هوية الشعوب لم يأتي الإسلام لكي يحددها
الإسلام لم يأتي من أجل أن يحدد هوية الشعوب، وهوية الشعوب هي حق مكتسب على حسب ما يولد الإنسان في أي مكان من العالم ولا دخل للإسلام بهذا الأمر، وأن جميع الأنبياء والمرسلين أرسلوا من أجل هدف واحد وهو عبادة الله بلا شريك وإقامة العدل بين الناس، هذا هو الإسلام من أيام آدم إلى أخر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعاً السلام، لم يأتِ الإسلام لكي يمنح الناس الجنسية أو يحدد هويتهم، وقد ذكر لنا الله في القرآن الكريم أمثال كثيرة عن بعض الأقوام، والله كان يأمر الرسول أو النبي المرسل لهؤلاء أن يخاطبهم باسم المكان، على سبيل المثال يقول تعالى:
((وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)) سورة يوسف آية 21.
مصر هنا المكان والشعب معاً أي الشعب المصري، لماذا يغضب بعض المتذمرين من المصريين حين نقول أن مصر ليست عربية وأن الإسلام الذي نزل على أرض مصر وشعب مصر مثل الإسلام الذي نزل على أرض الجزيرة العربية هو نفس الإسلام كما قال الله تعالى:
((وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)) سورة الأحقاف آية 12.
أي للعرب الذين يسكنون المكان وتكلمون اللغة العربية كما نلاحظ هنا حتى يعلم الناس أن الإسلام هو دين الله الذي أنزل على جميع الأنبياء والمرسلين عليهم جميعاً السلام، نضع هذه الآية العظيمة من جديد، يقول تعالى:
((وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)) سورة الأحقاف آية 12.
أي موسى مثل عيسى مثل محمد مثل إبراهيم عليهم جميعاً السلام، وبالإسلام الحقيقي بعدما تم بيع يوسف عليه السلام في مصر أصبح هو من يحكم في مصر، لم يغير اسم مصر ولم يدمر حضارة مصر ولم يسخر من تاريخ مصر بل أن يوسف قال لأهله يقول تعالى:
((فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ)) سورة يوسف آية 99.
وان يوسف لم يحكم مصر بقوة السلاح ولا المال بل حكم مصر بالأخلاق والصدق والإحساس بالناس والشعور بهم وبظروفهم، هكذا حكم يوسف مصر، يقول تعالى:
((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)) سورة يوسف آية 24.
ومرت قرون وقرون وجاء موسى لمصر مرة أخرى بنفس الإسلام، يقول تعالى:
((وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) سورة يونس آية 87.
لو كان هذا الحدث في الهند لقال الله تعالى في الهند من هنا لا بد أن يفرق الناس بين الإسلام كدين وبين هوية الشعوب أما الإسلام يمشي مع أي هوية في العالم منذ أن أرسل الله الأنبياء للناس حتى أن الهدهد حين ذهب لأهل اليمن نجد في قوله تعالى:
((فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)) سورة النمل آية 22.
أي أن الإسلام لا يرتبط بأي لغة أو جنسية كما يتذمر بعض المصريين والعرب بالقول حتى تكون مسلم لا بد أن تكون عربي أو تتكلم اللغة العربية وهذا غير صحيح، الله سبحانه وتعالى سوف يحاسب الناس جميعاً عن الأفعال والأعمال وليس على اللغة، وأن الله العلي القدير هو من أراد وجود اختلاف اللغة واللون بين البشر، يقول تعالى:
((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)) سورة الروم آية 22.
أخيراً، الإسلام دين وليس هوية، الإسلام هو سلوك إنساني من الممكن أن يعتنق هذا السلوك أي إنسان وفي أي مكان وزمان.
التعليقات (0)