من سيربح المليون؟؟. من الطبيعي جدا أن يعرف كل من اختار التدوين وسيلة للتعبير عن آرائه وتقديم أفكاره عدد الذين يزورون مدونته ويطلعون على كتاباته، حيث لا يخفى الدور الايجابي لهذه المسألة نفسيا على الأقل، حينما يجد المدون مواضيعه تلقى الاهتمام اللازم و تحظى بالمتابعة والتعليق. لكن الحالة التي تسترعي الانتباه في هذا المقام هي ذلك الهجوم الكاسح على تسجيل الأرقام القياسية.
ما يفلح فيه العرب دائما هو تحطيم الأرقام (الفارغة)، فنسمع في كل مرة عن تسجيل رقم جديد، حتى باتت موسوعة غينيس تزدحم بالانجازات العربية من قبيل: أكبر و أطول و... ويبدو أن عقدة الأرقام هذه تطاردنا في كل مكان. ولابد أن كل واحد منا ينظر باستمرار الى مؤشر عدد الزيارات في الجناح الأيمن من أسفل صفحة المدونة. وهو في كل لحظة يطمح الى الرفع منه. وعندما يصبح هذا الهاجس هو المحرك الأساسي للكتابة والبحث، فان الخاسر الأكبر من العملية هو فعل التدوين نفسه. ونحن هنا نتبادل الرأي ونتعرف على أخبار و مواضيع مختلفة. لكننا قبل هذا وذاك نطمح في تحقيق أكبر قدر من التلاقح الفكري بيننا. والرهان على الزيارات هو رهان خاسر لأنه يفقد هذا الطموح معناه الحقيقي. وهذا يؤثر سلبا على المنتوج التدويني بشكل عام. فالمرء عندما يقوم ما يعرض من كتابات في " مدونات ايلاف " ينتابه خوف خفي من الواقع والمستقبل بسبب هذه النماذج التي لا يهمها سوى احتلال مساحة الصفحة من أجل مزيد من الزوار. ولا يعني بعد ذلك نوعية هؤلاء الزائرين. وهذا لا يعني أن بضاعة التدوين قد كسدت ولا تجد من يشتريها. فنحن نقرأ يوميا عددا من المواضيع المتميزة والتي تترفع عن سباق الأرقام.
قد تكون الأرقام حافزا على المزيد من العطاء و التطوير. لكن لندع هذه الأرقام تأتي من تلقاء نفسها لا أن تكون هي الغاية ذاتها. اننا في فضاء للتعبير الحر. ولسنا في سباق نحو تكسير حاجز المليون أو المليار.
التعليقات (0)