" ابن جلا " يعلق على المقالات ؟!
د. محمد احمد جميعان
افهم ان تاتي التعليقات على بعض الكتابات في المواقع الالكترونية وليدة لحظتها عندما تستفزك مقالة او عبارة تقراؤها فتكتب كلمات او بضعة اسطر تعبر فيها عن اعجابك او استيائك او نصيحتك او مداخلتك التي تريد ايصالها للكاتب او للموقع او للقارئ عموما .
ولكن ان ياتي تعليق اكبر من المقالة نفسها بمرة ونصف او اكثر ، وان يتضمن التعليق ارقاما دقيقة يصعب حفظها عن ظهر قلب اثناء كتابة التعليق ، وان يتضمن التعليق حقائق وافكار متسلسلة ومتناسقة بدقة ، وان ياتي التعليق بلغة صحفية متينة وواضحة ونبرة قوية تخلو من الاخطاء اللغوية والمطبعية والتكرار يحسد عليها كاتبها والله ، بل وياتي التعليق باسلوب مخضرم مدرك لما يكتب في اطار ممنهج مدروس يعرف الهدف ويعرف الى ان يصل ، وكانه خطاب سياسات او رسم سياسات باتجاه هدف محدد وليس تعليق على مقال . تعليق مثل هذا يجدر التوقف عنده والاستشارة فيه من اهل الخبرة والمعرفة سيما المحررين والصحفيين والاعلاميين الذين يقراؤون بين السطور او الممحي من الكتابة ويعرفون من هو هذا المعلق الكاتب ؟
هذا ما حدث معي فعلا وبالوصف الذي اوردته آنفا لتعليق مطول يكبر المقالة بمرة ونصف واكثر وبما وصفت واكثر على مقال لي بعنوان " هزائم الامس وتفاؤل اليوم لماذا ؟ وبالفعل نشرت هذا التعليق بشكل رئيسي على موقعي باعتباره راي مخالف لان حرية الراي والتعبير مقدمة على الاختلاف رغم قساوة الاختلاف في التعليق وتعاليه على الكاتب حيث تعمد المخاطبة لكاتب المقال " بالسيد الكاتب " محجما عن ذكر اسمه ولقبه بشكل متكرر وملفت ؟!.
لا اريد التفصيل هنا في مضمون التعليق فهو مطول وكبير ومنشور على موقعي ولكن مضمونه نقدا قاسيا ومنسقا ودبلوماسيا في الوقت نفسه بارقام وافكار وحقائق يراها الكاتب المعلق لمحور ايران سوريا حزب الله وحماس ومدحا وثناء غير مباشر للسلطة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير ولعملية السلام عموما ..
ما لفت انتباهي اكثر واعمق ان التعليق وقع باسم " ابن جلا " وهو البيت الشهير الذي استهل به الحجاج بن يوسف الثقفي خطبته في العراق أنا بن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني و هو للشاعر المخضرم سحيم بن وثيل الرياحي التميمي حيث يقول
أنا ابن جلا و طلاع الثنايا...متى أضع العمامة تعرفوني
عذرت البزُل إن هي خاطرتني...فما بالي و بال بني لبون
فأن علالتي و جراء حول ... لذو شق على الضرع الظنون
والحجاج كما يعرفه الجميع صاحب سلطة وقسوة في الحكم وقاطع للرؤوس مفتخرا بصنعته هذه وقد اختار لنفسه اسم ابن جلا كناية عن بطشه وقدرته وسلطته.. ولنعد الى سياق خطبته لنرى ذلك " انا ابن جلا وطلاع الثنايا ---- متى اضع العمامة تعرفوني .. والله إني لأرى رؤسا أينعت وقد حان قطافها وإني لصاحبها واني لأرى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى ،إني والله يا أهل ......."
فهل لاختيار الاسم قصد اودلالة او رسالة كما هو واضح من السياق ام هي صدفة فقط ام ماذا ؟؟؟
التعليقات (0)