أمد/ تقرير خاص / تجرأت إسرائيل على غير التوقعات ، بعد أن دخل الفلسطينيون في كابوس الإنقسام ، وراح كل طرف يصنع من خصمه عدواً ، يطارده وهو ظله في البيت والمصير ، ولم يدرك الفلسطينيون أن عدوهم الحقيقي ، قريب من النار يشعلها ويزيد نارها كلما وجدت لنفسها مستقراً الى تلاش .
بعد الحفريات تحت القدس والأقصى ، وهدم البيوت بالجملة والمفرق ، وبعد سرقة أراضي الضفة ، وتوسيع الاستيطان ، والاعتداء على أهلها بالخنازير تارة ، وبتشكيل عصابات ملثمة ومسلحة لطحن العرب ، في الخليل ونابلس وبيت لحم تارة أخرى ، وبعد أن أصبحت العقبة الكبرى في سير المفاوضات تجميد الاستيطان ، بعد أن كانت إرجاع الأرض الى واقعها قبل أي بناء استيطاني ، وبعد أن اصبحت عملية السلام ، رئة إسرائيل التي تتنفس منها لكي تتمدد ، جاء قرارها العسكري تحت مظلة الإنقسام الداخلي الفلسطيني ، ولعل في طرفي النزاع ما يخلصهما من عقدة التزاحم على تعطيل المصالحة.
يقول مواطن أسمه هيثم لـ (أمد) : هم عشرات من الطرفين وجدوا في الانقسام والاقتتال مؤسسة رابحة ، تدر عليهم النعم ، وتزيدهم عطايا ، ولا يهمهم أن اسرائيل أكلت الأرض أو رحلت المقدسيين من ترابهم وهدمت فوقهم بيوتهم ، او زادت في عدد الأسرى يومياً ، هؤلاء لا يهمهم غير أن يستفيدوا من هذه المرحلة وللأسف هم أصحاب القرار ، إدين الطرفين وأن كانت حركة حماس وأقصد بعض القيادات العشر فيها يتحملون مسئولية أكبر ، كون قيادات فتح العشر وقعوا على ورقة المصالحة ، واعفوا أنفسهم الغمز واللمز ، وابتعدوا عن حلبة الإتهام ، ولكن منهم من يعطل إيضاً ويصر على أن حماس عدو لا يمكن التسامح معه واعطاءه صك الغفران بعد الإنقلاب الدموي في غزة ، بينما العشرة في حماس يتشددون في مطالبهم إما الحكم أو الحكم كونهم الشرعية والمواطن الذي اعطاهم الشرعية يحترم وإحترامه في هذا المقام وليس في سواه .
اما اليوم فقد تفاجأ الفلسطينيون بقرار إسرائيل رقم 1650 وهو عسكري بجوهره سياسي بإهدافه ، والقرار يقضي بطرد كل فلسطيني من مواليد قطاع غزة ، فهم القرار أن التنفيذ سيكون في الضفة الغربية ، فقامت ثورة الثائرين ورفض القرار الذاهبين الى وطنيتهم والعائدين الى الصحوة ، القرار يطبق اليوم على مواليد قطاع غزة في أراضي فلسطين المحتلة 1948م ، يافاوي يطرد من مقامه اليافاوي ليجد نفسه عند معبر بيت حانون ، ولولا تدخل محاميه في أخر لحظة لوجود نفسه عند بركة أبو راشد وسط مخيم جباليا للإجئين هذا أذا سمحت له حركة حماس من دخول القطاع ، بحجة الضغط على الاحتلال لتأمين عودته ، النوايا هنا سيدة الموقف !!!.
في إتصال مع أحد فلسطيني مدينة الطيبة وهو من مواليد قطاع غزة ، عاش هناك الثلاثين عاما الأخيرة وتزوج فيها من فلسطينية منابتها من المدينة الطيبة وزوج أولاده من قريبات زوجته وتمكن من تحقيق عودة فردية الى أرض الأجداد بعد نفى الإحتلال والديه واسرتهم في عام ال 1948 ، ورغم أنه مواليد قطاع غزة ، غير أنه يعتز بوجوده في الطيبة كونها الأقرب الى جذوره وهويته الأصيلة ويجد في ذلك تحد للتعسف الاسرائيلي بحرمان الفلسطينيين من أراضيهم في الداخل الفلسطيني .
المواطن بإتصاله مع (أمد) قال: الاسرائيليون يطاردون كل من هو من مواليد غزة ، ويرسلون استدعاءت له لكي ينفذ قرارهم الأخير ، وإلا يقومون هم بأنفسهم بتنفيذ الطرد ورمليه ما بعد ايرز بإمتار ، ومنذ صدور القرار والحياة تغيرت بالنسبة لنا ، كل شيء أصبح مقلق لدرجة أننا لا نخرج من بيوتنا ، وننتظر بأي لحظة طردنا ، ولكن أذا طردنا سنترك خلفنا عائلاتنا ، سنذهب الى شتات جديد ، ووجع لا نعرف مقداره حتى نقول أننا سنتحمله ، عشنا هنا عمرنا كله ، متشبثون في أرضنا الأم ، وعلمنا أولادنا العربية ، رغم المضايقات الاسرائيلية وطغمة العبرية في الجامعات والمدارس والمعاهد ، ولكننا استطعنا الحفاظ على الهوية العربية من خلال تجمعاتنا السكنية ، وما يقلقنا ، ردود الفعل العربية الاسلامية ، على القرار الاسرائيلي ، هل يعقل أن نقلع من أرضنا مرة ثانية والمسلمون صامتون ، مظاهرة واحدة تندد بالقرار في الدول العربية والاسلامية لم تخرج ، هكذا تخلى عنا الجميع ، وعلينا أن نواجه اسرائيل بصدورنا العارية ، منا إناس لا يستيطعون الحركة لأنهم لا يملكون الجنسية الاسرائيلية ، ومنهم اولادي السبع ، وزوجات بعضهم لأنهم من غزة ، ونسمع أن حركة حماس لا تسمح للمنفيين من دخول قطاع غزة ، بدافع الضغط على اسرائيل للتراجع عن قرارها ، وماذا يهم اسرائيل لو متنا جميعنا في العراء ؟.
منيرة من سكان بئر السبع ومن مواليد قطاع غزة تقول لـ (أمد) : أولادي وزوجي من مواليد بئر السبع ، وواحدة من بناتي ولدتها في غزة أثناء زيارتي لأهلي ، أنا وهي مهددتان الأن بالترحيل ، هذا الذي يحدث جنون بكل ما تعنيه الكلمة ، اصبحت في بيتي أحسب لقرع الجرس حسابا يدخلني في قلق متزايد ، أصبحت متوترة جداً ، ولي مراجعة عند طبيب القلب في الاسبوع مرتين ، لا اجرؤ على الذهاب اليه خشية أن يكون مصيري الطرد ، واقع لم يكن في مخيلتي ، ولكنني أعيش هذه الأيام في رعب .
وفي خبر ذات صلة ، أبعدت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مساء اليوم الأحد ، المواطن أحمد عودة حسن ابو شلوف المتزوج من فلسطينية من مدينة بئر السبع، ولديه منها أربعة ابناء الى مدينة غزة .
وقال مصدر : ان المواطن أبو شلوف الغزاوي الاصل قامت السلطات الاسرائيلية بابعاده اثناء مراجعته لعيادة العيون في مدينة القدس .
غزة التي تطارد من خلف جدرانها ، تجد ما يعنيها أكثر من غيرها في وجع أبناءها الذين ، ابتعدوا عنها من أجل الهوية أحياناً ، فكيف اذا جاءهم مثل الأولين ووجدوا أنفسهم في منطقة قد يطلق عليها يوما مخيم بين معبر بيت حانون ايرز وقطاع غزة ، وبلا شك حالة الانقسام وهذه الحالة الجديدة تدخل كداء جديد في عروق المصالحة التي تنزف قبل الولادة .
التعليقات (0)