مارس 2011
26
نطمئنكم. التشكيل لايزال عصابياً!
المصدر: الأهرام العربى
بقلم: دينا توفيق
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=457000&eid=2862
النتيحة لا تعبر عن الثورة، فقد سقط مبارك وعدد من الأضحيات فى فصول قد تبدو للبعض تمثيلية هزلية، فقد أصبحت أعمدة نظامه فى حالة فوضى، فأحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة طمأن الجماهير هاتفياً لمنى الشاذلى فى بوتيكات التوك شو أنه لا توجد ثورة مضادة، بينما رئيس الوزراء الجديد د. عصام شرف أعلن صراحة أن فلول النظام والحزب الوطنى يقودون ثورة حقيقية مضادة والأخ الفريق طيار شفيق «بونبونى بلوفر» رئيس الوزراء السابق قد سبق أن أعلن أن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية موجود وينتظر أن يتولى منصبا مهما، فخرج علينا عضو آخر فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة هاتفياً فى توك شو فضائى قائلا إنه لا صحة لما ردده هيكل بأن المخلوع مازال يجرى اتصالاته بالقاهرة ويقود بؤرة للثورة المضادة من شرم الشيخ وأن زكريا عزمى مازال يقوم بوظيفته فى رئاسة الجمهورية، بينما عمر سليمان بلا عمل وجالس فى بيته وإن كان لم يوضح هل قدم استقالته من منصبه؟ أم تمت إقالته أم أنهم نسوا أن يقيلوه؟ أم هو فى البيت زعلان أم أن إقامته تم تحديدها؟ خصوصا أنه قد ثبُت أن زكريا عزمى مازال يفتح رئاسة الجمهورية وشغال عادى! والمدهش أن خبر سفر المخلوع لتبوك قد تم الرد عليه من جانب أحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه لا صحة لرفض المركز الطبى العالمى للقوات المسلحة استقبال المخلوع، وأنه ليس فى تبوك، لكنه لم يوضح أين هو على وجه الدقة؟ حتى خرج المتحدث باسم النائب العام ليؤكد (ولكن بشكل غير قاطع) أن المخلوع موجود فى شرم لمجرد أنه قد بلغ لعلم النائب العام أن موظفا فى الشهر العقارى لشرم الشيخ قد زاره فى محل إقامته بناء على طلبه ليوقع له المخلوع توكيلا للمحامى، ولم ينس هذا الموظف الذى أصبح أسطورة إعلامية أن يؤكد أنه قد شاهد المخلوع بنفسه فيعطينا إمارة أن ذقنه طويلة وشعره قد اشتعل فيه الشيب، ويبدو أن هذا الموظف هو الشاهد الوحيد فى مصر والعالم القادر على تأكيد بقاء المخلوع فى شرم إن صدق. والأغرب الحرص الشديد والولع بالإجراءات «اللوجستية» الشكلية القانونية التى توحى بأن البلد فيها قانون، فتمرر أن المخلوع عاد لصفوف الجماهير يؤدى واجبه كأى مواطن عادي بثروة تتراوح الأقاويل حول تقديراتها ما بين أربعين إلى سبعين مليار دولار، وجيش حقيقى من المنتفعين وكوماندوز أمنى من المناصرين، وأن تشير ضمنيا بأن النائب العام قادر فعليا لا شكليا على منعه من السفر هو وأسرته، وتجميد أرصدته برغم تسرب أنباء متواترة عن تهريب أمواله للخارج وإخفائها وأن ما تبقى منها فى مصر يعتبر «الفكة أوالبقشيش». وبعد أن ترك على بابا المغارة لا أحد يصدق أن القانون العادى يستطيع أن يلاحق الأربعين «تلاف» حرامى من أتباعه من فئة السبعة نجوم المتحصنين بثرواتهم وخبرتهم ونفوذهم وجيوش من القانونيين والقوانين التى شرعت من أجلهم. فالفساد المنظم الذى أداره نظام المخلوع فى كل مؤسسات الدولة أنشأ تشكيلا عصابياً لمافيا نظامية ضخمة تتشابك فى المصالح والمنافع والنفوذ والقرابة والمصاهرة وفقه الفكر التآمرى تسيطر على البلد اقتصاديا وتمول مليشيات أمنية وقانونية وسياسية لا يمكن أن تواجهها القوانين العادية، فإذا كان الثوار معتقلين وتتم محاكمتهم ويتم سجنهم بقوانين عسكرية بتهمة حظر التجول فإنه أولى ولابد من تشكيل محكمة للثورة بقوانين استثنائية تصادر ثروات لصوص الشعوب فلا يتصور أحد أن أحمد عز الذى قيل إن ثروته 60 مليار جنيه مصرى، يعرض صفقة على النائب العام يدفع من خلالها مليار جنيه فقط مقابل إسقاط جميع التهم التى تلاحقه، فالفساد اليوم يقامر ويلعب بأوراق البوكر على مائدة القانون ويتم استنفاد قدراتنا وطاقتنا ويتم إهدار وقتنا فى تفاصيل جانبية وفرعية تُرهق وتُزهق روح الثورة مثل نوعية الألفى جنيه التى حققت فيها النيابة مع أنس الفقى! وعلى صعيد آخر يُحقق النائب العام عن المسئول عن موقعة الجمل وهى قضية فضفاضة يستطيع أن يفر منها المجرم الأصلى والشريك الفاعل والصامت والمتواطىء والمُحرض، تاركا مسئوليتها للكومبارس حتى يعلو ضجيجها بتشويش متعمد عن مدى مسئولية اللواء محمود وجدى وزير الداخلية السابق والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية وصفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى وإبراهيم كامل، إضافة إلى المخلوع وحرمه وابنهما، وفى قضية أخرى ليس فيها جرحى ومصابون وإنما بعيون مفقوءة وشهداء لقاتل حقيقى أمر أن يطلق عليهم رصاص القناصة لإرهاب جموع المتظاهرين ظناً منه أنه الحل العبقرى لإخلاء ميدان التحرير فى مساء يوم الأربعاء الأسود.
أيها السيدات والسادة. إن إدارة الأزمة السياسية فى مصر تعنى مواجهة الفاسدين وأتباعهم بأدوات ردع جديدة تستعيد زمام المبادرة بضمير قادر على الحسم والبطش بالغول والديناصور وخِلهم الوافى. وليس التستُر عليهم بتصنع إعلامى بغيض يخلق مناخا وهمياً مزيفاً لمواجهتهم فى سيناريو ركيك لايخلو من بعض المشاهد التى توحى بذلك. فالخوف أن تصل بنا الحال إلى ما قاله فنان الشعب سيد درويش: «أهو ده اللى صار. وآدى إلا كان.مالكش حق تلوم علىَ. تلوم علىَ ليه ياسيدنا. وخير وثورة بلدنا مش فى إيدنا».
التعليقات (0)