منذ أكثر من قرنين من الزمان ساد اعتقاد لدى المفكرين والسياسيين ,أن الحروب الدينية قد انتهت إلى غير رجعة , وأنها أصبحت مجرد سطور سوداء فى التاريخ , يخجل منها الإنسان , لأنه ليس من العقل أن يقتل إنسان أخاه الإنسان من أجل أن يرضى الله , أو فى سبيل دخول الجنة , وأن معنى الألوهية أعظم وأجل من يرضى بأن يقام الدين على جثث البشر وآلامهم وأحزانهم , ولأن الله فى النهاية كان ولا يزال قادرا على هداية الناس جميعا للدين الذى ارتضاه لهم , ( ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا , أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) . معنى الآية واضح لا لبس فيه , . إلا أنه من غرائب التاريخ ومنعطفاته الغريبة , بل من عجائب طبائع البشر أن تطل هذه الحروب باسم الدين مرة أخرى , فى الربع الأخير من القرن العشرين , ثم يتوالى تصاعدها , وتتكاثر ضحاياها حتى تصير نزيفا يوميا فى هذه الأيام . لا أريد أن أعدد مراحل هذه الحرب وأسبابها وبداياتها وتطورها , لكنى سأركز على هذه النقاط . أولا - هذه الحرب حرب إسلامية يخوضها المسلمون ضد بعضهم , وضد المخالفين لدينهم , -ثانيا -أسهم العالم الغربى فى هذه الحرب بأنه صدّر للمسلمين التكنولوجيا , ولم يصدر لهم الثورة الثقافية وقيمها العلمانية , بل أظنه رعى التطرف الإسلامى وربما لا يزال . وأنا هنا لست من الذين يحملون الغرب مسؤولية كل مصائبنا , ولكنى أتحدث عن الحقائق المجردة , ثالثا - لقد استخدمت تعبير -الحرب العالمية نظرا لامتداد الصراع الدينى الحربى والفكرى على امتداد قارات العالم , ذلك أن ما يجرى فى مالى , والصومال , وسوريا , وما سال من دماء فى اليمن ومصر وليبيا , والعراق ,إنما جاء على خلفية الصراع الدينى والقتل فى سبيل الله - رابعا - أنا أعتقد بل أظن ان هذه الحرب مرشحة للاشتعال , ولزيادة وقودها البشرى , حيث إن ثقافة التطرف الإسلامى اكتسبت مواقع جديدة بوصول التيار الدينى إلى مراكز صنع القرار فى كثير من الدول العربية , وأن تصريحات المسؤولين فى هذا التيار عن احترامهم لحقوق الآخرين لن تحول دون استخدام كوادرهم العقائدية لكل ألوان العنف ضد أصحا ب الديانات الأخرى , وربما كان ما يحدث فى مصر الآن أبرز مثال لذلك ,- خامسا - أتصور أن يقوم المسيحيون المصريون ومعهم وقبلهم بعض القوى المصرية العلمانية بمواجهة العنف بالعنف , أخشى أيضا أن ينجح التيار الإرهابى فى سوريا من التمكن من سلطة الحكم , لأنه فى حالة حدوث ذلك سوف يصدر إرهابه لكل من العراق ولبنان , , وهنا ستدخل إيران فى المعركة لنصرة أصدقائها , وستدخل مصر للدفاع عن إخوة العقيدة , , وبالطبع سيتوقف ضخ البترول وتتعطل الملاحة بين الشرق والغرب , . وهنا لن يصبر حلف الناتو ولا قادة الشعوب الغربية , وسيتم التدخل عسكريا , وستشتعل المنطقة كلها , ولن تكون الحرب العالمية الدينية مثل الحروب السابقة لأن الأسلحة غير الأسلحة , ولان ميادين القتال لن تكون البحار والصحارى , بل الشوارع والأزقة , . والسؤال الذى لن أملّ من تكراره هو - هل يعقل أن يكون ذلك لإرضاء الله ؟ كيف ؟ ؟ ؟! !! ! !
التعليقات (0)