نذر القيامة.
غداة الحرب العالمية الثانية التي انتهت في منتصف أربعينيات القرن الماضي، وأمام هول الكارثة التي خلفها جنون الانسان وتعطشه للدماء، قال عبقري الفيزياء وصاحب النظرية النسبية " ألبرت انشتاين ": ( لا أعرف السلاح الذي سيستخدمه الانسان في الحرب العالمية الثالثة، لكني أعرف أنه سيستخدم العصا والحجارة في الحرب العالمية الرابعة ).
ويبدو أن انشتاين كان على صواب، فالواقع اليوم يحمل نذر شر مستطير ينتظر الانسانية، ومعها الحياة على كوكب الأرض بشكل عام. وليس في هذا الكلام مبالغة ولا ضربا من الخيال والوهم. اذ أن عصر العولمة يزيد هوة الخلافات الدولية اتساعا. ومازال منطق الغلبة والتفوق يحرك خيوط العلاقات ويؤسس لمستقبل الصراع الذي لا يمكن التنبؤ بنتائجه. وما هذا السباق النووي المحموم بين عدد من دول العالم الا مقدمة لهذا المستقبل المغلف بكثير من السوداوية. ولا يمكن في ظل الصراع وارادة القوة الا أن ننظر الى هذا المستقبل بكثير من التوجس. ذلك أن هذا السلاح الفتاك يكاد يكون خارج السيطرة. آخر" تباشير" هذا الخطر المحدق جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأ الحديث هناك عن ما أصبح يعرف في الأدبيات السياسية ب " العقيدة النووية الجديدة".حيث يتم التهييء ل " قمة الأمن النووي " التي ستنعقد بواشنطن يومي 12 و13 أبريل الجاري بحضور ممثلي أكثر من أربعين بلدا. و يوجد على رأس جدول أعمالها التفكير في آليات واجراءات عملية لضمان أمن العتاد النووي في جميع أنحاء العالم حتى لا يسقط في أيدي خبيثة. وفي اشارة الى تغير في السياسة الأمريكية بهذا الشأن قال الرئيس " باراك أوباما " في تصريح لصحيفة " نيويورك تايمز": ( سأحتفظ بكل الأدوات اللازمة لضمان أمن وسلامة الولايات المتحدة الأمريكية.). وبالرغم من الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي تسير في اتجاه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، فان الاجراءات المرافقة لهذا التوجه غير مطمئنة على الاطلاق. اذ يوجه أوباما رسالة واضحة الى محور الممانعة الذي يضم حاليا كوريا الشمالية وخصوصا ايران. ذلك أن الأدوات اللازمة التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي بصيغة التعميم، تم تفسيرها على لسان وزير الدفاع " روبرت غيتس " الذي قال في سياق متصل: ( اذا استخدمت أية دولة أسلحة كيميائية أو بيولوجية ضد الولايات المتحدة أو أي من حلفائها وشركائها، فانها ستواجه امكانية التعرض لرد عسكري تقليدي مدمر ). وواضح أن الأمريكيين يكشفون عن نوايا محددة نحو ايران. واحتواء الخطر الايراني قد يعني احتمال اندلاع حرب نووية، خصوصا وأن الولايات المتحدة تتحدث عن خطر جديد تسميه " الارهاب النووي ". حيث أصبح مصدر التخوف الآن يأتي من الدول التي تحاول الانضمام الى النادي النووي، وليس من الدول التي حققت هذا الحلم.
ان التجاذبات السياسية في العالم اليوم، بالاضافة الى لعبة التوازنات الاقليمية، ومايترتب عن واقع الصراع في الشرق الأوسط الذي يبدو كفوهة بركان قابلة للالقاء بحممها في كل لحظة، كلها مؤشرات سلبية للأفق الذي يصعب تحديد ملامحه.وعندما تجتمع القوة مع التعصب والجنون، يكون مشهد القيامة قد اكتمل. وحينها قد تكون حربا " لا تبقي ولا تذر".
محمد مغوتي. 09/04/2010.
التعليقات (0)