ماهر حسين .
واكب انتخاب الرئيس الأمريكي أوباما تفاؤل بمستقبل أفضل للعلاقات العربية الأمريكية عموما" وللعلاقات الأمريكية الفلسطينية خصوصا" واعتقد بعض السياسيين في إسرائيل بان الرئيس الأمريكي سيكون معادي لهم وها هي الأيام تثبت ما هو عكس ما سبق .
أولا" يجب أن يكون واضحا" بذهن القارئ بأن الولايات المتحدة الأمريكية قائدة العالم وصاحبة المواقف التي لا تُرد وصاحبت القول والفعل عندما تمتلك إرادة الفعل ...وفي الانتخابات الأخيرة رأينا رئيسا" مثقفا" يختلف عن سابقه ورأينا قصة نجاح شخصية رائعة حيث أن محامي أمريكي من أسرة عادية يصل إلى رأس الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وقلنا بأن علينا أن نتعلم من التجربة فلقد جاء انتخاب أوباما في أجواء التوريث العربية .. إنها قصة كبيرة .. بدون تفاصيل فوالده ووالدته وأخواته وإخوانه المنتشرين بأكثر من دولة ..قصه أمتعتنا ..فها نحن نرى إنسان عادي جدا" يصبح رئيسا" للولايات المتحدة الأمريكية طبعا" موضوع اللون والدين كان له تأثير لمنح القصة بعض التأثيرات التي جعلتها قصة نجاح مميزة.
أصبح أوباما رئيسا" فسمعنا كلاما" وكلام عن صداقاته مع فلسطينيين وسمعنا عن آراءه وسمعنـــا لاحقا" لذلك خطبه وجميعنا تابعنا خطابه بالقاهرة ...صفق له المستمعون بكل مكان ..يومها كنت أقول بأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وليست دولة أفراد وبالتالي التغيير الذي من الممكن أن يحدثه أوباما بالسياسة الخارجية سيكون تغيير محدود ولا يمكن أن يكون شامل وبل أن أوباما سيبقى مطاردا" بقصة (باراك حسين أوباما ) التي ستكون مبرر لإضعافه ولقد عمل على هذه القضية الإعلام الموالي لإسرائيل وبشكل مبكر ومنذ اليوم الأول له في البيت الأبيض.
عندما أتى أوباما للحكم كانت الولايات المتحدة بحاجه للراحة بعد الرئيس السابق بوش وحروبه فجاء أوباما ليمنح أمريكا شكلا" جديدا" ولكنه نفس الجوهر كما سيظهر لنا لاحقا" .. طبعا" جاء أوباما رافعا" شعار (التغيير) بحملته الانتخابية ...ولكن ما هو مستوى التغيير المطلوب والممكن !!!
حدث تغيير في شكل الولايات المتحدة وأخذ الشكل الجديد للولايات المتحدة الأمريكية يتعزز إيجابا" بفعل دعم أوباما للربيع العربي وملف الانسحاب من العراق و بعض الهدوء على جبهة أفغانستان وبل أنه حاول إعادة الاعتبار للوجه الثقافي والديمقراطي للولايات المتحدة الأمريكية ولقد حقق أوباما بعض النجاح لولا أنه فشل فشلا" ذريعا" في المحك الأهم المحك الأبرز ...فلسطين وقضية شعبها المظلوم الساعي للحرية وللاستقلال وللسلام .
فبعد كل كلماته وخطبه ومواقفه لم يستطع بأن يلتزم أوباما بما قاله هو عن رغبته بان تكون فلسطين دولة وويجب ان يكون واضحا" للجميع بأن فلسطين الدولة ليست منحه من أوباما ولكنها حق مشروع لنا لسنا بحاجه لان يمنحنا إياه أحد ...خاطب اوباما للعالم منذ أيام بالأمم المتحدة وبعد عام من وعده لإقامة دولة فلسطين فتراجع عن الدولة الفلسطينية وبل انه تجاوز المعقول وبالغ عندما تعهد باستخدام (الفيتو) ضد إعلانها وتحدث عن طريق سبقه بالحديث عنها السيدة هيلاري كلينتون حيث أعتبر الطريق التي تسلكها القيادة الفلسطينية عبر الأمم المتحدة طريقا" مختصره ليست ذات جدوى !!! وهذه أول مره أرى بها الرجل لا يمتلك منطق ولا ثقافة ولا وعي بقضية يتحدث عنها فلقد أعماه اللوبي وأعمته الانتخابات القادمة عن الحقائق وعليه أن يراجع معلوماته ليفهم مسيرة التسوية والسلام التي سلكتها قيادتنـــا ومنذ أعوام وأعوام ووعليه أن يبدأ و فقط من مدريد عام 1990 ..أفلا يكفي أوباما 21 عام منذ مدريد و18 عام منذ أوسلو وعام كامل منذ وعده بدولتنا !!!!!!
ونقول هنا لأوباما ...هل الأمم المتحدة طريق مختصر! أنها طريق طويل أخر يتطلب منا الصبر والعمل الجاد وبالطرق السلمية نفسها التي أمنت بها القيادة الفلسطينية وراهنت عليها وبل أن من أسقط كل الخيارات السلمية هو الاحتلال الإسرائيلي ودعم الولايات المتحدة الأمريكية له بلا أخلاق ولا رادع مما أعاق وصولنا إلى حقنا بأن نكون دولة كباقي الدول ولنحمي أرضنا ومياهنا وشعبنا من اعتداءات إجرامية من عصابات المستوطنين ومن دولة احتلال تمارس أبشع أشكال القمع بحق شعبنا الصامد والساعي للحرية وللعدالة وللسلام .
لقد ظن الرئيس أوباما بأن انتصاره الوهمي للربيع العربي قد يجعله بطلا" بعيون عالمنا العربي والإسلامي ولكن ها هي مواقفه وبشكل سريع وعاجل تتهاوى وتظهر على حقيقتها .
إن أوباما بخطابه السيئ في الأمم المتحدة أثبت بأنه ليس مختلفا" عن سابقيه وبل أنه أسوء منهم فهو يعي ما يفعله ويعي عدالة قضيتنا ولكنه يرتبط بمصالحه ومصالح البقاء بالحكم !!! وعلى أوباما وأمثاله من معارضي دولتنا بأن يعوا بأنه وبعد سنوات وسنوات من الكفاح والنضال انتقلت بها قضيتنا من قضية شعب لاجئي إلى قضية الشعب الفلسطيني وأصبح لنا ممثل شرعي يعبر عنا وعن قضيتنا حيث ارتبطت فلسطين بممثلها منظمة التحرير الفلسطينية وها هي قضيتنا وبعد طريق طويل لا اختصار فيه و بعمل سياسي صادق وواعي وواقعي وبقرارات تاريخيه منها ما هو مؤلم ..ها هي فلسطين بعنوان على الأرض .. ...ففي رام الله مقر قيادتنا ...هناك أصبح لنا عنوان سياسي ممثلا" بالأخ الرئيس أبو مازن وقيادتنا الشرعية ..وفي الضفة وغزة والقدس الشريف يبايع شعبنا القيادة على العمل لإقامة الدولة وبنفس الوقت ها هي المؤسسات الفلسطينية تثبت نجاح حكومتنا وسلطتنا بان تكون على مستوى الدولة التي ننتظرها وها هي المؤسسات الدولية تعترف بقدرتنا لأن نكون دولة ...نحن لا نريد نزع الشرعية عن احد ونريد نزع كل الشرعية عن الاحتلال ...نريد أن نعيش على أرضنا بسلام ونطالب وبواقعية ما كفلته لنا الشرعية الدولية وما يُجمع عليه العالم ونمتلك القدرة والمؤهلات وعبر مؤسساتنا على أن نكون دولة ولنا الحق بذلك فلماذا لا يفهم أوباما وأمثاله هذا !!! قد تكون مصالح وضغوط !!لا يهم فنحن على درب العدالة والحق .
لقد بدا أوباما بكلمته بالأمم المتحدة ضعيفا" بلا منطق وبلا وعي لما يقول عن طرق شقه لها اللوبي الصهيوني مما وضع نهاية لصورته التي أراد لها أن تكون مشرقة فتحول إلى رمز للاضطهاد وللاحتلال فوصفته وسائل الاعلام الإسرائيلية بأنه (سفير ) إسرائيل وبان كلمته شكلت مفاجأة حتى لهم !!! لقد وضع أوباما نهاية بائسة لتجربة كانت تستحق الاحترام وها هو يتحول من رافع لشعار (التغيير) إلى (سفير ) ..سفيرا" لدولة احتلال لا أكثر ..ولن نقول أكثر مما قاله الأخ الرئيس أبو مازن في خطابه التاريخي يوم 23 /9/2011 فلقد عبر عنا بامتياز ورفع رؤوسنا عاليا" في كل كلمة قالها ولم ينسى أي قضية حاول البعض استخدامها للتشويه بموقفه التاريخي فرد عليهم جميعا" .
نهاية بائسة لتجربة التغير جعلته يتحول إلى سفير لاحتلال ...احتلال زائل لا محالة فهل فهم أوباما مغزى تصفيق العالم لكلمات الرئيس أبو مازن وهل فهم اوباما الرئيس أبو مازن عندما خاطب العالم قائلا" :لا أحد لديه ذرة ضمير يرفض حصولنا على عضوية كاملة بالأمم المتحدة .
التعليقات (0)