مواضيع اليوم

معركة كرسي الحكومة اللبنانية: هكذا صعد نجيب... هكذا سقط سعد!

سلطان القحطاني

2011-03-29 21:50:03

0

 

 
 كانت خسارة سعد الحريري مقعده، كرئيس لوزراء لبنان، و"شيخ روحي" للطائفة السنية، أكيدة ومتوقعة للجميع، طوال الأشهر الماضية، حيث توقعها أصدقاء المليونير الشاب قبل أعداءه، إلا أن الحريري أعتقد أن شيكات التأييد ستظل مفتوحة على البياض، إلى الأبد.


وبدأت أولى مؤشرات السقوط من خلال الخلاف داخل الأسرة المستقبلية نفسها، ومن ثم فشل الحريري في أثبات نفسه كزعيم سياسي، أمام أنصاره وحلفائه؛ وهكذا جاءت الأخبار المحبطة لحلفاء تيار المستقبل، أسرع من أخبار الطقس والرياضة والمؤامرات الصحافية في صحف لبنان وأزقة مهنتها، وهي أخبار لا تحمل بشائر الأمل لأولئك الذين كانوا يأملون كبح نفوذ طهران في المنطقة.


وبينما كان الموالون يشتكون من دور حزب الله المزعج وألعاب السيرك المسلحة التي يؤديها أنصاره في بيروت وخارجها، برزت إلى السطح أصوات جديدة، من المؤسسة الحريرية ذاتها، تتحدث للمرة الأولى عن مدى أحقية الحريري في تولي رئاسة التيار، والوزارة، والسنة، لتبدأ قائمة لا تنتهي من أسماء المؤهلين والطامحين، الذين ربما يتقدمون لملء الفراغ.


ومن سوء حظ الحريري أن المنافسين كانوا مستعدين، وبدا وكأنهم يتحضرون للخلافة بأسرع مما يتوقعه البعض، خصوصاً وأنهم مجموعة من شخصيات تتمتع بثقة الحلفاء العرب من الدول المعتدلة وبالتالي الغرب، خصوصا أميركا في الغرب البعيد.


في وسط هذا الفراغ، ومن بين كل هؤلاء الطامحين، كان نجيب ميقاتي، رجل المال والأعمال، يعمل بكد، ويعيد التواصل مع الحلفاء الذين يريدون استقرار لبنان، وينشط في ترتيب أوراق معركته داخل البرلمان، ومع الفرقاء، وأغلب النواب.


وعلى المقلب الأخرى كان الحريري مشغولاً في أمر آخر، فقد نشط في رحلاته الخاصة إلى سوريا، وهي أكثر عدداً ووقتاً مما قضاه في زياراته الرسمية، إذ يقول ديبلوماسي خليجي أن "علاقته مع الأسد تعدت المرحلة الرسمية إلى المرحلة الأعمق والتي لا تبدأ من حفلات الشواء المختصرة ولن تنتهي عند العشاءات الخاصة ولعب التنس وسباقات الدراجات".


في إحدى الزيارات لم يخرج الحريري من بيت مضيفه إلا "وقد تناول الوجبات الثلاث كاملة" على حد تعبير الدبلوماسي، في سياق تعليقه على الدفء المثير للاستغراب بين الحريري والأسد، الذي كان متهما إلى أشهر خلت بأنه المتسبب في عملية اغتيال والده.


ولاحظ مراقبون للحريري وأحاديثه الصحافية مؤخراً أن نغمته تجاه سوريا خفت بعد أن كان يتهمها بأنها المتورط الرئيسي في عملية اغتيال والده، وهو تطور غير مسبوق، إذ اعلن في حديث سابق نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية انه وحلفاءه ارتكبوا "خطأ" باتهام سوريا بالوقوف وراء اغتيال والده، مؤكداً أن "الاتهام السياسي انتهى".


وقال ان للمحكمة الدولية التي تنظر في قضية الاغتيال "مسارها الذي لا علاقة له باتهامات سياسية كانت متسرعة".


وكان الحريري وحلفاؤه اتهموا سوريا بالوقوف وراء عملية الاغتيال التي حصلت بواسطة تفجير شاحنة مفخخة في بيروت في 14 شباط (فبراير) 2005 وأودت بحياة رفيق الحريري، الذي تمزق جسده إلى أشلاء، مع 22 شخصاً آخرين.


وليست هذه أسباب السقوط الوحيدة، إذ يقول أفراد في تيار المستقبل أن الإنفاق المالي قد وصل إلى أقل معدل له منذ عام 2007 على الرغم من أن الدول الحليفة تدفع، إذ بلغت مدفوعات السعودية المعلنة أكثر من مليار دولار، عدا عن مدفوعات أخرى تجاوز ما صرفه أوباما في حملته لتوليه الرئاسة الأميركية باعتراف مسؤول سعودي كبير.


وطال هذا التقتير، الذي أستغربه أكثر من مراقب مطلع رغم التحويلات الضخمة التي تأتي إلى أرصدة الحريري، العديد من ماكنة الحزب الإعلامية والثقافية.


وبعد اغتيال والده رفيق الحريري في 14 فبراير شباط عام 2005 في انفجار سيارة ملغومة في بيروت تم اختيار سعد من قبل أسرته ليسير على خطى والده السياسية، رغم أنه في البداية تردد في دخول المعترك السياسي بسبب قلة خبرته، لكنه سرعان ما اصبح مسؤولا عن الحزب السياسي الذي شكله والده وهو تيار المستقبل.


وعلى الرغم من أن الائتلاف الحاكم فاز بأغلبية واضحة في الانتخابات النيابية عام 2005 فإن الحريري لم يعتبر نفسه يتمتع بالنضوج السياسي الكافي لشغل منصب رئيس الوزراء ما دفعه إلى دعم وزير المالية السابق وحليف والده الوثيق فؤاد السنيورة لهذا المنصب.


وكان السنيورة خليطاً من قديس وشاعر ومثقف، وجد من الصعوبة على نفسه ومبادئه أن يتأقلم مع الكرسي، بينما كان الحريري حينها شاباً يحلم بالتغيير، بغض النظر عما إذا كان ذلك فوق قدراته أو تحتها، لكن المؤكد أن لمحة من قدرات والده السياسية لم تنتقل إليه بحسب ما يقوله مراقبون.


ويقول صحافي عربي، عرف الأثنين عن قرب، حين يتحدث عن الفارق بين الأب والأبن: "كان رفيق يقتل التفاصيل بحثاً خلال المباحثات، أم أبنه فيقتل المباحثات لا التفاصيل، ويحب الحديث في كل شيء إلا السياسة".


وولد سعد الحريري في أبريل نيسان عام 1970 في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.


وبعد حصوله على شهادة في إدارة الأعمال الدولية من جامعة جورج تاون (عام 1992) عمل الحريري في شركة "سعودي اوجيه" وهي شركة كبيرة يملكها والده في المملكة العربية السعودية، حيث كانت تشرف على أعمال بناء وصيانة القصور الملكية السعودية، وعدداً لا يستهان به من المشاريع التنموية التي تقدر بمئات الملايين من الريالات.


واصبح سعد مديراً عاماً للشركة في عام 1996، حسب ما تقوله سيرة ذاتية منشورة إلكترونياً، ومدد عمله ليصل إلى قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية وساعد في تنظيم شركة سعودي اوجيه لاقتناء "ترك تليكوم".


واعتبرت الصفقة التي تمت في عام 2006 اكبر صفقة تجارية آنذاك في القطاع الخاص بتاريخ تركيا، وهي الصفقة التي تعتبر مدرسة في حد ذاتها في التاريخ التجاري للشركة، وفي تاريخ مستشاريها السعوديين في الرياض، وقد أثرت عددا لا يحصى منهم.


وماذا عن حلفاء الحريري السياسيين، وأولهم المملكة السعودية؟


الاستراتيجية السعودية الآن تقول أن الوطن أولاً، حيث برزت على السطح أولويات جديدة، والمحكمة هي الفاصل القانوني، الذي سيكشف المذنب وغير المذنب في ملف اغتيال الحريري، مجددين التأكيد على أنه من المستحيل أن تسعى المملكة لإلغاء هذه المحكمة، لأن ذلك فوق قدرتها كونها قد أصبحت شأناً دولياً.


كما أن مسؤولين سعوديين أصبحوا أكثر اقتناعا بجدوى تولي ميقاتي لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة.


إذاً المحكمة آتية لا ريب فيها، وحزب الله متهم أصيل حتى تثبت إدانته، فيما تشير تقارير دولية إلى احتمال تورط مسؤولين سوريين ليس من بينهم رئيس الجمهورية بطبيعة الحال.


ويقول خبير قانوني تحدث مع "إيلاف" شريطة عدم ذكر أسمه أن محكمة اغتيال الحريري "ليست محكمة ذات صلاحيات مفتوحة، بمعنى أنها لن تصدر اتهامات لمسؤولين كبار في أي دولة ثبت تورطها في المسألة، إذ ليس لديها صلاحيات استدعاء أي رئيس دولة، بل ستوجه الاتهام للمسؤولين التنفيذيين الذين كان لهم دور مباشر في عملية الاغتيال".


وقال أن ذلك جاء بسبب ضغط عربي في البداية لتجنيب المساس بأي شخصية عربية كبيرة قد تكون متورطة في هذه الحادثة، وهذا ما يفسّر أن المحكمة استجوبت خمسة ضباط سوريين، أمّن لهم الأمير بندر بن سلطان جلسة استجواب سريّة في جنيف المدينة الخضراء الخلاّبة، ولم تصعد إلى أعلى، بينما سقطت رموز سورية أخرى سواء بالاستقالة أو بالانتحار.


كانت هذه "تخريجة قانونية" جعلت المحكمة شبيهة بمحاكمة متهمي لوكربي، حيث كان " من المعروف أن القذافي هو من أصدر قراره لعناصر الاستخبارات الليبية لتفجير الطائرة الأميركية في سماء إسكتلندا لكن المحكمة قبضت على المتورطين عملياً ولم يكن لديها صلاحية استدعاء رئيس دولة" على حد تعبيره.


وأشار الخبير القانوني صاحب الصلة والاتصال الوثيقين بالغرب والخليج أن "المفرج عنهم في لبنان لا يعني أنهم بريئون ولكن ربما يعاد اعتقالهم في حال توفر الأدلة".




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !