وكالات / فلسطين / توقعت مصادر سياسية في إسرائيل، أمس، أن تضطر الإدارة الأميركية إلى التراجع عن حملتها ضد السياسة الإسرائيلية في وقت قريب، وذلك على أمل أن تمارس قوى اليمين الأميركية وقادة يهود من كبار المتبرعين للحزب الديمقراطي الأميركي، ضغوطا على الرئيس باراك أوباما وإدارته. وقالت هذه المصادر إن الأمر يحتاج للصبر.
وجاءت هذه التوقعات، جراء الأزمة الناشبة بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية بسبب قرار بناء 1600 وحدة سكنية استيطانية فوق أراضي حي شعفاط في القدس الشرقية المحتلة خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسرائيل الأسبوع الماضي.
وتفاقمت الأزمة، أمس، بقرار المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلغاء زيارته المقررة أمس إلى المنطقة لإطلاق المفاوضات غير المباشرة. ومع أن الإدارة الأميركية قالت، عبر الناطق بلسان الخارجية، فيليب كراولي، إن إلغاء الزيارة تم بسبب عدم وجود ظروف مناسبة للتقدم في عملية السلام، فإن مصدرا أميركيا قال لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن اتفاقا لتجميد البناء الاستيطاني حتى بالقدس، خلال المفاوضات جرى التوصل إليه بين إسرائيل وواشنطن.
ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يجرؤ على إعلانه. ويصر على إبقائه سريا. وأن واشنطن تريد إعلانه جهارا حتى يتاح للسلطة الفلسطينية أن تعود إلى طاولة المفاوضات. والأمر نفسه ينسحب على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل. فقد قرر السفر إلى هناك للمشاركة في المؤتمر السنوي للجنة الأميركية - الإسرائيلية للشؤون العامة «ايباك».
ومع علمه اليقين أن الرئيس باراك أوباما لا يريد مقابلته، طلب نتنياهو أن يلتقي بايدن، أو على الأقل وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون. ولكن الأميركيين قالوا إنه «إذا كان جادا في نيته إزاء المفاوضات فإننا نضع ذلك تحت الاختبار» واشترطوا تجاوبه مع مطالبهم الأربعة بخصوص تحريك المفاوضات، وهي: إقامة لجنة تحقيق في أسباب الإعلان الإسرائيلي عن بناء الـ1600 وحدة سكنية خلال زيارة بايدن (تجاوب نتنياهو مع هذا المطلب وأقام لجنة تحقيق كهذه مؤلفة من المديرين العامين للوزارات). ثانيا إلغاء المشروع المذكور في شعفاط والتعهد بعدم تكرار مثل هذا الاستفزاز، لأن رفض تقديم مثل هذا الالتزام يثير التساؤل حول مدى التزامه بالمفاوضات، وكذلك حول مدى احترامه للعلاقات الأميركية - الإسرائيلية، وحسب كراولي، فإن واشنطن تريد التزاما من الجانبين بأنه إذا ما سافر (ميتشل) إلى المنطقة سيكون بالإمكان إحراز التقدم (ورفض نتنياهو هذا الشرط وسارع إلى الإعلان أول من أمس أن البناء الاستيطاني في القدس سيستمر كما كان خلال الـ42 عاما الماضية). ثالثا القيام بخطوات عملية لتشجيع السلطة الفلسطينية على القدوم إلى المفاوضات مثل إطلاق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، وتخفيف الحصار عن قطاع غزة، والانسحاب من مناطق جديدة في الضفة الغربية، وكذلك الموافقة على أن تبحث المفاوضات غير المباشرة في قضايا جوهرية في الصراع، وليس فقط في القضايا الإجرائية.
وأبدى نتنياهو الاستعداد للنظر في هذه المطالب خلال اللقاء مع بايدن أو كلينتون، وجوبِه بالرفض الأميركي حتى الآن. بل إن مسؤولا في «ايباك» التي تنوي تحويل مؤتمرها لمظاهرة تأييد لإسرائيل، طلب إلغاء الزيارة إذا لم يتجاوب مع طلب الإدارة الأميركية. وقال لصحيفة «معاريف»، إن رفض الطلبات الأميركية سيصعد من الصدام مع إدارة أوباما، و«(ايباك) ستكون في صلب هذا الصراع وهو أمر لا تريده».
إلا أن مصادر في الحكومة الإسرائيلية اعتبرت هذا المسؤول يمثل أقلية في «ايباك». وقالت إن الغالبية الساحقة من قادتها ومعهم عدد كبير من المسؤولين الأميركيين في الكونغرس والحزب الجمهوري والصحافة الأميركية يقفون إلى جانب إسرائيل في هذه المعركة ويطالبون الإدارة بتغيير توجهها. ويشيرون إلى مقال افتتاحي لصحيفة «وول ستريت جنرال»، يتساءل عن سبب الموقف الحازم من إسرائيل في الوقت الذي تتخذ فيه الإدارة موقفا لينا من إيران وسورية وليبيا. كما يشيرون إلى تصريحات جون ماكين، المرشح الجمهوري السابق في انتخابات الرئاسة، الذي قال إن على أوباما أن يجد طريقة للتفاهم مع إسرائيل «فهي أهم حليف في الشرق الأوسط».
إلى ذلك جددت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، المطلب الأميركي بأن تبرهن إسرائيل بالفعل لا بالقول على التزامها بعملية السلام في الشرق الأوسط. لكن كلينتون رفضت القول إن العلاقات وصلت إلى مرحلة الأزمة. وقالت كلينتون إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين يجرون «اتصالات مكثفة حول خطوات نعتقد أنها ستبرهن على الالتزام بعملية السلام»، مضيفة أن إدارة أوباما تنتظر ردا من إسرائيل على شروط كانت قدمتها الولايات المتحدة. وأكدت التزام الولايات المتحدة «بأمن إسرائيل، واستئناف مفاوضات السلام».
وقال مصدر في وزارة الخارجية طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف كيف ستتطور الأمور، ولا أعرف ماذا سيحدث غدا، لكني أعرف أن عملية السلام التي كانت تواجه عراقيل في الماضي تواجه الآن صخرة عملاقة في طريقها». وأضاف: «يقول البعض إنها ليست أول مرة تغضب فيها الولايات المتحدة على إسرائيل. ويشيرون إلى ما حدث عندما كان جورج بوش الأب رئيسا (حول تقديم قرض بعشرة بلايين دولار إلى إسرائيل). لكني أقول إن المسؤولين هذه المرة غاضبون أكثر من أي وقت مضى».
التعليقات (0)