هوامش على دفتر التدوين. لا يمكن أن نختلف حول الدور الريادي الذي تلعبه " ايلاف " في خلق جو من التواصل و تبادل الآراء بين المدونين وعموم القراء، وذلك عبر هذه المساحة التدوينية التي تهدف الى الارتقاء بالكلمة والفكر في زمن عزت فيه القراءة.
نحن نكتب في منبر مفتوح أمام الجميع. هنا تلتقي كل ألوان الطيف الفكري، ويجد كل واحد من القراء ما يشبع اهتماماته وميوله. و هذا مؤشر على طبيعة الرسالة التي ترمي اليها هذه الفسحة التدوينية. حيث تنتفي كل الايديولوجيات، وتختفي الانتماءات الهوياتية والسياسية، وتتلاقح الأفكار عبر هذا التواصل اللامتناهي في فضاء الشبكة العنكبوتية. ولكل مدون أن يكتب ما يشاء، لأن مقص الرقيب لا يشتغل هنا. لكن هل ندرك حقا معاني هذه الرسالة؟؟. انه السؤال الذي ينبغي وضعه في الاعتبار، حتى يكون للتدوين مكانته الحقيقية في دنيا الفكر. يجب أن لا ننسى أن التدوين ارتبط في تاريخ المسلمين بمرحلة مهمة من وجودهم. و نحن نستعمل مفهوم " عصر التدوين " كمرجعية تاريخية لبداية ملامح عقلنة محددة في الفكر الاسلامي. وحينها كان هذا الاختلاف في الرؤى والتصورات هو ما منح لهذه الحقبة دورها ومكانتها. فالتدوين ليس مجرد تسجيل للأحداث من أجل حفظها ومراكمتها في الأرشيف. انه تعبير عن مواقف و تصورات تؤشر لطبيعة السجالات الفكرية التي تميز كل مجتمع في كل زمان ومكان. ولأن السجال الأبدي في العالم الاسلامي يتعلق بسؤال التخلف والتقدم ، وبموقع الدين والعقيدة في المجتمع، وبمكانة النقل والعقل في كل مشروع نهضوي، فانه من الطبيعي أن يستأثر هذا السؤال في تجلياته المختلفة باهتمامات المدونين. فعلى الرغم من الاستهلاك الاعلامي الكبير لهذا الموضوع، يظل دائما يستأثر بالاهتمام وردود الفعل. ومربط الفرس في هذا المقام هو رد الفعل بالذات. وهكذا نطالع كثيرا من النقاشات المنغلقة في ما نقرأه من كتابات أو تعليقات في عدد من المواضيع المندرجة في هذا السياق. ويبدو أن رفض الآخر، و الانتصار للانغلاق و الذاتية مازالت عملة رائجة بيننا.
اننا في فضاء مفتوح على الكلمة الحرة، وغياب مقص الرقيب يجب أن لا يثنينا عن ممارسة رقابة ذاتية في أفق تدوين هادف ورزين. فلنجعل من هذه الفرصة محطة لعصر تدوين جديد، ينتصر لمعاني الانسانية، ولا يتقهقر الى مستوى التنابز بالألقاب والعنصرية والتكفير. محمد مغوتي.26/04/2010.
التعليقات (0)