على شكل بشائر، وطفحت على وُجوه المُواطِنين العراقيِّين من مُختلِف خلفيّاتهم سُنـّة وشيعة، عرباً وأكراداً وتركماناً، مُسلِمين وغير مُسلِمين.. إنـَّها -بحقّ- فرحة وطنيّة كان الجميع يترقــَّبها. ولعلَّ من حُسن الطالع، ومن حُسن الصُدَف أن يقترن اليوم الأخير من حلِّ المُشكِلة التي استحكمت بين الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وبين الولايات المُتحِدة الأميركيّة التي دامت مُدّة طويلة من الزمن، وكانت يُمكِن أن تـُعرِّض المنطقة إلى مزيد من التوتـُّر، ونحن لا نـُفكـِّك بين الأزمة الداخليّة، وبين الأزمات الإقليميّة، والعالميّة، فنحمد الله -تبارك وتعالى-، ونشكره على هذه النِعَم، والتقدُّم الذي حصل.

بالنسبة لمُؤتمَر سفراء العراق فقد تميَّز بأنـَّه تناول، أوّلاً: ملفات مُتعدِّدة في ندوات مفتوحة، وكلمات استهلـَّها الإخوة الرؤساء: رئيس الجمهوريّة، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، وكذلك ساهَمَ بعض السادة الوزراء بكلمات مشكورين، وتردَّدوا على المُؤتمَر، كما استضاف السفراءُ شخصيّات مُتعدِّدة من مُختلِف مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، وحظيت بتقدير واحترام ومحبّة السادة السفراء، وتخلّلت اللقاءاتِ كلماتٌ عابقة بالمَحبّة، والثقة، والإكبار لإنجازات الخارجيّة سواء كان على مُستوى الانفتاح، أم على مُستوى مدِّ الجُسُور مع الدول التي رُبَّما إلى الأمس القريب كانت قد غلـَّقت أبوابها والآن تنفتح على العراق.

العراق اليوم لا يُعاني من أزمة علاقات، بل انفتح على كلِّ دول العالم، وكلـّها تستجيب بين وافد إلى العراق وبين مُستقبل للدبلوماسيّة العراقيّة في عاصمته سواء كان في أستراليا، أم نيوزلندا، أم روسيا، أم دول الخليج، أم أميركا، أم بريطانيا، أم فرنسا.

كلُّ دول العالم فتحت أبوابها للتعامُل مع العراق، وننوي ضمن الاستراتيجيّة الجديدة أن لا نجعل من هذا الانفتاح انفتاحاً طارئاً فقط، ولا استجابة لمُتطلّبات مُواجَهة أزمة داعش فقط، بل نـُريدها أن تـُشكِّل مُنعطفاً حادّاً في سياق العلاقات العراقيّة مع دول العالم على المُستوى الإقليميِّ، وعلى المُستوى الدوليّ؛ لذا استـُثمِرت هذه الفرص. والعراق اليوم يتصدَّر الخط من الناحية السياسيّة، والإعلاميّة؛ لأنَّ الأزمة فرضت نفسها. واليوم تصدح بصوت الحلِّ، والنجاح، والفوز، وتعزيز الوحدة الوطنيّة.

النصر الذي تحقــَّق من الناحية العسكريّة لم يكُن بعيداً عن الانتصار السياسيِّ، والوحدة الوطنيّة، والتنسيق، والتعاون بين مُختلِف مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، وهذا هو جزء من العهد الذي تبنـَّته المُكوِّنات العراقيّة تحت اسم (العهد الوطنيّ، أو العقد الوطنيّ) بين المُكوِّنات العراقيّة الوطنيّة، وكان أوَّل البُنود هو تشكيل حكومة وطنيّة تضمُّ مُكوِّنات الشعب العراقيّ.

مازلنا نتطلّع إلى مزيد من الإنجازات، ونتطلّع إلى عالم خالٍ من المشاكل في أيِّ منطقة من مناطق العالم سواءً كان في ليبيا، أم اليمن، أم سورية، أم فلسطين، أم أيِّ منطقة من مناطق العالم. نتمنـَّى أن يكون العالم بعيداً عن المشاكل، وبعيداً عن الأزمات.

 

  • ما رُؤية الخارجيّة العراقيّة فيما يخصُّ الملفات الإقليميّة مع دول الجوار خـُصُوصاً اليمن، وليبيا، وفلسطين، وسورية، وما المُحدِّد لهذه الرُؤية.. هل هو مصلحة الدولة الوطنيّة، أم هو الدافع المذهبيّ، أم هو العلاقات مع دول الجوار، أم هو خليط منها؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتحدَّث عن موقف العراق من هذه الدول التي تفضّلت بذكرها.. نحن ننظر إلى ضرورة تماسُك الموقف الوطنيِّ العراقيِّ -وفيه كلّ المذاهب، وكلّ الديانات، وكلّ القوميّات، وكلُّ الاتجاهات السياسيّة- وقد برهن العراق بما فيه الكفاية أنـَّه مُتماسِك في داخله، ومن الداخل العراقيِّ المُتماسِك نتمنـّى أن نـُحقـِّق تماسُكاً إقليميّاً مع العراق مع الاختلاف الموجود بين دولة وأخرى، لكنَّ الدبلوماسيّة العراقيّة بَنـَت موقفها على أساس عدم التدخـُّل في شُؤُون الآخرين، والمُساعَدة في حلِّ المشاكل بطرق سلميَّة، ورفض التدخُّلات العسكريّة في أيِّ منطقة تكون مُلتهبة، وإبعاد المعايير غير الوطنيّة كالمذهبيّة، أو الطائفيّة، أو العنصريّة عن طريقة الأداء.

أعتقد أنَّ ما يجمع الدول العربيّة ولاسيَّما مع العراق أكثر بكثير ممّا يجعلهم في نِقاط الاختلاف، وذلك نتصوَّر أنَّ الأمّة العربيّة اليوم أكثر من أيِّ وقت مضى مُقدِمة على تحمُّل مسؤوليّة وحدة الصفِّ، وجمع الكلمة ليس فقط مع الدول العربيّة، بل كلِّ دول المنطقة. الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، والجمهوريّة التركيّة في تركيا، ودول العالم كافة.

نتمنـَّى لهم التماسُك، والتقارُب، ونحن على أتمِّ الاستعداد لأن يلعب العراق دوره في تحقيق هذه الأهداف التي تـُعبِّر بمُجمَلها عن تطلـَّعات الأمّتين العربيّة، والإسلاميّة.

 

  • هل لديكم معلومات عن حال الجالية العراقيّة المُتواجدين في اليمن، وهل لديكم تحرُّكات رسميّة، أو تنسيق عالٍ لإجلائهم كما فعلت دول أجنبيّة وعربيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: منذ الساعة الأولى تمَّ الاتصال، والتحرُّك لتوجيه هذا الملفِّ، والاطمئنان على أبنائنا وبناتنا في اليمن؛ ولأنـَّنا نـُدرك جيِّداً أنَّ القصف مُستمِرٌّ، وقد يطالهم إذا تمَّ نقلهم بشكل عشوائيّ؛ لذا أوصلنا رسالة إلى المملكة العربيّة السعوديّة بأنَّ الحكومة العراقيّة تـُريد سحب المُواطِنين العراقيِّين، وإجلاءهم من اليمن، وتريد أن لا يتعرَّضوا إلى قصف جوّيّ.

الجانب السعوديّ رحَّب بذلك من حيث المبدأ، كما أنـَّنا أرسلنا إشارة إلى الأمم المُتحِدة بأنَّ هذا الإجراء ليس إجراء العراق فقط إنـَّما كثير من الدول تابعت العراق في هذا الموقف، ولا أدري إذا كانت هناك دولة من الدول قد سبقتنا في ذلك.. نحن منذ الساعات الأولى أصدرنا التوجيه بضرورة الاطمئنان على المُواطِنين، ونقلهم إلى العراق، والاطمئنان على سلامتهم.

 

  • هناك تحرُّكات مكوكيّة شهدها مُؤتمَر السفراء الرابع.. ما الوصايا التي خرجتم بها من هذا المُؤتمَر؛ لتوطيد العلاقات الخارجيّة مع البلدان الصديقة للعراق.
  • هناك أنباء عن أنك أعفيتَ خمسة سفراء؛ بسبب عدم حُصُولهم على شهادة ما دِقة هذه المعلومات؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما يتعلـَّق بالسؤال الأوَّل: المُؤتمَر انفتح على كلِّ اهتمامات، ومشاكل، وسُبُل تطوير الخارجيّة سواء كانت في مركز وزارة الخارجيّة، أم في البعثات، وتحرَّك على أفق تمتين هيكليّة وزارة الخارجيّة، وكذلك البعثات في الخارج، والتعرُّف إلى مشاكل المُواطِنين العراقيِّين في الخارج، والتحرُّك على تقوية العلاقات بين العراق وبين دول العالم التي يُوجَد فيها سفراؤنا؛ للاستفادة منهم في كيفيّة استثمار العلاقات العراقيّة مع الدول بالشكل الذي تدرُّ علينا بفرص الاستثمار، وفرص المُساعَدات الخدميّة، والإنسانيّة خُصُوصاً أنَّ لدينا أكثر من مليوني نازح، وتـُساهِم من الناحية الأمنيّة في دعم الوضع الأمنيِّ في العراق، وفي الوقت نفسه تقوية التعاطي بين المركز وبين هذه الدول من خلال السفراء، والتركيز على جعل البُنية الدبلوماسيّة والهيكليّة الدبلوماسيّة قويّة بدرجة كافية، وبعيدة عن البيروقراطيّة، والجهة التقليديّة، ومكافحة كلِّ أنواع الفساد، وجعل الحالة من التداول في الشُؤُون المُختلِفة بشكل سريع، وكلِّ ما يهم المُواطِنين.

كلّ هذه المسائل تحدَّثنا عنها، وأخذت بعض الوزارات التي استضفناها، والسادة الوزراء؛ لأنـَّهم كانوا ألصق باختصاصهم فيما يخصُّ هذه الملفات كالأمن الوطنيِّ، والداخليّة، والدفاع، والتعليم العالي والبحث العلميّ، والكثير من الوزارات ذات العلاقة بهذا الأمر.

استضفنا السادة الوزراء، وعُقِدت ندوة، وبدأوا مُتفضِّلين بالحديث، ثم أجابوا عن أسئلة السادة السفراء.

ما يتعلـَّق بالسؤال الثاني: لم يُتخـَذ قرار بإقصاء أحد، لكنـَّنا أكَّدنا كثيراً أنـَّنا لا نتسامح مع الفساد بكلِّ أنواعه.

وزارة الخارجيّة جادّة في مُتابَعة، ومُكافحة ظاهرة الفساد بأيِّ لون من ألوانه، وإلى أيَّ درجة يكون، لكنَّ ما يُنقـَل عن أنـَّه تمَّ إقصاء مجموعة أو ما شاكل ذلك فهذا كلام غير موجود.

 

  • أين وصل افتتاح السفارة السعوديّة في بغداد؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم يطرأ شيء جديد غير الذي اتفقنا عليه في أوَّل مُباحَثاتنا في الشهر التاسع، وقد استجابت السعوديّة، وقرَّرت، وكرَّرت قرارها في أكثر من مرّة بفتح السفارة السعوديّة في بغداد، ونحن من طرفنا ساهمنا في عمليّة الافتتاح، ويسَّرنا مُقدّمات جيِّدة في تهيئة البناية، وبعثت الخارجيّة السعوديّة وفداً إلى بغداد، واطلع على البناية، ووافق عليها، وأخذ على عاتقه مسألة التأثيث، والبدء بالنشاط الدبلوماسيِّ السعوديِّ في العراق. وقد سمعتُ من خادم الحرمين الملك عبدالله قـُبَيل وفاته بأقلَّ من شهر -آخر لقاء- أكَّد كثيراً على عزم السعوديّة على فتح السفارة، وليس لديهم تردُّد.

نحن نسعى ضمن مبدأ الانفتاح على دول العالم إلى إعطاء الأولويّة لدول الجوار الجغرافيِّ. أعتقد أنَّ هذا يهمُّنا كثيراً؛ لاستحقاقات الجغرافية، والتاريخ، والمصالح المُشترَكة. فالطرفان عازمان على الارتقاء بالعلاقات الثنائيّة إلى أعلى مُستوى مُمكِن.

 

  • هل بحثتم مع السفراء مسألة تسهيل إجراءات الدخول إلى العراق بخاصّةٍ أنَّ زائري العتبات المُقدَّسة المُقيمين في لندن، والإمارات يُعانون من صُعُوبات في الحُصُول على الفيزا؟
  • هل هناك نيّة لدى دولة قطر افتتاح سفارة في بغداد؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بخُصُوص الفِيَز جرى فتح الملفِّ بشكل واسع، وضرورة إزالة كلِّ العقبات في طريقها؛ من أجل تيسير قـُدُوم أكبر عدد مُمكِن من الزائرين، والوافدين إلى العراق.

 وبالنسبة لنا نعتبر زيارة العراق من الأمور الضروريّة، وهي مورد اقتصاديٌّ عالٍ؛ إذا كان النفط ثروة مُتناقِصة فإنَّ الاستفادة من الفيز، ومن الزائرين من مُختلِف مناطق العالم الذين يقدِمون على العراق عراقيّين، أم غير عراقيِّين فهذا مورد مُتصاعِد، وغير ناضب، وجرى كلام على هذا، ونسَّقنا مع الداخليّة؛ لتسهيل مهمّات الدخول، وإزالة العقبات عن طريقهم.

أمّا عن دولة قطر فهناك زيارة حصلت للسيِّد رئيس الجمهوريّة، ولعلَّ لديَّ زيارة قد تكون قريبة؛ لتحسين العلاقات بين العراق وبين قطر.

نحن لا نستثني أحداً، ونحاول وخُصُوصاً الدول العربيّة، والدول الإسلاميّة أن نجعلها في المُقدّمة، ونسعى لتطبيع العلاقات، والتمثيل المُتبادَل. هذا لا يعني عدم وجود خلافات في وجهات النظر، أو مشاكل، ولكن لا نعتقد أنَّ آليّة القطيعة هي آليّة صحيحة.

العراق عازم على أن يستعيد مكانته بالصدارة على مُستوى دول الجوار، وما بعد الجوار، والدول الإقليميّة، والوضع الدوليّ، ولدينا مُقوِّمات أن ننفتح بثقة، ونتبادل المصالح برُؤية وبصيرة؛  لذا لا نخشى شيئاً، ولا نتردَّد فيه.

 

  • كيف يُمكِن أن يكون هناك تنسيق مع الدول العربيّة في منع تدفـُّق المُقاتِلين على العراق؟
  • طائرات التحالف الدوليّ كان تـُوقِف تقدُّم الحشد الشعبيّ والقوات الأمنيّة.. كيف يُمكِن أن تـُزال عقبة طائرات التحالف الدوليّ في المعارك المقبلة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة للدول العربيّة نحن نـُفرِّق بين مواقف الدول، وبين مواقف بعض المُواطِنين. لا نحكم على دولة من خلال مُواطِن، أو أكثر.. كلُّ دول العالم جاء بعض مُواطِنيها إلى العراق، وتواجدوا في الموصل، وليس بأيدينا أن نـُخاصِم برلماناتهم، وحكوماتهم، ونحن على يقين أنَّ الذين جاؤوا إلى العراق لا يُمثـِّلون هذه الحكومات؛ بدليل أنـَّها اصطفـّت على شكل حشد دوليّ للوقوف إلى جانب العراق، والتزمت بتقديم بعض المُساعَدات ذات طابع إنسانيّ، وذات طابع خدميّ، وحتى من الناحية العسكريّة من دون أن يكون هناك تدخــُّل بالقوات البرّيّة؛ لأنَّ هذا خط أحمر، ولا تـُوجَد لدينا مُشكِلة في التنسيق. مثلما أدرنا الجولة الماضية نـُدير -بتوفيق الله تبارك وتعالى- الجولة القادمة.

ما يتعلـَّق بطائرات التحالف.. من ضمن الاتفاق أن تعمل هذه الطائرات بإيعاز من القوات المُسلّحة العراقيّة، وبالتنسيق معها، وبإذن منها، وأن تقتصر على ضرب أهداف داعش من دون أن تتعرَّض للمناطق الآهلة بالسكان، ولا تتعرَّض للأهداف المَدَنيّة، واحترام الدستور العراقيّ.

 

  • كيف يكون العراق بعيداً عن الاستقطاب الدائر حالياً في المنطقة في ظلِّ أربع حُرُوب بالمنطقة، ووجود حرب ضدَّ الإرهاب في العراق، وبعض دول المنطقة؟
  • كيف يُمكِن للعراق أن يستثمر من الاتفاق النوويِّ بين الولايات المُتحِدة وبين إيران  بما يخدم المصالح المُشترَكة، واستقراره الداخليّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة إلى عدم التدخُّل لا أجد تناقضاً بين أن نتدخَّل في شُؤُون أحد، وبين أن نجد مساحة مُشترَكة بيننا وبين هذه الدول؛ للتعاون.

التدخُّل في شُؤُون أيِّ بلد غير التداخُل الذي يفرض نفسه سواء كان في الثروة المائيّة بيننا وبين تركيا، وإيران، وسورية.

بيننا وبين دولة سورية، ودولة السعوديّة تداخُلات اجتماعيّة تفرض نفسها. أمّا التدخُّل السياسيّ الذي يمسُّ السيادة فنحن نبتعد عنه، ولا نقبل به، ولا نقبل بأنَّ يتدخَّل أحد في سيادتنا، ولا نحن نتدخّل في شُؤُون أحد، ولا نمسُّ سيادة أحد، نعم.. تـُوجَد أشياء تتطلّب تعاوناً مُشترَكاً لمُواجَهة الخطر المُشترَك، وهو الإرهاب.

الإرهاب ليس ظاهرة عراقيّة. ولم يبدأ بالعراق، ولن ينتهي في العراق، بل تواجد الإرهاب في أرض سورية، وهو الآن في العراق، وحاول أن يرتحل إلى مناطق أخرى، بل استطاع أن يخترق بعض برلمانات أوروبا في كندا؛ فالتعاون على الوقوف بوجه الإرهاب -في تقديري- لا يعني تدخُّلاً في شُؤُونهم، ولا في شُؤُوننا.

بالنسبة للاتفاق النوويّ.. من دون شكّ أنَّ كلَّ بُؤرة توتـُّر عندما تخمد خُصُوصاً عندما تكون في منطقة الشرق الأوسط، وبشكل أخصّ عندما تكون على الحُدُود العراقيّة نعتبر هذا رافداً جديداً من روافد السلم. والسلم لا يتجزَّأ، وكذا الأمن.

بُؤرة التوتـُّر هذه أثقلت كاهل المنطقة طيلة الفترة التي انصرمت، فدائماً توتـُّر، وقطيعة، وحصار على إيران وغير ذلك؛ هذا يجعل المنطقة مُهدَّدة، وعندما تـُحَلُّ هذه المُشكِلة فهي لا تقف في إطار إيران، بل إنَّ الحلَّ ينشر ظلـَّه على عُمُوم المنطقة، ومنها العراق.

يهمُّنا كثيراً أن تـُسوَّى كلُّ المشاكل الموجودة، وكلُّ بُؤرَة توتـُّر، وأعتقد أنَّ هذا يُمكِن أن يُعزِّز صفَّ السلم والأمن ضدَّ الحرب والإرهاب.

 

  • هناك دول تعاطى مع القضيّة العراقيّة بخاصّةٍ قضيّة الإرهاب بازدواجيّة غير مُعلـَنة.. ما رأيك الشخصيّ، ورأي الدولة العراقيّة التي تـُمثـِّلونها.. هل يُمكِن أن نصارحها بحقيقة المعلومات التي لدينا ومن ساحة المعركة بأنّها تدعم بعض المُسلـَّحين والإرهابيِّين خُصُوصاً داعش؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: رُبّما تـُعاني بعض الدول من هذه الازدواجيّة التي تفضَّلت بها، ولكن لا تستحكم بنا عُقدة الاختلافات. نعرف أنَّ هناك خلافات بيننا وبين الآخرين، ولكن نبذل جهداً من أجل جرِّ الطرف المُقابل إلى الحلِّ السلميِّ الصحيح الذي يدرُّ على المنطقة بالخير من موقع الثقة بالنفس، وسرعان ما شعرت إلى الأمس القريب بعض الدول التي كانت مُتردِّدة باتخاذ المواقف، التهمت نيران الإرهاب مُجتمَعاتها مثل معاذ الكساسبة في الأردن وغيره، وقد كانوا يتصوَّرون أنهم مازالوا بعيدين عن خطر الإرهاب. الإرهاب لا يُصالِح أحداً، كلُّ الدول اليوم يتهدَّدها الإرهاب. وإذا كان الذي يجمعنا بالآخرين مصالح محدود فالأخطار تجمعنا بمساحة غير محدودة.

واحدة من الإيجابيّات أنَّ دول العالم كلها شعرت أنَّ الإرهاب خطر مُشترَك، وأنَّ الذين جاؤوا إلى العراق من 62 دولة لا يمنعهم أحد عندما يعودون من أن يُمارسوا هذا العمل.

الحادث الإرهابيّ في فرنسا قام به فرنسيّان من أصل جزائريّ كانا في العراق؛ إذن طبيعة الإرهاب أنه مُعولـَم، وينبغي أن يكون الردُّ مُعولـَماً، علاوة على ذلك أنَّ الوقت لا يسمح لأن نقف عند هذا وذاك، ونقول له: نحن مُختلِفون معك بقضيّة ما؛ عندنا بصيرة، ووعي، فلا نقف عند حُدُود الاختلاف، بل نعبر إلى مساحة الاتفاق؛ لأنَّ الخطر مُشترَك.

 

  • قيادات في الحشد الشعبيِّ أكَّدوا أنَّ هناك دعماً لداعش من قِبَل طائرات التحالف الدوليّ، وعثروا على مناطيد رُبَّما زوَّدت الإرهابيِّين بالمؤن والأسلحة.. ماذا وضعت الحكومة العراقيّة بشأن عدم تكرار مثل هكذا أمور؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: سألنا مَن هو في الميدان، ومَن يتصدَّى للمسؤوليّة وعلى رأسهم الأخ الدكتور العباديّ رئيس الوزراء، ولم تكُن لدينا أرقام حتى الآن تـُثبـِت بأنَّ هناك طائرات للتحالف قد وجَّهت قصفاً استهدفت به الحشد الشعبيَّ، أو القوات المُسلّحة العراقيّة الذي هو عنوان عامّ أعلى.. هذا القدر المُتيقـَّن من الأمر.

ليس من السهل أن تخفى مثل هذه الخروقات، ونحن نعيش في عصر الأقمار الصناعيّة، والتنافس الدوليِّ، والإعلام السريع، وعصر الاتصالات، وليس سهلاً أن تـُطمَر هكذا معلومة، وهكذا مُفارَقة إذا كانت موجودة. استبعد جدّاً أن يكون هذا الشيء موجوداً.

بالنسبة إلى الضربة، وما يُسمّى بالضربة الصديقة، والاشتباهات التي تحصل في كلِّ دول العالم، نعم.. يجب أن تكون قيد التحقيق، ولا نكتفي أن نقول: صارت ضربة اشتباه، بل يجب أن نـُحدِّد -بالفعل- هل هذه الضربة موجودة، وما هي إحداثيّاتها، ومتى حصلت، وما هي أضرارها بالضبط، ثم تتوجَّه فرق التفتيش، والتدقيق، والتحقيق لإعطائنا معلومات دقيقة؛ حتى نرى، ولكن في عُرف الحُرُوب جرت مثل هذه الأحداث. أتذكّر في الستينيّات كاد العالم يقترب من شفير الحرب العالميّة الثالثة عندما ضربت ليبرتي السفينة الأميركيّة المُحمَّلة من أسطول أميركيّ في حوض البحر الأبيض المُتوسِّط، وصرخ جونسون من لندن: هكذا بدأت الحرب العالميّة الأولى بدأت بسفينة، والحرب العالميّة الثانية بدأت بسفينة، والحرب العالميّة الثالثة تبدأ بسفينة، ثم قالوا له: الضربة ضربة صديقة، فعدل عن قراره، لكنَّ هذه لا يُعفينا من النظر بعين الدقة، ونتأكّد خُصُوصاً في الحرب. يُمكِن أن يكون الأصل في الأشياء هو الشكّ، ولا ينبغي أن نأخذها بعفويّة.

 

  • هناك حديث عن استعداد الحشد الشعبيِّ للتدخـُّل عسكريّاً في اليمن لدعم الحوثيِّين كيف تردّون على هذا الأمر؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الذي يكون مُستعِداً للتدخـُّل هذا شأنه، أمّا وجهة النظر العراقيّة المسؤولة. فموقف الحكومة واحد، ولا تـُوجَد عندنا ازدواجيّة، ونحن قلناها أكثر من مرّة: لا تـُوجَد هناك نيّة لتدخُّل العراق في شأن أحد.

ذكرتُ على منبر القِمّة العربيّة بأنَّ العراق لا يرضى بمبدأ التدخُّل في شُؤُون الدول الأخرى؛ هذا إذا كان التدخـُّل سياسيّاً فكيف بك إذا كان عسكريّاً، وكيف بك إذا كان شأن دولة عربيّة. هذا سيُورِّث أحقاداً، وستكون هناك دماء، ونحن في غنى عن هذا وهذا.

موقفنا ثابت، وعندما ندعو الآخرين إليه فنحن مُنسجـِمون في داخلنا، ومن باب أولى نمنع أن يكون في العراق.

 

  • أكثر المُراقِبين والمُتابعين غير مُتفائِلين بهذه القِمّة، فلم تخرج بتوصيات تـُطبَّق على أرض الواقع؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كُنـّا صريحين في القِمّة العربيّة، وتفاعلنا مع مُجمَل الموضوعات التي كانت مطروحة حول العراق، ودوره في التفاعُل مع كلِّ هذه الأمور، واختلفنا في نقطتين، وكان العراق سبّاقاً، أوّلاً: رَفـَضَ التدخـُّل العسكريَّ في شُؤُون اليمن؛ وجاء رفضه التدخـُّل في شُؤُون اليمن عسكريّاً من تطبيق مبدأ رفض التدخُّل العسكريِّ في شُؤُون الدول العربيّة؛ لذا ثبَّتنا هذا الموقف، ووقفنا عنده، فخرجنا على الغالبيّة. البعض تحفـَّظ، ونحن رفضنا.

ثانياً: تشكيل قوّة عسكريّة عربيّة ترتبط بالجامعة العربيّة تحفـَّظنا عليه.

رُبَّما يكون المبدأ صحيحاً، ولكن لا يُعقـَل أن يُدعى العراق إلى مثل هذا الموضوع، ويُصوِّت عليه، وهو لم يعلم عنه شيئاً.

العراق الذي مضى على جيشه 100 سنة منذ عام 1921، نـُسُور العراق حلـَّقوا في سماء فلسطين، والأردن، ومصر، وسورية.

يُفترَض بهذا المشروع أن لا يبدأ بوزراء الخارجيّة، ولا حتى رؤساء جمهوريّة، بل يبدأ بقيادات الأركان، ووزراء الدفاع، والقوى الأمنيّة؛ حتى تـُعطي بطاقة تعريف كاملة، وتـُقدِّم تعريفاً بهذا المشروع. من أين يبدأ، وإلى أين ينتهي؛ لذا تحفـَّظنا عليه، وأظنُّ أنـَّهم أخذوا هذا الأمر بنظر الاعتبار، وشقـَّت هذه العبارة طريقها على لسان السيِّد رئيس الجمهوريّة عبد الفتاح السيسي، وقال: سنـُرسِل وفوداً عسكريّة لمُناقــَشة أشقائنا العرب.

العراق يملك ثروة طائلة من الخبرة، وخاض ثلاث حُرُوب: حرب الخليج الأولى، والثانية، والثالثة فمن غير المعقول أن يُدعى العراق؛ حتى يُصوِّت بنعم أو لا.

نحن مسؤولون عن التصويت على القرار، ومسؤولون عن صناعة القرار.

عندما يُصنـَع القرار يجب أن يكون هناك حُضُور عراقيّ؛ حتى يُعطي رأيه. القرار في بواكير مرحلته، وليس في مراحله النهائيّة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !