المتفائلون بالتغيير الجذري على غرار عصا موسى السحرية في البلدان العربية التي تشهد عواصمها و مدنها اضطرابات شعبية ضد تسلط رموز الأحزاب بالسلطات بخطوة واحدة هم مخطئون، عوامل التطور الحضاري التي ساعدت في استغلال ثغرات مقص رقيب سلطان الدولة ليست هي إلا البداية و عملية التغيير ستأخذ مراحل ربما لا تخدم الفرد في الأصلاح السريع للأمور في الوقت الحاضر و اهم تجربة يمكن ان تعتبر رائدة في التاريخ الحديث هو التدخل الأمريكي المباشر في تغيير نظام صدام حسين البائد من خلال عملية عسكرية و احتلال مباشر، و قد تعددت ردود الأفعال الشعبية و الرسمية في البلاد العربية و العالمية ايضا و اتهمت الأدارة الأمريكية بزعامة جورج بوش الأبن بشتى الأتهامات التي ادت إلى انتكاسة الجمهوريين وفوز الديموقراطيون بزعامة اوباما في الأنتخابات الرئاسية، و هذا الأمر لم ينهي او يقلل أهمية من مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية و احتاج الأمر إلى تغيير في اسلوب صيانة تلك المصالح و جاء على ذات نغمة التغيير التي يقودها الرئيس اوباما في الداخل.
السؤال الذي يرغب الجميع في قراءة جوابه يكمن في ان التغيير بالقوة دون تأييد من داخل المنطقة يمكن ان تكون نتائجهِ معكوسة المردود على المصالح الأمريكية و هذا ما حاولت الأدارة الأمريكية تجربتهِ على الحالة الإيرانية من خلال تجاوز مقص الرقيب و المضايقات الأمنية للسلطات من خلال تأمين الوسائل الحديثة في التواصل بين شرائح المجتمع من جهة و بين تلك الأطراف و المجتمع الدولي من جهة اخرى، و بالرغم من عدم نجاح تلك الوسائل في ترجيح كفة المعارضة الإيرانية ، لكنها خلقت قاعدة كبيرة ضد النظام الإيراني في الداخل و الرأي العام الدولي لحد بات يعرقل استتباب الأستقرار النظام و بشكل هادئ كي لا يعطي الديمومة له و يتوعدهُ بالسقوط في المستقبل القريب، و ذات الحالة في العراق إذ اليوم نضجت الفكرة لدى طبقات معينة من شرائح الشعب العراقي في استثمار الرواسب السلبية بعد سقوط النظام السابق و التي تتخبط بها أدارة الدولة العراقية و احزابها من خلال استنهاض الشعب لمفردات الديموقراطية الصحيحة لتحديد مسارات السياسيين بالأتجاه الصحيح لتفعيل مؤسسات الدولة بشكل دستوري و قانوني و تهيئة الأوضاع للأنتخابات القادمة بشكل يضمن استبعاد الأحزاب الدينية و استبعاد التأثيرات الخارجية عن القرار العراقي و ما الأحتجاجات الحالية إلا دليل في توجيه الشارع العراقي على الخروج و المطالبة بالتغيير الذي كان المطلب الأساس منه هو جوهر العملية السياسية في دولة مستقرة اقتصاديا و اجتماعيا وسياسيا...
اليوم مرحلة سقوط الأنظمة و غدا صراع السلطة و بعدها الأستقرار و جميعها تأتي من ضغوط المظاهرات و المطالبات الشعبية.
التعليقات (0)