تصدع جدار المصالحة يوما بعد يوم بعد أن تركت أعمال الترميم للبدء في مصالحة فلسطينية جدية بين حركتي فتح وحماس، ويبدو أن خطوات المصالحة الأولية وحسابات المصالح الحركية كان لها الهم الأكبر من تحقيق المصالحة، حيث مرت الأيام والشهور على فرح لم يكتمل وجنين لم تنبض فيه الحياة بعد.
للمصالحة فصول وأهم فصولها المعتقلين السياسيين وفق رؤية أهالي المعتقلين، حيث يشكل اعتقال أبنائهم أهم من التوافق على تشكيل الحكومة والاتفاق على رئيس الوزراء وتقاسم الأدوار بينهما ، لأنه بالمحصلة النهائية بتلك أو ذاك هم داخل الأقبية في السجون، فلم يتحرك ملف المعتقلين ولم يطرح حتى عبر وسائل الإعلام ولم نجد شريكا فتحاويا وحمساويا يلقي بالا للإفراج عن المعتقلين أو التحدث عنهم وذلك لأنهم الزاد الإعلامي لوسائل الإعلام للهروب من المصالحة عندما تختلف الأفكار والمصالح الحزبية على مصير تولي تلك الحقبة الزمنية اللقيطة في حياة شعبنا الفلسطيني.
إن المماطلة بمشاعر المعتقلين السياسيين ومصيرهم له أثر نفسي واجتماعي سيء على ذويهم وعلى صعيد جدية المصالحة الفلسطينية ، بالرغم من تأكيد كلا من حركتي فتح وحماس على ضرورة إنهاء هذا الملف ومعالجة كافة آثاره السلبية على حالة الحقوق والحريات كأساس لمدى جدية الإرادة السياسية في إنجاح عملية المصالحة الداخلية وتثبيتها على الأرض.
إن الحالة التي يستوجب فيها أن يكون الفلسطيني معتقلاً سياسياً هي أن يكون في سجون إسرائيلية وليست بسجون فلسطينية كان للانقسام أثرا فيها على حساب أبناء شعبنا من كلا الفيصلين، وأن الوضع السياسي والإعلامي لدى الحركتين يتهافت على التبرير والهجوم كلا على الآخر لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية على حساب احترام الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية وأحكام القانون والقضاء.
الغريب بالأمر أن حركة حماس لم تلق بالا كبيرا للمصالحة الفلسطينية بالوقت الذي تجند فيه كل وسائل اعلامها حول معتقليها السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية، وسلطتنا الفلسطينية في تنازع فيما بينها على مصالح هنا وهناك، فتارة تحاول الخروج من مأزقها الداخلي بجلد ذاتها وفبركة محاسبة لبعض قادتها، وتارة أخري تتجه لتفعيل ملف التفاوض مع إسرائيل عبر وسطاء أوربيين وضمانات أمريكية، وأخرى تتجه الى المصالحة الفلسطينية بنوع من الخجل أمام قطاع غزة.
لقد سئم قطاع غزة الصمت حول ملف المعتقلين وما رافقه من مرسوم رئاسي للإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأنه سيكون بالتوافق مع خطوات مماثلة في قطاع غزة لإغلاق الملف بشكل كامل بين الضفة الغربية وغزة، وما قاله أحمد عساف الناطق باسم حركة فتح, إن ذلك الموضوع من المبكر الحديث فيه كون أن الفصائل لم تتفق بشكل نهائي على تشكيل الحكومة, لاعتبار أن الحكومة أولى أولويات المصالحة وفق اتفاق القاهرة.
من يتابع وسائل الإعلام الفلسطينية يجد أن السلطة الفلسطينية فقط تعتقل أبناء حركة حماس، كما يرى بأن حركة حماس تنادي مرارا وتكرار بهجمتها الإعلامية بخروج المعتقلين من سجون السلطة الفلسطينية ، ولكن أين معتقلين حركة فتح ، هل هناك معتقلين سياسيين من حركة فتح في أقبية وسجون حماس؟
يبدو أن القيادة الفتحاوية في رام الله لا تعلم شيئا عن غزة إلا بعض التقارير من هنا أو هناك، ويبدو أن تلك القيادة تنعم برغد العيش وباتت لا تعلم الدور الرئيسي المنوط فيها وما المنصب بالحركة الفتحاوية الا غاية يسعها للوصول اليها، وأن الظهور الإعلامي لبعض هذه الشخوص بين الفينة والأخرى ما هي إلا لإعادة تصريحات وإطلاق عبارات عفي عليها الزمن، ألا تعلم تلك القيادة بأن هناك معتقلين سياسيين لدى أجهزة حماس تعاني مرارة السجن والتعذيب اليومي ألم تعلم بأن المعتقلين غير مسموح لهم برؤية أبنائهم وذويهم، لماذا لا نرى قيادي فتحاوي يتحدث عن المعتقلين السياسيين في قطاع غزة أليسوا من أبناء حركة فتح، ألم يغار بعض قيادي فتح والمحسوبين عليها من قيادات حركة حماس من مطالباتهم اليومية وعبر الفضائيات والصحف والإذاعات من خلال البرامج والأخبار وغيرها بمطالبة السلطة الفلسطينية بالإفراج عن معتقلين حركة حماس، لا نعلم هل هناك خوف لدى تلك القيادات بالحديث عن معتقلي حركة فتح، أو أنهم لا يجيدون غير أساليب المؤامرة واللعب في الخفاء لطعن بعض قيادات الحركة من الخلف فقط، إن كاريزما القيادة المنقوصة الموجودة في تلك الشخصيات لا تنفع ولا تضر شيئا لحركة فتح.
مازالت حماس تمارس قمعها ضد أبناء حركة فتح لتحصد مزيد من الاعتقالات السياسية في ظل السياسية المستكينة من قيادات حركة فتح وعدم تسليطهم الضوء على ملف المعتقلين السياسيين لدي أقبية حماس، ومازال الألم يعتصر ذوي المعتقلين لعدم اهتمام وسائل الإعلام بقضيتهم وخروج أي مسئول فتحاوي لطرح قضيتهم مقارنة بقيادات حماس عبر فضائية الأقصى، فيبدوا أن فضائية فلسطين تلهو بالمسابقات والأفلام العربية والمسلسلات الغرامية، وافتتاح بعض الجمعيات واحتفالات بعض رياض الأطفال هنا وهناك، ولم تعط اهتماما للقضايا الرئيسية ، وهذا يرجع لمدى الخلل الواضح إدارة الإعلام الفلسطيني نحو قضاياه الداخلية
التعليقات (0)