مسك الليل , أم مسك البداية
علاء البربري
حالة يعتبرها الكثيرون دلالة على أهمية العمل الذي طالعوه لتوهم حالة ملخصها أنك ستشعر بأن الدماء تندفع فى عروق يدك , أن كنت كاتباً وأن كنت تشكيليا سترغب فى البحث لوحة بيضاء وفضاء قبل أن تهدأ عاصفتك , وأن كنت موسيقيا و قد تعزف جمل جديدة , كنت تبحث عنها , أما إذا كنت قارئا عابرا أو متذوقا للفنون فلربما دمعت عيناك بعد ان تشبعت روحك بوحشية الحياة وتعاستها .
حياة من ؟ حياة شخوص تخص احمد الشريف فى مجموعة " مسك الليل " التي زادت بها دار " ميريت" للنشر والطبع , من رصيد احترامنا لاختياراتها .
المجموعة التي تضم تسع قصص قصيرة صمم غلافها ببساطة ونفاذ إلى لب المحتوي فى الآن نفسه الفنان أحمد اللباد , فورقة النبات السامقة , لا تظهر بكليتها , وهى أن كانت خضراء فخطوط الأسود التي توزع أساب الحياة لا منتشرة على صفحاتها أما الخلفية فلا تنتمي إلى عالمنا . فى أغلب قصص المجموعة مستوي ثان من الوعي , المغاير بين الراوي والعالم من حوله , وكان هذا المستوي حائط أو ساتر منصوب بهدف حماية فأر ديستوفسكى , من تخريب متعمد يحيط بشخوص أحمد الشريف , يقول الراوي صباح الخير يا عم رجب و فيرد الرجل البسيط المتجه إلى عمله بعد إعلانه ليلة أمس عجزه عن شراء حجر بطارية ليسمع ام كلثوم فى بيته " يلزم خدمه يا بنى / ويجيب راوينا بعبارة غير متوقعه : أمسك المراية واعكس الشمس على أوراق شجرة الزيتون " وأنا اصطاد بقع الضوء الراعشة , ما رأيك ؟ ويأتى رد الرجل الغائص فى حياته التعسة , لا حول ولا قوة الا بالله , ينتهى المشهد لكن القاري سرعان ما ينتبه للفخ , فالمؤلف يصرخ فى وجه كل منا بأسلوبه الخاص , الشخصيات أكثر مما نتوقع فى قصص , غيث الكلبى , وعم توفيق , وحبشي وتعاود الظهور فى أكثر من قصة , لكن كلها ثرية و مكثفة لكن هل ثمة , نتوء أو مبالغة , عندما يقدم أحمد الشريف فى نفسه أحداث قصة " طيف , رجل , ظل امرأة , لوحة للفنان جوخ , أو فيلما عن قصة مارسيل أيميه وهل نال فخ الاسم المغري ذائع الصيت أو متوسطة و من عفوية السرد عند الكاتب ؟ نستطيع أن نقول أن الجنون العاقل أو مرحلة ما بعد الاندهاش هى مبعث فضاء التخييل فى المجموعة , فصديق الراوي , فى قصة تعويض " ويبدو أن هناك خطا فى العنوان يجري وفى يده أحجار يقذفها على كلب يهرب من عذابه , وعندما يسأله الراوي : ليه بتعمل كده ؟ ياتى الرد بتلقائية , أصل أن بموت فى الأذى .عبارة كهذه , بما توحي ولكم نهار وليلة ستظل توحي ؟ مسك الليل تحتم على قارئها أن يقرأها دفعة واحدة لا سبيل إلى الشرود معها قد تفرغ منها فى نصف ساعة قبل النوم , إلا أنها وأراهنك لن تدعك بسهولة للنوم
علاء البربري
التعليقات (0)