الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قال تعالى : "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" نعم يارب وكذلك هم فاعلو وما أدراك ما يفعلون،ولا يزالون يفعلون والشعب اليوم سوف لن يسامح لهم كما سبق وليس لديه عفى الله عما سلف.
قال محمد بن الحاج سلام أمزيان أنه حينما غادر السجن ووصل إلى الريف، وجد الريفيين على وشك الانفجار بسبب إجحاف الإدارة وسياسة الإقصاء المتعمدة من طرف الحكام الجدد في المغرب ويقول واصفا تلك الظروف الحرجة لقد وجدنا أن كل الملابسات تدعونا للقيام بهذه الحركة لإنقاذ الريف،وإلا فسوف لن يرحمنا التاريخ والأجيال الصاعدة فبعد استمرار الريفيين في اتخاذ أسلوب العصيان المدني كأسلوب راق في الاحتجاج في الوقت الذي كانت فيه السلطات المحلية تمطر القصر بالتقارير المحرضة، وأقنعوا الملك محمد الخامس ، و ولي العهد أنداك الحسن الثاني بأن الريفيين عصاة غلاظ يعملون على الانفصال وعلى قتلهم ، وأنهم يهددون الوحدة الوطنية، إلى غير ذلك من الترهات.
وفي الوقت نفسه الذي كان أعضاء في الحزب الاستقلال قد عاثوا فسادا وظلما بالريف حاولوا ربط جيش التحرير ودمجه في الحزب كي يتمكنوا بسهولة من إحكام قبضتهم الحديدية على السلطة وتسيير الدولة على شكل نظام الحزب الوحيد إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، فحاولوا عدة مرات إرغام جيش التحريرعلى الخضوع لهم، إما بالتحايل أو العنف لكن لم يحصلوا على شيء الشيء الذي دفع بعصابات حزب الاستقلال إلى شن حملة التصفية لأعضاء وقادة جيش التحرير وفي يوم 14 يونيو 1956 تم اغتيال عباس لمساعدي، زعيم جيش التحرير.
في الوقت الذي يعتبر فيه الكثير من المغاربة الحجاج والمهدي بنبركة (عريس الشهداء حسب أدبيات الاتحاديين) وفي الحقيقة هم من المتورطين الأساسيين في اغتيال الشهيد عباس لمساعدي، بالإضافة إلى أن جل المجازر والتصفيات الجسدية التي وقعت ما بينه 1956 و 1960 كانت تتم بأمر المهدي بنبركة، الذي يعتبر أحد كبار مهندسي الاحتقال، والذي عرّف الأمازيغي بأنه شخص لم يلتحق بعد بالمدرسة، كما قال عن انتفاضة الريف لـ1958 بأنها انتفاضة إقطاعية!
لكن كل الحقائق سيكشف عنها التاريخ و ستظهر الحقيقه للجميع .
لقد كان اغتيال عباس لمساعدي إذن بداية النهاية لجيش التحرير في الريف.....وأمام تزايد إرهاب الدولة الممثلة في حكومة الاستقلالية في خريف 1958، تطورت الانتفاضة الشعبية بشكل قوي يصعب إيقافها، خاصة بمنطقة آيث ورياغل، هذه الانتفاضة التي ستعرف في التاريخ عند سكان المنطقة بعام ”إقبّارن“، أي عام تواجد الخودات العسكرية وكان قائد الانتفاضة هو الحاج سلام أمزيان، المعروف لدى الريفيين بـمِّيس ن رحاج سلام وقد دعا الجماهير الريفية إلى الاعتصام بالجبال وعدم التعامل مع المخزن الاستقلالي والامتناع عن النزول إلى العمل كجزء من العصيان المدني فتشكلت بعد ذلك حركة التحرير والإصلاح الريفية وأصدرت ميثاقها الثوري يوم 7 أكتوبر 1958 وقدمت 17 مطلبا، من أهمها:
ـ العمل على تسيير الريف من طرف الريفيين
ـ عودة مولاي محند
ـ إطلاق صراح المعتقلين والمختطفين
ـ جلاء قوات المستعمر وعملائه (حزب الاستقلال) عن الريف.
ـ استفادة الريف من التمثيلية السياسية.
فكان رد حكومة الرباط على المطالب الريفية العادلة اختطاف احد أبرز قادة الانتفاضة حدّو أقشيش، الذي لم يظهر له أثر إلى يومنا هذا و أمام هذا لإرهاب الحكومة الرباط لريف المنسي قام الثوار بتشكيل تنظيم مسلح يحمل اسم ”جبهة النهضة الريفية“ دفاعا عن الكرامة الريفية، فاندلعت معارك مسلحة ومواجهات دامية في مناطق كثيرة من بلاد الريف،أمام هذا الواقع شكلت حكومة أخرى، من الجناح اليساري، هذه المرة، المتطرف لحزب الاستقلال يقودها عبد الله إبراهيم، وبدأت في قمع وسحق انتفاضة الريف وفي التاسع من يناير 1959 وصل الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، رفقة أفقير، إلى مدينة تطاوين على رأس 20000 مقاتل تم إنزالهم على سواحل الريف أثناء ذلك أعطى السلطان محمد الخامس مهلة 48 ساعة للثوار المعتصمين في الجبال للنزول والاستسلام إلا أنهم رفضوا إلى أن تستجيب الدولة ـ الاستقلالية طبعا ـ لمطالبهم وهنا اضطر المخزن لاستعمال القوة يقول الحسن الثاني في هذا الصدد لم يكن أمامنا أي خيار أمام عناد الخصم فتم الهجوم على آيث بوعيّاش وإمزورن وآيث حذيفة وإبقيون وأربعاء تاوريرت، لقد كان الهجوم عنيفا ووحشيا، واستعمل الجيش القنابل والدبابات والمدافع الرشاشة بشكل عشوائي وهمجي، واحتل الكثير من مراكز الثوار،
ومن ثمة كان جزاء تلك المنطقة، التي شرّفت صورة المغرب حينما انبطح الكثير أمام قوات الاحتلال الأجنبية، التهميش والإقصاء وتوصيفهم بأبشع النعوت ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل حاصر الجيش النظامي المغربي منطقة الريف جوا وبرا وبحرا مستخدما مختلف الآليات العسكرية والمعدات الحربية المتوفرة آنذاك ومارس أبشع أنواع القتل والتعذيب والاختطاف في حق الريفيين العزل، وعرفت المواجهات بين الجيش والمدنيين مقتل المئات من الريفيين ومباشرة بعد هذا القمع الهمجي اضطرت الدولة إلى الانتقام من الريف عن طريق الحصار والتهميش والتهجير القسري لإفراغ المنطقة من طاقاتها المزعجة للنظام المخزني وكذلك هم فاعلو وما أدراك ما يفعلون،ولا يزالون يفعلون.
ثم عرف المغرب في بداية الثمانينات من القرن الماضي أزمة خطيرة شملت مختلف الميادين، خاصة في الميدان الاجتماعي والاقتصادي، حيث كان معظم سكان البلاد يعيشون في البوادي دون أدنى شروط العيش الكريم،هذا ما ألم بالشعب المغربي برمته،إلا أن إقليم الناظور أضيفت إليه أزمة أخرى، فاقتصاد هذا الإقليم مرتبط أساسا بالتهريب الذي يمر عبر مليلية، و الذي تستفيد منه جل العائلات الريفية بالناظور، إلى أن النظام فرض في سنة 1983 على الراغبين في الدخول لمليلية دفع مبلغ 100درهم بالنسبة للراجلين و 500 درهم بالنسبة لأصحاب السيارات، ثم حدث تغيير سنة 1984حيث تم تعميم مبلغ 100 درهم، و هو ما أدى إلى تطور سوء الوضع الاقتصادي بالإقليم
و أدى في النهاية هذا الوضع إلى تفجير الانتفاضة الثانية، بعد أن اتحد جميع المواطنين ضد هذه السياسة، حيث نزلت الجماهير الشعبية إلى الشوارع في مسيرات ألفية في مجموعة من أهم المدن منها الحسيمة و الناظور و تطوان و القصر الكبير و مراكش و وجدة، والتي كانت في البداية مظاهرات تلاميذية داخل أسوار المؤسسات التعليمية بالحسيمة احتجاجا على الزيادة الغير مبررة في رسوم التسجيل‘ إلا أن هجوم السلطات على هذه الحركات التلاميذية وقمعها واعتقال العديد من التلاميذ بدون أسباب منطقية جعل السكان يتضامنون مع التلاميذ فخرج الكل إلى الشوارع في مظاهرات ألفية ضد سياسة الحسن الثاني التي أرغمت الشعب على تحمل التبعات الاقتصادية لحرب الصحراء في ما يعرف ب سياسة التقويم الهيكلي، وقد شاركت كل فئات المجتمع في هذه المظاهرات تنديدا بالوضع الاقتصادي المزري، وعوض أن يعمل النظام آنذاك على البحث عن سبل إمتصاص الغضب الشعبي الذي بلغ أوجه في تلك الفترة فضل مواجهة الإحتجاجات بقوة الحديد والنار.
هنا نطرح سؤال مهم؟
ما الفرق بين معمر القذافي الذي وصفا الشعب الليبي البطل الأصيل "بالجرذان، وعصابات، ومرتزقة"، الذين لا يمثلون الا نسبه قليله من الشعب الليبي.
وبين الحسن الثاني الذي وصف الريفيين بالاوباش،قبل أن يعتذرعن النطقها لانه لايليق بملك ان يتفوه بمثل تلك العبارات السوقية.
وفي سؤال لأحد المشاهدين في برنامج بلاحدود حول سر " العداوة " التي كان يكنها الملك الحسن الثاني لسكان الشمال ونعته للريفيين بالأوباش عام 1984 ، أوضح الدكتوربوطالب رحمه الله وزيرالإعلام والخارجية والعدل والمستشارالسابق للملك أن تقارير الأمن المغلوطة هي التي شوهت الأوضاع في الريف ودفعت الحسن الثاني لوصف الريفيين بالأوباش .
وكشف بوطالب أن الحسن الثاني " ندم على ما قال وحاول أن يصلح ما قال...لأنه اتصل بالريفيين وحاول أن يقربهم منه... ولكن بعد فوات الاوان.
بوجمعة بولحية.
التعليقات (0)