مواضيع اليوم

مـحـا كـمـا ت بـــغــــيـر ســـــــــو ء .........

أشرف هميسة

2011-10-16 09:48:55

0

يُحكي أن أحد الملوك طلع يوما إلى أعلى قصره يتفرج فلاحت
منه التفاتة فرأى امرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير
الراؤن أجمل منها فالتفت إلى بعض جواريه فقال لإحداهن : لمن هذه ؟ فقالت : يا مولاي هذه زوجة غلامك فيروز .. !! فنزل الملك و قد خامره حبها و شغف بها فاستدعى فيروز
و قال له : يا فيروز  قال : لبيك يا مولاي . قال : خذ هذا الكتاب و امضي به إلى البلد الفلانية و ائتني بالجواب ..
فأخذ فيروز الكتاب و توجه إلى منزله فوضع الكتاب تحت مخدة سريرة  و بدأ  يجهز أمره و بات ليلته فلما أصبح ودع أهله و سار طالبا لحاجة الملك ولم يعلم بما قد دبره الملك ..
أما الملك فما أن خرج فيروز لمهمته حتى قام مسرعا و توجه متخفيا إلى دار فيروز فقرع الباب قرعا خفيفا ..
فقالت امرأة فيروز : من بالباب ؟
قال : أنا الملك سيد زوجك ..
ففتحت له فدخل و جلس ..
فقالت له : أرى مولانا اليوم عندنا ! فقال : زائر .. فقالت : أعوذ بالله من هذه الزيارة و ما أظن فيها خيرا ..
فقال لها : ويحك إنني الملك سيد زوجك و ما أظنك عرفتني ..
فقالت : بل عرفتك يا مولاي و لقد علمت أنك الملك و لكن سبقتك الأوائل في قولهم :
  سأترك ماءكم من غير ورد  و ذاك لكثرة الوراد فيه
إذا سقط الذباب على طعام رفعتُ يدي و نفسي تشتهيه
و تجتنب الأسود ورود ماء إذا كان الكلاب ولغن فيه
و يرجع الكريم خميص بطن  و لا يرضى مساهمة السفيه !!
......................... و ما أحسن يا مولاي قول الشاعر :
قل للذي شفه الغرام بنا  و صاحب الغدر غير مصحوب
و الله لا قال قائل أبدا  قد أكل الليث فضلة الذيب  !!
     ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ثم قالت : أيها الملك تأتي إلى موضع شرب كلبك تشرب منه .. صمت الملك بذهول و إستحيا من كلامها فخرج و تركها ،  و نسي عصاه في الدار  ..
هذا ما كان من الملك .. و أما ما كان من فيروز فانه لما خرج و إنطلق لمهمته  تفقد الكتاب فلم يجده معه في رأسه فتذكر أنه نسيه تحت فراشه فرجع إلى داره ، عقب خروج الملك من داره مباشرة فوجد عصا الملك في الدار فطاش عقله و علم أن الملك لم يرسله في هذه السفرة الطويلة إلا لأمر دبره فسكت و لم يبد كلاما و أخذ الكتاب و مشى إلى حاجة الملك فقضاها ثم عاد إليه فأنعم عليه  الملك بمائة دينار فمضى فيروز إلى السوق و اشترى ما يليق بالنساء و هيأ هدية حسنة و أتى إلى زوجته فسلم عليها و أعطاها ما إشتراه لها و قال لها : قومي إلى زيارة بيت أبيك ..
قالت : و ما ذاك ؟
قال : إن الملك أنعم علينا و أريد أن تُظهري لأهلك ذلك ..
قالت : حبا و كرامة ..
ثم قامت من ساعتها و توجهت إلى بيت أبيها ففرحوا بها و بما جاءت به معها فأقامت عند أهلها شهرا فلم يذكرها زوجها و لا يتفقد أحوالها فأتى إليه أخوها
و قال له : يا فيروز إما أن تخبرنا بسبب غضبك و إما أن تحاكمنا إلى الملك ..
فقال : إن شئتم الحكم فافعلوا .. فما تركتُ لها عليّ حقا ..
فطلبوه إلى المحكمة فأتى معهم و كان القاضي إذ ذاك عند الملك جالسا إلى جانبه ..
فقال أخو الصبية : أيد الله مولانا قاضي القضاة أني أجرت هذا الغلام بستانا سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة و أشجار مثمرة  فأكل ثمره و هدم حيطانه و خرب بئره .. ثم رده علينا .
فالتفت القاضي إلى فيروز و قال له : ما تقول يا غلام ؟
فقال فيروز : أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان و سلمته إليه أحسن ما كان ..
فقال القاضي : هل سلم إليك البستان كما كان ..
قال أخو الصبية : نعم سلم البستان لكنه ليس كما كان أبدا ..و أريد منه أن يعرفنا السبب للذي دعاه لرده  ..
قال القاضي : ما قولك فيروز ؟
قال : و الله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه و إنما جئت يوما من الأيام فوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني فحرمتُ دخول البستان إكراما للأسد ..
حينئذ كان الملك متكئا فاستوى جالسا و قال : يا فيروز ارجع إلى بستانك آمنا مطمئنا فوالله ان الأسد دخل البستان و لم يؤثر فيه أثرا و لا التمس منه ورقا و لا ثمرا و لا تناول منه شيئا ..  و لم يلبث فيه غير لحظة يسيرة و خرج من غير بأس و الله ما رأيت مثل بستانك حرصا و لا أشد احترازا من حيطانه على شجره و ثماره ..
هنالك تبسم فيروز فقال له القاضي هل ترد بستانك .. قال نعم .. رجع فيروز إلى داره و رد زوجته و لم يعلم القاضي و أحو الصبية شيء عن تفاصيل تلك القضية العجيبة ....
فهلا تعلمنا أن نتفاهم في هدوء و نقضي حوائجنا بالكتمان و أن نستر عيوبنا ولا نجاهر بسوآتنا و نتقي الله في كل أحوالنا خاصة نحن في زمن المحاكمات العجيبة .. فمن ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الآخرة ... اللهم إسترنا فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض عليك يا رب العالمين .... أشرف هميسة




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !