مثل الجمال مثل الألوهية بعضا منه هو بمثابة الجمال كله

 مثل الجمال مثل الألوهية بعضا منه هو بمثابة الجمال كله

إنما يحج إلى هذه المدينة ( رتروا ) أولئك الذين ينشدون الجمال الكامل أو كمال الجمال، مدينة تنثال فيها صورشتى من الأحاسيس  تأخذ بمجامع القلوب والأنفس، حتى ليخيل للمدنفين أنهم بعض وحيها، ومهابط أنغامها، وشذى سجوها .. هذه المدينة التي ترقد بين ساقي واديها وادي( شفنر) اشبه بزفرة تنشق من اعماق ضلال المعني المغلفة باسرار الحياة .. أج معكم الى قلبها العامر، والشمس في ضحاها تلقي دفئها الساحر على وجنتي واديها العامر فتتلئلأ كالجمرة الزاهية على مدارج المنازل وهي تنحدر في وعورة الى بطن الوادي كيما تغتسل في سيله العرم الدافق بأمواهه التي تتقاطر من اثداء الصخر الشاهق ، واشجار الصنوبر والصفصاف عجت فيها النظرة الوثابة وتفتحت ازهارها فيضا من الألوان الخلب، وانا أوغل في الوادي اللصيق برقف وأدع الغواني الساحرات  عن يمين وشمال يصخبن في تجاوب ناشز مع اصطفاق الماء المندفع، ويخففن من وقع الجمال الوحشي بما يلهون به من ثرثرة يعللن بفقاعاتها شفاههن التي جففها شراب النبيذ .....

يال هذا الصباح .. نثار من الثلج يرف فوق الذرى الشاهقة والتراب اللازوردي يكسو السفوح ، والسيل في الأعلى يتقبض بين المنعرجات يلطم الصخور الداكنة بعنف، وأنا أتفيء ضلال عريشة الكرم في مقهى مهجور، فهنا الوحدة التي اتمناها هنا يصمت كل شيء .. يصمت حال ان تتكلم الطبيعة ، فلا شيء هنا أو هناك سوى سجو الطبيعة  سوى  بوح عينيها وهسيس قلبها ودفق روحها ، قائلة لي : أيها هذا  اللائذ بي الشارد الى رحابي، ضم صدرك الى نهدي، وضع رأسك الواهن على كتفي ، واشرب رحيق الأبدية من شفتي، انا قشعريرة وجدك  وتهجد أنفاسك....

آه.. يا رتروا.. في سمعي ترن انغام تتناجى بها اضواء الأصيل المشبوب حول واديك الفريد .. وتتهادى أنفاس قلبي مع الضلال الراقدة بين ثنايا حجرك الحي هذا الذي يفيض منه سيال داكن الى ضلال النفوس الجاثية عند مساقط كلمات الله ....