غريب وعجيب أمر " الحكام " العرب وأذنابهم .. فريدة من نوعها هي العقلية العربية .
في بعض الأحيان الحالكة بمآسي الشعب العربي ينتابني إحساس مخيف ورهيب .. إحساس يهيئ لي أن دماغي ( الذي هو من أصل عربي ) سيقدم على الانتحار وينفجر وينزلق مني عقلي من كثرة التساؤلات والشكوك التي تتزاحم وتفرض نفسها عليه .. تساؤلات تعجيزية لا تبارحني حتى في منامي كما في يقظتي حول حقيقة أصل الإنسان العربي ، وشكوك مبررة تساورني في كل ما هو عربي :
- هل فعلا نحن العرب من سلالة سيدنا آدم وسيدتنا حواء عليهما السلام كما هي كل الإنسانية ؟؟
- هل الدماغ العربي في أصله من فصيلة الدماغ البشري كباقي كل الإنسانية ؟؟
من حيث الشكل هذا لا ريب فيه ولا جدال حوله ، أما من حيث المضمون ( النفسية والعقلية والتفكير ) فكل التساؤلات والشكوك حوله تبقى مشروعة وقابلة للنقاش الحاد .
نعم ، كل الشعوب كانت متخلفة وعايشت عصورا مظلمة لأسباب كانت أقسا من مسببات ظلمتنا وتخلفنا اليوم ، لكنها فكرت في التغيير الجاد وقبلت به وبحثت عنه بكل قوة وإصرار.. ثم سارت على درب التحول والتطور برغبة التقدم والتحضر إلى أن حققت مبتغاها ، وبقينا نحن متشبثين بحجرية عقليتنا ندور في فلكها نراقب بامتعاض شديد تحولاتها ونتفرج بغباء على إنجازاتها .
فبعدما كنا (وكنا هاته أصبحت مملة برتابتها) أسياد العالم ونحن متمسكين بمسببات السيادة التي هيأها لنا الإسلام في نظام الحكم الرشيد بديمقراطيته المطلقة ، وفي نظام التماسك الاجتماعي أصبحنا عبيد العالم الذي كنا نتفرج على تحولاته وإنجازاته ، مهامنا السمع والطاعة لأسيادنا وسفك دماء إخواننا بعدما لفظت نفسيتنا طهارة إسلامنا وتنجست روحنا وفقدنا هويتنا . فبات شعار معاوية بن أبي سفيان – مبدع الانقلابات العربية والإسلامية ومؤسس نظام الحكم الوراثي الأبدي – الذي رفعه في وجه الشعب العربي " البيعة الأبدية تحت السيف البتار " هو عنوان الديمقراطية العربية التي ركبها ويركبها كل الحكام العرب بالوراثة من وقتها إلى يومنا هذا حتى باتت تسري على كل فئات المجتمع العربي وأصبحت هي ثقافتنا المقدسة تميز عقليتنا عن باقي العقليات الإنسانية ، وجردت الدماغ العربي من كل مواصفات الدماغ البشري .
" البيعة الأبدية تحت السيف البتار " شعار ديمقراطية الحكام العرب القدماء أصبح اليوم " البيعة الأبدية تحت الجوع والرصاص " تماشيا مع روح العصر الذي يواكب الحكام العرب الجدد تحولاته وتطوراته بديمقراطية أكثر دموية من ديمقراطية الأجداد :
تغيرت آليات الشعار ولم يتغير مضمونه وبقي الدماغ هو الدماغ بعروبته ، وبقيت الثقافة بطابعها العربي هي نفسها .. وبقيت ديمقراطية معاوية هي السائدة في الوطن العربي بألوان مزركشة وشعار واحد ، وبعناوين غليظة لنص واحد تفوح منه رائحة الدم البشري .. نص رهيب بعناوين شتى يتأبطه كل الحكام العرب وهم راكبون ظهور شعوبهم بديمقراطية متوحشة تفترس كل من تأوه أو تأفف من الشعب أو حاول ذلك .. عناوين مغرية بشعار لامع لديمقراطية حكام العرب تنص على معنى واحد " أحكمكم أو أقتلكم " .
هكذا نشأت الديمقراطية العربية وتغلغلت في عقلية كل العرب حتى أصبحت جزء من المجتمع العربي في كل تفاصيل حياته : الزوج يهدد زوجته بالتجويع أو الطلاق إن هي تجرأت على انتقاده .. مدير الإدارة العربية يهدد موظفيها بالتفقير أو الطرد والسجن إن تجرأ أحدهم على الجهر برأيه وانتقاده .. صاحب المعمل والمصنع العربي يهدد ويرهب عماله بالطرد والتشريد والسجن إذا ما قام قائم منهم وطالب بشيء من حقوقه .. والحاكم العربي يهدد ويرهب شعبه ( رعيته ) بالإبادة الشاملة باسم الديمقراطية العربية الفريدة بشعارها " البيعة الأبدية تحت الجوع والرصاص " إذا ما تجرأ وحاول رفع هامته ليعبر عن وجوده وإنسانيته وعن آلامه وشقائه بانتقاد سياسة سلطانه ، والتاريخ العربي لم يثبت غير هذا .
فأية عقلية هاته التي أنتجت مثل هاته الديمقراطية ، واستباحت الدم العربي ؟؟
وأية عقلية هاته جعلت الحاكم العربي يتشبث بسلطته وثروته المحرمتين شرعا وقانونا ويعض عليهما بأسنانه مدى الحياة ضدا على رغبة الشعب ؟؟
وأية عقلية هاته دفعت وتدفع الحاكم العربي إلى إبادة شعبه ( رعيته ) بعنف هستيري لمجرد أنه طالب ويطالب باستعادة كرامته ؟؟
فلا حاكم عربي واحد تنازل عن ديكتاتورته وأعاد لشعبه حقوقه طواعية ، أو حتى تحت إلحاحه السلمي من دون سفك
دمائه .
ففي الوقت الذي نسمع ونرى ونقرأ فيه - بشكل شبه دائم - عن مجرد خبر بسيط قد يكون من غير أهمية تنشره صحيفة شعبية قد تكون مغمورة يطيح بوزير أو بحكومة أو برئيس دولة في العالم المتحضر بديمقراطيته الحقيقية ( كإيطاليا واليابان نموذجا ) ، نسمع ونرى ونقرأ يوميا على مدار السنة عن إضرابات ووقفات ومظاهرات واحتجاجات ومسيرات وانتحارات تجتاح كل البلدان العربية تعبيرا من شعوبها عن غضبها وسخطها على سلطان حكامها الفاسدين الضعاف بأميتهم وجشعهم ، وشجبا لسياساتهم العنصرية التي جردتها من كرامتها وهويتها وجعلت منها قطيعا من العبيد يقوم بحراستهم وخدمتهم ، من دون أن تحدث أدنا تغييرا على عقليتهم وسياساتهم ، بل تشبثوا بسلطانهم المتوحش وجشعهم الأعمى وواجهوا مطالبها باللامبالاة والاستهجان وبالترويع والترهيب حتى طفح كيلها وقتلت الخوف في صدورها وهاج غضبها وبدأت تزحف عليهم وتهاجمهم في قلاعهم وقصورهم وتذلهم شر إذلال وتطاردهم طرد الكلاب المسعورة .
وما حرب الإبادة الشاملة التي أعلنها ملك الملوك ورمز الحكام العرب المجرمين السفاح القدافي على شعبه الطيب – التي لا نظير لها في تاريخ الإنسانية – لمجرد أنه أبدى رغبته في التحرر من سلطان ديكتاتوريته واستعادة كرامته ، ومن قبله إصرار نظاما تونس ومصر البائدان على عدم تنازلهما عن حقوق شعبيهما – واللذان لم ينسحبا حقنا للدماء كما يرى البعض وإنما اندحرا لرفض الجيشان في البلدين الانسياق وراءهما في إبادة شعبيهما ما أجبرهما على الفرار من الغضب الشعبي – ومن بعده تمسك أنظمة اليمن والبحرين والجزائر والمغرب وباقي الأنظمة العربية بعروشها وسلطانها ومواصلة اغتصابها لسلطة وكرامة شعوبها ضدا على إرادتها ورغبتها باسم ديمقراطيتها ( الأنظمة ) الدموية الموروثة مستعملة في ذلك كل أدوات وأساليب الترويع والترهيب ، والتحايل والكذب .. ما هي إلا صورة مصغرة للعقلية العربية المعششة في الدماغ العربي ورمز للغريزة الدموية المهيمنة على نفسية الحكام العرب ..
فهل يمكن أن تكون مثل هاته العقلية - التي جعلت من الحاكم العربي أهم من الشعب الذي أوجده ، وأقدس من الدولة التي يتربع على عرشها – نابعة من دماغ بشري ؟؟
إن الديمقراطية الدموية العربية لن تلغى ولن تغير إلا بصدمة شعبية أقوى وأعنف منها تطيح بالعقلية الأسرية والعائلية والقبلية وبنظام الرعية كله وتبيد سياسة النفاق والكذب والتحايل والاستعباد والاسترقاق ، كما أثبتت ثورات تونس ومصر وليبيا والآتية بعدها ..
فهاهو نظامنا ككل الأنظمة العربية المهووسة بحب السلطان والقدسية يواصل تشبثه بسياسة الهروب إلى الأمام والمراوغة والتحايل على الشعب كعادته دافعا إياه بذلك الشعب إلى تفجير غضبه المكبوت ، والملكية إلى الانهيار ، والبلاد كلها نحو المجهول إن عاجلا أم آجلا ..
فبعدما تحرك الشعب المغربي من خلال حركة 20 فبراير سلميا وبأسلوب ومظهر حضاريين في أكثر من مرة خلال أقل من شهر ، بوقفات ومظاهرات ومسيرات عمت شوارع وأحياء كل المدن المغربية مطالبا باستعادة حريته وسيادته وكرامته التي عاش من دونها على مدى 12 قرنا وذلك سيرا على نهج كل الشعب العربي ، جاء رد النظام عليها عنيفا في ظاهره وضعيفا في دواخله مغلفا باللامبالاة والاستهجان كما هي عادته . فتميز فصله الأول بالتهديد والوعيد والقمع والمحاكمات الترهيبية الموضبة ، وأما فصله الثاني فتميز بتنازل النظام ( كما قد يوهمنا ) عن جزء يسير من قدسيته وأفرج عن ملامح حقوق الشعب . وكلا فصلا رد النظام على جنوح الشعب إلى السلم في مطالبه يؤكدان تمسكه الأعمى بسلطة وثروة الشعب وبقدسيته المزيفة وبالعقلية العربية المشكوك في آدميتها سيرا على نهج كل الأنظمة العربية الدموية المشكوك في إنسانية دماغها القديم منها والجديد .
فبعد مرور ما يزيد عن ثلاثة أسابيع على بداية الحركة الشعبية السلمية وعلى خطابه الأول - ومرور ثلاثة أيام على نشرنا في موضوع سابق ( كغيرنا من المواطنين ) للمطالب الشعبية التي نقرؤها ونلمسها يوميا على وجوه ومن خلا أحاسيس كل أصناف المواطنين في كل جزئيات حياتهم - أطل الملك على شعبه "العزيز" من خلال خطابه الثاني يوم 09 مارس الجاري بشره فيه بشبه حلول للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية البعيدة كل البعد عن مطالبه وطموحاته الشرعية والمشروعة مما يزيد في تعميق أزمة ثقته في نظامه ، ويؤكد تشبث وتمسك هذا النظام – وما الملك إلا عنوانه – بناصية الشعب ضدا على إرادته ورغبته ومواصلة اغتصابه بالعنف لحقوقه المشروعة التاريخية ما يثبت أن عقلية حكامنا لا تختلف في شيء عن عقلية الحكام العرب وفساد الدماغ العربي .
شبه حلول ترقيعية طرحها الملك على شعبه "العزيز" في خطابه الثاني ( وكنا وما زلنا نتمنى صادقين أن لا تسير أوضاع بلدنا على شاكلة ما سارت عليه عقلية أنظمة تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وكل القافلة العربية .. ) يطبعها التحايل والتضليل ، وتبرز من خلال طريقة عرضها وقتها وأسلوب تلميعها وتعظيمها وتقديسها إعلاميا بعدها مدى التوافق الذي تم عليها بين الملك وأركان نظامه النخبوي ، والإهمال المقصود لرأي المعني بالأمر الأول والأخير ألا وهو الشعب .. لكن من حسنات هذا الخطاب أنه لأول مرة في تاريخ المغرب يعترف الملك ( وأكيد من حيث لا يدري ) بصورية وزيف المؤسسات القائمة عليها الدولة ( من دستور وحكومة وبرلمان ومجالس ، وووو ... ) حينما قال : " ... بعد تعديل الدستور ستجرى انتخابات تشريعية صحيحة وشفافة تنتج عنها حكومة تعبر عن طموحات الشعب الحقيقية ... " ما يعني أن الملك يعلم أن المؤسسات القائمة غير شعبية أي غير قانونية والانتخابات التي أضرب عنها الشعب لم تكن ذات مصداقية ، وبالتالي فالشعب كان ومازال مجردا من حقوقه السياسية والسلطوية والاقتصادية والاجتماعية على اعتبار أن كل الحقوق مترابطة سلبا أو إيجابا .. وهو ما يبرر ويشرعن حركته وغضبه وثورته .
إن معظم هذا الشعب الطيب إن لم أقل كله ، يا جلالة الملك ، يفضل عن اقتناع نظام الملكية على كل أنظمة الحكم الأخرى لسببين عظيمين طرحنهما في الموضوع السابق ومتمسك غاية التمسك بمؤسسته الملكية من دون نفاق ، لكنه يريدها ملكية طاهرة ومطهرة من كل أنواع العنصرية والنفاق والمنافقين والانتهازيين .. يريد ملكية سائدة تكون رمزا من رموز الوحدة الوطنية ، لكنه مقابل ذلك يريدها أن تكون خاضعة لقانونه كشخصية معنوية تراقب وتحاسب وتحاكم ككل مؤسسات الدولة ، ويقنن أشخاصها الذاتيون ويخضعون للمراقبة والمحاسبة والمحاكمة الشعبية ككل المشرفين على تسيير مؤسسات الدولة التي هي منه وإليه تقوم بإرادته وتمول بأمواله ، ويريد أن تكون آليات وأدوات الحكم والثروة بين يديه حتى يتمكن من تأسيسه لكل مؤسسات الدولة الوطنية ومراقبة ومحاسبة كل المشرفين على تسييرها ..
أما أشباح الحلول المسكنة من قوانين وقرارات ومجالس ولجان مظلية وتضليلية منزلة بإرادة ورغبة شخصية ( فردية أو فئوية ) لا قيمة ولا حضور للشعب فيها لن تزيد إلا في تعميق أزمة الثقة والكراهية والضغينة ، وتفاقم الأزمة وإطالة عمر تخلف البلد وتهديد وحدته .. فبماذا أفادت المغرب كثرة المجالس واللجان الدستورية والاستشارية المحدثة ، والأحزاب والنقابات والجمعيات غير إهدار أموال الشعب بلا حسيب ولا رقيب وبلا نتائج ملموسة تساهم في إنقاذ البلاد من أزماتها المزمنة الأبدية وتعيد الثقة للشعب .
فلا يمكن في أي حال من الأحوال وبأي شكل من الأشكال بناء ديمقراطية حقيقية فعالة ككل الديمقراطيات العالمية طال انتظارها لعقود وربما لقرون في ظل أجهزة صورية وبعقليات متعفنة فاقدة للمصداقية وللثقة وفي غياب تام للإرادة الشعبية المباشرة .. فكيف لمجلس أو للجنة أعضاؤه أو أعضاؤها معينون من طرف شخص أو نخبة أو فئة أن ينجزوا ما يتوافق مع طموحات الجانب المظلوم المغيب ( الشعب ) ويلغي غريزة النخب ؟؟ ...
وكما قلنا في الموضوع السابق كذلك ، كفانا كذبا وتحايلا وتضليلا وابتزازا واحتقارا واستغفالا وتسويفا وتسكينا وترقيعا... كفانا تهديدا وتخويفا واختراقا لكرامتنا ومصادرة إنسانيتنا بالتعذيب النفسي والعضوي .. إن أسلوب الترهيب والتعذيب والرشوات الذي يلجأ إليه أي نظام هو نمط للسياسة الانتهازية في الأنظمة الشمولية الديكتاتورية .. وهذا أقل ما يمكن وصف به سياسة نظامنا .
فإذا كانت لنظامنا فعلا الرغبة الحقيقية في إبعاد البلد عن غيوم دخان الثورة العربية وإخراجه من دائرة الاحتراق للحفاظ على الوحدة الوطنية عليه أن يتنازل عن قدسيته الوهمية ويربط وجوده برضا الله ورضا الشعب عنه ، وينزل إليه من برجه العاجي ويعترف بأخطائه التاريخية التي ارتكبها في حقه عندما تخطاه ومنح شكيمته بكرامته للمنافقين والانتهازيين ليستعبدونه باسم الملكية ، ويرد عليه حقوقه الشرعية والمشروعة كاملة ..
نعم ، على الملكية أن تثور على نفسها إذا ما أرادت بصدق أن تحافظ على استمراريتها وعلى الوحدة الوطنية وعلى استمرارية الدولة المغربية .. عليها أن تطيح بنظامها النخبوي المتوحش الذي لا يعترف بالشعب ، وتنقذ نفسها من بين أنياب المنافقين والانتهازيين والمنتفعين باسمها من آلام واسترقاق المواطنين ، وتعود إلى حضن الشعب بردها عليه كرامته قبل أ تحرق نار غضبه أطرافها وتطاردها ثورته خارج الجغرافيا والتاريخ ، ويتخلى عنها خدامها وحراسها المنافقون ورعاتها وحماتها الامبرياليون فتنتحر تحت وطأة الاكتئاب وتدفن في مزابل التاريخ .. على الملكية أن تلغي وإلى الأبد نظام " الراعي والرعية " وتعترف بسلطان الشعب..
للملك فرصة ذهبية على طبق من ماس لدخول التاريخ من كل أبوابه الشريفة والمشرفة .. على الملك أن ينحاز إلى الشعب قلبا وقالبا في ثورته على الديكتاتورية والفساد المباح بثورة الشعب والملك تتجاوز ثورة الملك والشعب الرتيبة بإلغاء المؤسسات الصورية القائمة ، وتأسيس لدولة وطنية قائمة بنظام ديمقراطي على مؤسسات وطنية بشرعيتها الشعبية .. وتأسيس الدولة الوطنية لن يتأتى إلا بتطهير نظام المؤسسة الملكية – كما أسلفنا – من الحاشية الزائدة المثقلة لكاهل الشعب والدولة ، ومن الدخلاء والمتطفلين عليها المستغلين للبلاد والعباد باسمها .. على الملك أن يقطع بشجاعة مع العصور الديكتاتورية بثلاثة مراحل متتالية ومنضبطة ومتسارعة تعيد للشعب آماله في الحياة وثقته في هويته الوطنية :
أ ) - مرحلة الثورة على نظام المؤسسة الملكية القائم :
01) - إلغاء الدستور القائم كليا وليس تعديله حسب رغبة المسيطرين عليه ..
02) - إقالة الحكومة وتعيين أخرى تقنية تعتمد في تشكيلتها على الكفاءات الوطنية ذات الصلة بهموم الوطن والمواطنين .. لتسيير شؤون الدولة .
03) - حل البرلمان القائم .. وكل المجالس واللجان الدستورية والاستشارية ..
04) - حل كل الأحزاب والنقابات والجمعيات القائمة .. وإرجاع كل ممتلكاتها للدولة ..
05) - حل كل الأجهزة الأمنية المتخصصة في اختراق الحرية السياسية للمواطن .. 06) - إلغاء القضاء العسكري .. ب) - مرحلة تطهير نظام المؤسسة الملكية القائم :
01) - على المؤسسة الملكية أن لا تتعدى في أشخاصها الذاتيين الملك وأسرته الصغيرة ( الملك والأميرة حرمه والأمراء أنجاله ) وبالتالي إبعاد كل من لا ينتمي للأسرة الصغيرة للملك عن المؤسسة الملكية ومحيطها المادي والمعنوي .. وإخضاع كل موظفي وعمال البلاط للمراقبة القانونية الشعبية .. 02) - إحداث هيأة وطنية قضائية وقانونية وإدارية وأمنية تحضا بثقة الشعب من خلال استفتاء عام وحر ونزيه تعنى بمتابعة ومحاسبة كل من سبق أن تقلد منصبا سياسيا أو سلطويا أو ماليا أو اجتماعيا .. وتعمل تحت مراقبته المباشرة ..
ت) - مرحلة تأسيس الدولة الوطنية :
إحداث هيأة وطنية لتأسيس الدولة تعتمد في تشكيلتها على كبار القضاة والقانونيين من ذوي الكفاءات العليا في البلاد يختارهم الشعب في استفتاء عام حر ونزيه ..
تنكب على :
01) - وضع دستور جديد للبلاد يؤسس لملكية ديمقراطية حقيقية ، ملتزم بثوابت الوحدة الوطنية لا يقبل التأويل والمراجعة ، تكون فيها آليات وأدوات الحكم المباشر والمراقبة والمتابعة للشعب .. يحدد المؤسسة الملكية في الملك وأسرته الصغيرة ، ويجعل منها ( الملك ) أولى مؤسسات الدولة الوطنية ورمزا من بين رموز وحدتها تراقب ولا تحكم ، وتلتزم بالقوانين العامة للدولة .. ويحد من تناسل وتكاثر الأحزاب والنقابات والجمعيات بقوانين صارمة في تأسيسها .. ويعيد للقضاء مكانته وهيبته بتحريره من كل أدوات الضغط المادية والمعنوية يكون خاضعا للمراقبة الشعبية فقط ، ويجعل منه الحكم والمراقب الأول والأخير في تطبيق كل القوانين العامة للدولة والمشرف العام على كل العمليات السياسية ..
02) – وضع قوانين وتشريعات عامة للبلاد في كل الميادين ملزمة ، وتحترم ثوابت الوحدة الوطنية ولا تقبل التأويل والتزييف ..
03) - وضع إطار ثابت للسياسة العامة للبلاد ملزم على الصعيدين الداخلي والخارجي تعتمده كل مؤسسات الدولة في عملها ..
04) - تحديد مواعيد بناء المؤسسات الدستورية للدولة والعودة للحياة السياسية بانطلاقة جديدة وتاريخية ..
05) – تثبيت الهيأة نفسها كمؤسسة مرتبة بعد المؤسسة الملكية باسم المجلس الأعلى للدولة كمراقب عام على أداء كل مؤسسات الدولة الدستورية يرفع تقاريره عنها مباشرة إلى النائب العام للدولة المراقب من طرف المجلس الأعلى للقضاء - المنتخب أعضاؤه مباشرة من الشعب – لمتابعة كل المتهاونين والفاشلين والمفسدين من المشرفين عليها ..
(( ولن يكن أقل من هذا الإصلاح المفترض بالعمل الجاد الصادق .. ))
- محمد المودني – فاس .
التعليقات (0)